شهدت بلدات من ريف درعا الشرقي، خلال الساعات الماضية، مظاهرات واحتجاجات من الأهالي وعناصر الجيش السوري الحر، طالبت بطرد ما اسموه "القيادات الخائنة" للمعارضة، وقطعت عدداً من الطرق في المنطقة، وأشعلت الإطارات.
ويأتي ذلك على خلفية تداول أنباء حول توقف العمل العسكري الذي كانت قد توعدت به "الجبهة الجنوبية" المعارضة قوات النظام، نصرة للغوطة الشرقية. ولم تصدر حينها أي بيانات رسمية من "الجبهة الجنوبية" حول العملية العسكرية المرتقبة، إلا أن مصادر محسوبة عليها صرحت مراراً وتكراراً بذلك، وطلبت من الأهالي إخلاء البلدات الملاصقة لخطوط التماس مع قوات النظام استعداداً للمعركة.
إنهاء العمل العسكري في الجنوب كان بمثابة "الصدمة" لعناصر الجيش الحر والأهالي، خاصة في قرى الريف الشرقي التي أخليت من السكان خلال الأسابيع الماضية، وفق ما قالته مصادر "المدن".
وأكدت ثلاثة مصادر عسكرية، لـ"المدن"، أن الولايات المتحدة كانت قد طلبت من فصائل "الجبهة الجنوبية" عدم القيام بأي عمل عسكري حفاظاً على أمن الجنوب السوري والمدنيين. وأضافت المصادر، أن الولايات المتحدة أخبرت فصائل "الجنوبية" إنها ستقدم لها الدعم الكافي في حال حدوث أي اعتداء على الجنوب السوري، وأنها في الوقت الراهن تفضل إبقاء الجنوب بعيداً عما يحدث.
وتحاول دول "أصدقاء سوريا" المتحكمة بقرار الجنوب السوري إبقاءه بعيداً عما يجري من تصعيد. وقال المتحدت الرسمي باسم "جيش الثورة"، أبو بكر الحسن، لـ"المدن"، إن "النظرة الموضوعية لمستقبل الجنوب بالاعتماد على المقومات الداخلية والظروف الدولية توضح أنه إلى أمد متوسط سيبقى على وضعه الراهن وتحت سيطرة قوى الثورة"، مؤكداً: "لن تستطيع مليشيات النظام التقدم".
واستبعد الحسن، وفصيله أحد مكونات "الجبهة الجنوبية"، أي عمل عسكري باتجاه مناطق النظام في الوقت الراهن، مشيراً إلى أن "المنطقة لا تزال تعيش حالة من خفض التصعيد"، إلا أن التجاوزات المستمرة للنظام من خلال قصفه المدنيين وحدوث طلعات لسلاح الجو على نقاط في ريف درعا "تجعل باب الرد عليها واسعاً ومنفتحاً على جميع الاحتمالات".
مصدر عسكري من "الجبهة الجنوبية"، قال لـ"المدن"، إن "مصير الجنوب تملكه اليوم الولايات المتحدة بالدرجة الأولى من خلال شركائها بالداخل السوري"، مؤكداً أن "الكل الآن يجهل ما هي سياسة أميركا في الجنوب السوري". وأضاف المصدر أنه "في حال قدمت روسيا للولايات المتحدة ضمانات بعدم وجود قوات إيرانية في الجنوب السوري، هنا ستكون الكارثة، إذ قد ترفع أميركا يدها عن الجنوب، كما حصل في عفرين".
وتابع المصدر أن إغلاق غرفة عمليات تنسيق العمليات "الموك" في عمان، فتح المجال أمام العديد من الدول العربية والغربية للتدخل بالجنوب السوري، بشكل أكبر، بحيث "أصحبت كل دولة تدعم فصيلاً حسب سياسة الدولة الداعمة، واليوم في الجنوب سياسة الفصيل من سياسة الدولة الداعمة".
وأبدت بعض مصادر "المدن" العسكرية مخاوفها من "عشوائية الدعم"، خاصة أن ذلك سيكون وفق سياسة الدولة الداعمة ومصالحها، وهو الذي قد يؤدي لحدوث "فجوات" بين فصائل "الجبهة الجنوبية" التي كانت تعتبر الجبهة الأكثر تماسكاً وانسجاماً ضمن المعارضة السورية.
من جهته، اعتبر المنسق العسكري في "الجبهة الجنوبية" أبو توفيق الديري، في حديثه لـ"المدن"، أن الوضع العسكري للجنوب جيد كون أبناء الجنوب هم من يقاتل وهم من أبناء الحاضنة الشعبية. مؤكداً أن "هناك إعادة دراسة للدعم على أسس جديدة والدعم موجود في حال تم أي اعتداء علينا".
واعتبر الديري أن توقف الدعم بعد إغلاق "الموك" هو أمر "مرحلي"، وأن "الجبهة الجنوبية" دخلت في مرحلة جديدة، فالدول الداعمة قامت بتقييم التجربة، والمرحلة القادمة من العمل سيكون فيها الحد من التدخل الدولي بالجنوب السوري بما فيه التدخل الإيراني والروسي.
وفي ظل ما يعيشه الجنوب السوري من مصير مجهول، تعمل روسيا والنظام، على تسويق "مصالحات" و"هدن" مناطقية، عبر التهديد بعمليات عسكرية.
المتحدث باسم "جيش الثورة" استبعد أن يغامر النظام بمحاولة التقدم باتجاه الجنوب، وقال أن التهديدات التي تنشرها المعرفات شبه الرسمية للنظام أو روسيا لا تتجاوز الحرب النفسية.
التعليقات
التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها