عند خروج فصائل المعارضة من أحياء مدينة حلب الشرقية، ودخول قوات النظام إليها، بقي ملف المعتقلين في سجون المعارضة موضع تساؤل، خصوصاً وأن كل فصيل كان قد أقام مراكز احتجاز في مناطق سيطرته، يودع فيها معارضين له، أو متهمين بالعمالة للنظام.
قبل إخلاء الأحياء الشرقية لمدينة حلب في كانون الأول/ديسمبر 2016، أطلقت معظم فصائل المعارضة سراح معتقليها، فيما اصطحب بعضها معتقلين أُفرج عنهم بعيد الوصول إلى ريف حلب الغربي، كـ"إخلاء سبيل"، بشكل أشبه بالاستعراض أمام الناس، بهدف تبييض صفحات سجونها.
معتقلو "الفرقة 16" لدى "فتح الشام"
تعد قضية تفكيك "جبهة فتح الشام" لـ"الفرقة 16" واعتقال مقاتليها، من الحوادث التي أسست لانهيار جبهات المعارضة في أحياء حلب، حيث تمكّنت الجبهة، بعد سلسلة هجمات انتهت في 25 آب/أغسطس 2016، من الاستيلاء على كامل مقرات "الفرقة 16" التابعة للجيش الحر، ومستودعاتها في أحياء بستان الباشا والهلك وبعيدين، إضافة لاعتقال قادة وعناصر كانوا متواجدين فيها.
ومع بداية عمليات إخلاء شرق حلب، حرصت "جبهة فتح الشام" على استعراض عمليات اطلاق سراح السجناء لديها، وأفرجت عن العشرات، وأطلقت دفعة من منهم، تضمنت 20 مقاتلاً من "الفرقة 16"، في حين تبقى 33 معتقلاً يتبع بعضهم لفصائل أخرى، بالإضافة إلى نشطاء مدنيين من بينهم رئيس مكتب "تيار الوعد السوري" محمد كرمان، الذي اعتقل بداية شهر تشرين الثاني/نوفمبر، ووجهت له الجبهة تهمة العمالة للنظام.
وبحسب مسؤول التواصل في "منظمة 24 لتوثيق الانتهاكات" محمد خالد، فإن الـ33 الذين لم تفرج عنهم "فتح الشام"، قامت بتسلميهم في عمليات غير مباشرة إلى قوات النظام عندما دخلت أحياء حلب الشرقية.
وأوضح خالد لـ"المدن"، أن "فتح الشام" كانت تملك 4 سجون في مدينة حلب، اثنان منها في منطقة المواصلات وأحدهم في منطقة طريق الباب، وعند انسحاب الجبهة من تلك المناطق نتيجة تقدم مليشيات النظام، قامت بإخلاء تلك السجون، ونقلت السجناء إلى حي السكري. وأشار إلى أن عناصر "الفرقة 16" المحتجزين لدى "فتح الشام"، تم إخلاء سبيلهم، بينما لا يزال مصير من أبقت عليهم في السجون التي استولت عليها قوات النظام مجهولاً، ومنهم عناصر جيش حر ومدنيون وجهت لهم تهم مختلفة، يأتي في مقدمتها تهمة العمالة للنظام.
وأضاف المصدر، أن "فتح الشام" لم تقم بإطلاق جميع السجناء المتبقيين لديها كما يشاع، بل اصطحبت معها 9 معتقلين خلال خروجها إلى ريف حلب الغربي، وتمت عمليات الإخلاء تلك بسيارات خاصة، وأقدمت "فتح الشام" على تهديدهم أثناء عبورهم على الحواجز التابعة للنظام وروسياـ بتنفيذ عمليات إعدام بحقهم في ما لو فكروا بالإفصاح عن هويتهم لحواجز التفتيش.
معتقلو "فاستقم" لدى الزنكي وأبوعمارة
مصير المعتقلين لدى حركة "نور الدين زنكي"، و"كتائب أبوعمارة"، التي كانت تمتلك سجوناً تحوي عشرات السجناء، كان أفضل من أقرانهم لدى "فتح الشام"، إذ أفرج الفصيلان عن معتقلين من تجمع "فاستقم كما أمرت"، الذين اعتقلوا خلال عملية مشتركة بين "الزنكي" و"أبوعمارة"، قبل مدة قصيرة من إخلاء شرق حلب، إثر خلاف تطور إلى اقتتال مع تجمع "فاستقم".
وكان القيادي في تجمع "فاستقم كما أمرت" ملهم العقيدي، قد قال في شهادة نشرها حول تلك القضية، إن هجوم "الزنكي" و"أبوعمارة" بدأ "بقطع الطرقات ونصب الحواجز والهجوم على المستودعات الرئيسية للتجمع في منطقة الانصاري، وبدأ اعتقال مقاتلي التجمع ومصادرة سلاحهم وسياراتهم".
يشار إلى أنه في أيلول/سبتمبر 2012، شهدت محافظة حلب تأسيس أول "هيئة شرعية" لتولي المسائل القضائية، حيث اتفقت فصائل "لواء التوحيد"، وحركة "أحرار الشام الإسلامية"، و"حبهة النصرة" (سابقاً)، وكتائب أخرى، على تولي الهيئة الشرعية للأمور الخدمية والأمنية في المناطق الخاضعة لسيطرة تلك الفصائل.
وكان مستشفى العيون الواقع في حي قاضي عسكر أول سجن للمعارضة في حلب، قسّم آنذاك إلى غرف احتجاز للأطفال والنساء والرجال، وأشرف عليه عناصر من حركة "نورالدين زنكي".
اشترك معنا في نشرة المدن الدورية لتبقى على اتصال دائم بالحدث
التعليقات
التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها