خلال يوم واحد فقط، أسقط مجلس النواب المصري عضوية النائب محمد أنور السادات، وهاجم رئيسه علي عبدالعال صحيفة "الأهرام"، وتقدم نيابة عن أعضاء المجلس ببلاغ إلى النائب العام ضد الكاتب الصحافي إبراهيم عيسى وجريدته "المقال"، وطالب بإحالتهم إلى محكمة الجنايات بسبب ما وصفه بـ"الإهانات" المتكررة التي تصدر من الصحيفة ورئيس تحريرها بحق مجلس النواب. وختام هذه الحفلة الصاخبة كان من نصيب النائب المثير للجدل مرتضى منصور، الذي قال "أي حد هيغلط في مجلس النواب لازم ياخد بالجزمة".
"ناظر العزبة"
يشبه البعض طريقة إدارة عبدالعال لمجلس النواب وكأنه "ناظر عزبة" يحمل العصا ويرفعها بوجه من يعارضه، فلم تكن إهانته لـ"الأهرام" زلة لسان، أو جملة خارجة عن السياق، فالرجل الذي قال عن أعرق صحيفة في مصر أنها لا تحقق أي عائد، وأنهم ينفقون عليها، سبق له وأن هاجم الإعلام مرات عديدة بشكل يبدو ممنهجاً ومرتباً، كما أنه لا يطيق أي نقد له ولا لطريقة قيادته للبرلمان وجلساته، وسبق أن طرد أكثر من 8 أعضاء من مجلس النواب خلال الجلسات العامة، وكان آخرهم النائب حسام الرفاعي الذي رفض إسقاط عضوية النائب محمد أنور السادات، فرد عليه عبد العال قائلاً "اطلع بره".. هكذا ببساطة. وسبق للنائب المطرود حديثاً أن واجه المصير ذاته في مرة سابقة، عندما احتج على عدم إعطائه الكلمة، فرد على عبدالعال بالقول "أنا مش قاعد في بيتك علشان تطردني".
تصفية الحسابات
حين كشف النائب محمد أنور السادات عن إستيراد المجلس ثلاث سيارات تبلغ قيمتها 18 مليون جنيه، لصالح حراسة عبدالعال، تجنّد مجلس النواب خلف عبدالعال لإسقاط عضوية السادات، فتمت إحالته للجنة القيم التي أوصت بإسقاط عضويته، وحذت اللجنة التشريعية حذوها، وتم تغليف القرار بتوجيه إتهامات فضفاضة للسادات منها تزوير تواقيع بعض النواب في أحد مشاريع القوانين التي كان يرغب في تقديمها، وتسريب مشروع قانون الجمعيات الاهلية للسفارات الاجنبية، وإمداد البرلمان الأوربي بتقارير مغلوطة من شـأنها تشويه صورة البرلمان المصري.
وكان السادات قد اتهم عبدالعال بإعاقة عمل لجنة حقوق الإنسان، التي كان يترأسها في وقت سابق، ومنذ ذلك الوقت والعلاقة بينهما متوترة. ولأن صدره يضيق من أي نقد، سارع عبدالعال ومجلسه لإسقاط عضوية السادات، وهو سيناريو سبق وأن واجه النائب توفيق عكاشة بعد تخطيه الخطوط الحمراء، ومهاجمته للرئيس المصري عبدالفتاح السيسي ووزير الداخلية وبعض الأجهزة الأمنية.
وفي إطار عملية تصفية الحسابات، باعتبارها سياسة ممنهجة في مجلس الشعب، قام عبدالعال بمنع المحرر البرلماني لصحيفة "الأهرام العربي" من دخول البرلمان، وكان السبب أن المحرر كتب تقريراً عن أخطاء لغوية ونحوية وردت في إحدى كلمات عبدالعال.
برلمان الأجهزة
البعض ربط بين إسقاط عضوية السادات وعكاشة مع ما سبق وأن كشف عنه حازم عبدالعظيم، رئيس لجنة الشباب خلال حملة السيسي الانتخابية، في شهادة أثارت ضجة كبيرة في مصر. وقال عبدالعظيم آنذاك، إن جهاز المخابرات العامة تدخل بنفسه في تشكيل تركيبة مجلس النواب الحالي، وأن اجتماعات تمت بمقر الجهاز السيادي بحضور وكيله، وبعض الضباط، وبحضور عبدالعظيم نفسه، للتفكير في تشكيل قائمة إنتخابية موالية للرئيس وضمان عدم سيطرة أي حزب أو تيار معارض على الثلث المعطل داخل البرلمان.
تعكس التطورات داخل البرلمان المصري، بقيادة عبدالعال، توجهاً صارماً من النظام لجهة التحكم المطلق بالمجلس وعدم السماح حتى بحد أدنى من المعارضة ولو الشكلية، وهذا كفيل بجعل من يحمل أفكاراً قد تزعج رئيس المجلس أن يحتفظ بها لنفسه، تجنباً للطرد.
اشترك معنا في نشرة المدن الدورية لتبقى على اتصال دائم بالحدث
التعليقات
التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها