انتهت الجولة الثانية من المفاوضات بين فصائل المعارضة في القنيطرة والوفد الروسي، مساء الأربعاء، في مدينة بصرى الشام شرقي درعا. وأكدت مسودة اﻹتفاق على البدء بوقف إطلاق نار شامل، يستمر إلى أجل مفتوح، بحسب مراسل "المدن" خالد الزعبي.
وتم التوصل للاتفاق، بعدما عقدت القوات الروسية جلسات تفاوضية في أكثر من مكان، وبشكل منفرد مع أطراف المعارضة في القنيطرة، لشرذمة مطالبها، وأيضاً بسبب تعقيدات الوضع في القنيطرة وارتباطها باتفاق العام 1974 الذي يحددها كمنطقة منزوعة السلاح تحت إشراف قوات دولية، بحسب مراسل "المدن" ينال الحمدان.
والمنطقة المعروفة بخط اتفاق العام 1974، المتاخمة بشكل مباشر للسياج الحدودي مع إسرائيل، والخاضعة بمعظمها لسيطرة فصائل المعارضة المسلحة، لم تتعرض لأي قصف، ولم تشهد أي معارك خلال الفترة الماضية. واتفاق العام 1974، هو اتفاق "فك الاشتباك" بين سوريا وإسرائيل، الموقع في 31 حزيران/مايو 1974، في جنيف بحضور ممثلين عن الأمم المتحدة والاتحاد السوفييتي والولايات المتحدة. وتتضمن الاتفاقية إن إسرائيل وسوريا ستراعيان بدقة وقف إطلاق النار، وستمتنعان عن جميع الأعمال العسكرية، وسيجرى الفصل بين القوات الإسرائيلية والسورية، بوجود منطقة فصل ترابط فيها قوة تابعة للأمم المتحدة.
وكانت جلسة تفاوضية، قد عُقدت صباح الأربعاء، في مقر قيادة "اللواء 90" بين الطرف الروسي وضباط من "الأمن العسكري"، وبين عدد من وجهاء منطقة "مثلث الموت" وممثلي بعض الفصائل المسلحة العسكرية في القنيطرة. وطلب الجانب الروسي من الفصائل المسلحة تسليم سلاحها الثقيل والمتوسط، وإبقاء سلاحها الخفيف، ومحاربة "هيئة تحرير الشام" بدعم جوي روسي". وهدد الجانب الروسي المعارضة، في حال رفضها الاتفاق أو "المصالحة" بالدخول، بالقوة، إلى نقاطها في القنيطرة والسيطرة عليها.
مساء الأربعاء، عادت الأمور إلى مجاريها، بعدما توصلت القوات الروسية مع "قوات جيش الجنوب" المعارضة، بشكل منفرد، إلى اتفاق يقضي بإدارة "جيش الجنوب" لمناطق المعارضة في القنيطرة.
وينص الإتفاق على "تسوية وضع" من يود البقاء من المعارضة بعد "عفو عام"، وعلى "عدم الملاحقة اﻷمنية للضباط والعناصر المنشقين" عن قوات النظام والمدنيين الذين سبق لهم أن كانوا ضمن صفوف المعارضة المسلحة، ومنح مهلة مدتها 6 أشهر للمتخلفين عن الخدمة اﻹلزامية. ولا يشمل "العفو كل من تم توثيق قيامه بإعدامات ميدانية من دون محاكمة". ويتم تسليم السلاح الثقيل والمتوسط وفق مدة زمنية يتم تحديدها لاحقاً.
وتطرق اﻹتفاق لعودة "جميع" مهجري الجنوب الدمشقي، بإستثناء الحجر اﻷسود لإنه "غير صالح للسكن"، باﻹضافة لعودة المُهجّرين من ريف دمشق الغربي في منطقة "مثلث الموت" وصولاً إلى حمص.
ويدخل "اللواء 90" و"اللواء 61" برفقة الشرطة العسكرية إلى مناطق اﻹتفاق، على أن تكون المنطقة منزوعة السلاح وفق اتفاقية العام 1974، ويتم تنسيق الدخول مع الفصائل المتواجدة في القطاعين الشمالي والجنوبي من القنيطرة.
اﻹتفاق يعطي الموظفين في دوائر الدولة والمنقطعين عنها وطلاب الجامعات "حق العودة" إلى جامعاتهم والدوائر الحكومية التي كانوا يعملون بها قبل الثورة، ومن لا يرغب في "التسوية" يمكنه الخروج إلى إدلب مع السماح لمن يرغب في الخروج بحمل بندقية وثلاثة مخازن، ويجري التفاوض على إمكانية نقل السلاح والسيارات الخاصة.
وينص اﻹتفاق على تشكيل لجنة لمتابعة أمور المعتقلين، و"ضمان الحريات والحق في التعبير عن الرأي تحت سقف القانون" بحسب مسودته.
وستدخل حافلات التهجير لرافضي الاتفاق، من مدينة البعث إلى نقطة عبور المهجرين في القنيطرة وبلدة القحطانية، الساعة العاشرة من صباح الخميس. وبعد اﻹنتهاء من خروج الحافلات، ستسلّم المعارضة نقطة قوات الحماية الدولية "اﻷندوف" في بلدة أم باطنة في ريف القنيطرة اﻷوسط، لتدخل الشرطة العسكرية الروسية إلى النقطة المتواجدة في بلدة رويحينة.
ويضمن اﻹتفاق ترحيل الجرحى من رافضي الإتفاق، والذين يتلقون العلاج حالياً خارج سوريا، إلى محافظة إدلب بعد عودتهم إلى سوريا. ومن المقرر دخول 300 حافلة إلى ريف القنيطرة اﻷوسط، وإلى مدينة الصنمين في ريف درعا الشمالي، وإلى بلدة محجة ومدينة بصرى الشام شرقي درعا.
وشمل اﻹتفاق فصائل المعارضة المتواجدة على أرض القنيطرة باﻹضافة إلى "هيئة تحرير الشام" المتواجدة في القنيطرة، وفي مدينة نوى غربي درعا. وأكد على ضروة تسليم "الهيئة" لتل الجابية القريب من مدينة نوى، أحد أهم المواقع التي تتمركز فيها، وذلك لمنع "جيش خالد بن الوليد" المبايع لتنظيم "داعش" من الوصول إلى التل. وكان تل الجابية قد تعرض لقصف مكثف وبمختلف أنواع اﻷسلحة خلال اليومين الماضيين.
مصدر مطلع على المفاوضات قال لـ"المدن" إن فصائل المعارضة، كـ"جيش الجنوب" غير مُجبرة على تسليم سلاحها الثقيل، وبقاؤها في منطقة 1974 هو "فرصة"، طالما تُجري إسرائيل مفاوضات مع الجانب الروسي حول المنطقة، لضمان "عدم دخول قوات النظام إليها عسكرياً". وأكد المصدر أن "جيش الجنوب" تلقى ضمانات بعدم دخول قوات النظام إلى منطقة 1974.
مصادر "المدن" أشارت إلى وجود خلافات ما بين "ألوية حركة أحرار الشام الإسلامية" و"هيئة تحرير الشام" من جهة، و"جيش الجنوب" من جهة أخرى، وسط سعي "جيش الجنوب لإخراج الفصائل الإسلامية" إلى الشمال السوري.
وكانت "هيئة تحرير الشام" قد عرضت على قوات النظام والطرف الروسي، تسليم جثث قوات النظام التي تم سحبها من مطار أبو ضهور العسكري في إدلب، مقابل السماح لـ"الهيئة" بالانسحاب الكامل، أي بأسلحتها الثقيلة ومعداتها وذخائرها المهمة بالإضافة إلى السيارات العسكرية، من دون العربات أو المجنزرات العسكرية.
وبحسب مصادر "المدن" فإن الطرف الروسي قد يسمح لـ"الهيئة" بإخراج بعض السيارات وبعض أسلحتها الثقيلة، على أن تُسلّم نسبة كبيرة منها، خاصة المجنزرات الثقيلة كالدبابات وناقلات الجنود، وعدم احراقها.
وعلى الرغم من ذلك، تتابع قوات النظام تقدمها على أطراف القنيطرة الشرقية، وبدأت تقدمها في ريف درعا الشمالي، وأصبحت على اطراف بلدة نبع الصخر من الجهة الشرقية وسيطرت على تل المحص وتقدمت منه باتجاه سرية عين التينة.
وشنّ الطيران الحربي والمروحي غارات استهدفت بلدة غدير البستان وأطراف بلدة عين التينة وبلدات نبع الصخر وأبو غارة والسكرية. واستهدفت قوات النظام المتمركزة في تل الحارة بلدة الهجة ونبع الصخر بالمدفعية الثقيلة وراجمات الصوريخ، وردت فصائل المعارضة بقصف تل الحارة بالمدفعية الثقيلة.
وشهدت القنيطرة موجة نزوح جديدة سلكها المدنيين إلى المناطق الحدودية خوفاً من القصف الروسي على المنطقة، ونزحت بعض العائلات مناطق "المصالحة" في درعا.
قوات النظام كانت قد سمحت ﻷهالي بلدة خربة غزالة شرقي درعا، الأربعاء، بزيارة بلدتهم لساعات، وتفقد ممتلكاتهم، على أن تتم العودة إلى البلدة، في وقت لاحق "بعد تأهيلها". ومن المقرر أن تبدأ الخميس عملية إعادة المقاتلين من أبناء بلدة غباغب المتواجدين في أرياف درعا الغربية والشرقية وريف القنيطرة إلى بلدتهم، التي شهدت ليل اﻷربعاء/الخميس، تواجداً أمنياً مكثفاً من قبل "اﻷمن العسكري" لـ"تسوية أوضاع" العائدين، والذين تجاوز عددهم الـ500.
اشترك معنا في نشرة المدن الدورية لتبقى على اتصال دائم بالحدث
التعليقات
التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها