دخلت قوات النظام، والشرطة العسكرية الروسية، إلى مدينة طفس في القطاع اﻷوسط من ريف درعا الغربي، بعد اتفاق مشابه ﻹتفاق بصرى الشام. ورفعت قوات النظام العلم على الدوائر الحكومية في المدينة. بعدها بساعات دخلت قوات النظام والشرطة الروسية إلى مهد الثورة في درعا البلد، ورفعت العلم بالقرب من مركز البريد الذي لا يبعد سوى أمتار قليلة عن الجامع العمري، الذي شهد أول حراك سلمي في أذار/مارس 2011.
مصدر محلي من درعا البلد، قال لـ"المدن"، إن دخول محافظ درعا محمد خالد الهنوس، برفقة الشرطة العسكرية الروسية، وبعض الضباط، جاء بعد اتفاق بين قادة من المعارضة والوفد الروسي المكلف بالمفاوضات، وبعد إصرار روسي على رفع العلم في المنطقة. وأضاف المصدر أن قوات النظام لم تقترب من الجامع العمري بحسب اﻹتفاق، الذي نص أيضاً على منع الهتافات التي تحيي بشار اﻷسد، واﻹبتعاد عن ذكر عودة المنطقة لسيطرة اﻷسد، وهو ما تم بالفعل وظهر في وسائل إعلام النظام.
المصدر أكد أن المدة التي قضاها المحافظ وضباط النظام برفقة وسائل إعلام النظام في المنطقة لم تتجاوز 15 دقيقة، ليخرجوا بعدها بإتجاه الصوامع وسجن غرز خارج درعا البلد.
وكان الوفد الروسي قد رفض رفع علم النظام في حي طريق السد أو مخيم درعا وأصر بشدة على أن يكون في درعا البلد، نتيجة لرمزية المكان، الأبعد من الجغرافية، ما يعني أن النظام رفع علمه على المكان الذي اندلعت منه الثورة قبل 7 سنوات، في رسالة داخلية لمؤيديه ومعارضيه تحمل في طياتها أن النصر حليفه، وأن السيطرة على كامل الجغرافية السورية مسألة وقت فقط، ورسالة خارجية إلى الدول الداعمة للمعارضة مفادها أن التعامل مع النظام بات ضرورة بعد هزيمة معارضيه.
وكانت قوات النظام قد دخلت إلى تل عنتر القريب من بلدة كفرشمس شمال غربي درعا وإلى تل العلاقية القريب من كفرناسج، من دون قتال. واستهدفت مدفعية النظام المتمركزة في "الفرقة التاسعة" المنطقة بعشرات القذائف والصواريخ بعد محاولة "هيئة تحرير الشام" إعادة السيطرة على التلال. وفشلت "الهيئة" في الوصول إلى التلال بعدما تصدت لها قوات قائد "لواء بركان حوران" وسيم الزرقان، بإسناد ناري كثيف من قوات النظام.
وتزامن ذلك مع اجتماع لممثلين عن قرى وبلدات جاسم ونوى والحارة ونمر، في بلدة كفرشمس، وتعرض الوفد ﻹطلاق نار أصيب على إثره أحد عناصر المرافقة. وقيل إن الاستهداف، كان غير مقصود، نتيجة اﻹشتباكات مع "هيئة تحرير الشام".
وتمكنت قوات النظام من بسط سيطرتها على بلدة كفرناسج، ليل الخميس/الجمعة، بعد قصف مكثف تعرضت له، ما اضطر فصائل المعارضة فيها للإنسحاب، بعد قطع المليشيات للطريق الواصل إلى البلدة نتيجة سيطرتها على التلال المحيطة بها.
تسليم المنطقة كان بالتنسيق المباشر مع وسيم الزرقان، والذي تربطه علاقات جيدة مع النظام منذ العام 2015، والمتورط بقتل العديد من عناصر الجيش الحر بعد زرع عبوات استهدفت سياراتهم، كما استهدفت العبوات التي زرعها في تل عنتر بأوامر مباشرة من "الفرقة التاسعة" منع الفصائل من الاقتراب من التل.
ومن المتوقع دخول قوات النظام والشرطة الروسية إلى بلدة كفرشمس، السبت المقبل. وعمل الرزقان على بث الشائعات خلال اﻷيام الماضية بهدف اﻹسراع في إتمام إتفاق منطقة الجيدور، من خلال رسائل تقول إن النظام سيبدأ إقتحام المنطقة وقصفها بمختلف أنواع اﻷسلحة خلال ساعات في حال لم يتم القبول بالشروط والتوصل ﻹتفاق مشابه لباقي المناطق.
في الريف الشرقي من درعا، بدأ فرع "اﻷمن العسكري" حملة تفتيش في بلدة الجيزة، ومصادرة اﻷسلحة الخفيفة والمتوسطة، باﻹضافة ﻹعتقال بعض الشبان بحجة انتمائهم لـ"جبهة النصرة" من دون أن يعرف مصيرهم. وتخالف هذه اﻷفعال اﻹتفاق الذي يسمح لعناصر المعارضة بالحفاظ على أسلحتهم الفردية حتى تتم تسوية أوضاعهم والتحاقهم بصفوف قوات النظام.
كما أن دخول ضباط من قوات النظام إلى مدينة طفس كان مخالفاً أيضاً للاتفاق، الذي نص على رفع علم النظام على الدوائر الحكومية في المدينة، ودخول قوات من الشرطة العسكرية الروسية فقط. ويعتبر صمت "الضامن" الروسي عن هذه التجازوت إشارة بالرضا والقبول بأفعال النظام، وإثبات بأن روسيا لن تضمن اﻹتفاق لمدة طويلة. ويجعل ذلك من مخاوف اﻷهالي من اﻹعتقال وعمليات اﻹنتقام، أمراً مبرراً وشديد الأهمية، وذلك بعد ان يتم تجريد الفصائل من سلاحها.
مخاوف عززها النظام بإرسال عشرات اﻷسماء لمعتقلين من بلدة غباغب قال إنهم قضوا "بأمراض وأزمات قلبية حادة" في سجونه، ما اعتبره اﻷهالي طياً لملف المعتقلين، بشكل شبه نهائي. واعتبر البعض أن النظام أقدم على إرسال قوائم الذين قضوا تحت التعذيب من المعتقلين في سجونه إلى السجل المدني في البلدة، هو نتيجة فعلية لما يعتبره انتصاراً في درعا، إذ لم يكن ليتجرأ على ذلك الإعلان في السابق، خوفاً من ردة فعل اﻷهالي، التي لم تعد تعنيه.
التعليقات
التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها