تستمر مليشيا "حزب الله" اللبناني، في سلوكها المنهجي للتغيير الديموغرافي، على امتداد الشريط الحدودي اللبناني-السوري في ريف دمشق، خاصة في منطقة الزبداني ومحيطها.
وابتدأت المليشيا حلقة جديدة من هذا المسلسل تهدف للسيطرة على بلدتي هريرة وأفرة، في منطقة وادي بردى، لما لهما من أهمية استراتيجية. وتقع هريرة على السفح المقابل لبلدة مضايا المحاصرة، أما بلدة أفرة فتتمتع بموقع استراتيجي لارتفاعها ورصدها لطرقات مهمة. وفي حال سيطرة "حزب الله" على هاتين البلدتين فسيقوم بالفصل بين وادي بردى ومنطقة الجبل الشرقي التي يتمركز فيها مقاتلو الزبداني.
وقام مقاتلو الحزب وقوات النظام بهجوم على أطراف قرية هريرة ليل الأربعاء/الخميس، واشتبكوا مع فصائل المعارضة المحلية، ما أسفر عن سقوط 12 قتيلاً، 4 منهم من "حزب الله". وتمكنت المعارضة من تدمير عربة "BMB" وسيارة بيك آب عسكرية، لقوات النظام ومليشيا الحزب. وبعد المقاومة العنيفة انسحبت قوات النظام إلى نقاط تمركزها القديمة، مع إنشاء حاجز جديد في أول البلدة عند الجامع الجديد، وهي منطقة تسيطر عليها قوات النظام منذ فترة. كما تقوم الجرافات التابعة لقوات النظام بإقامة سواتر ترابية.
وتزامن الهجوم مع قصف جوي على جرود أفرة وهريرة والجبل الشرقي في الزبداني. واستهدفت قوات النظام المتمركزة في منطقة الضهرة قرية افرة ومحيطها بالأسلحة الثقيلة والصواريخ الحرارية مضادة الدروع، في حين استهدفت بلدة برهليا في وادي بردى بالقصف المدفعي، ما أسفر عن وقوع 3 إصابات في صفوف المدنيين.
الناشط الإغاثي أبو مالك، قال لـ"المدن"، إن "حزب الله" قام في وقت سابق بإنذار أهالي بلدة هريرة، بضرورة إخلاء القرية، ما سبب حالة من الذعر في صفوف المدنيين، ونتج عنها نزوح جمعي لسكان البلدة البالغ عددهم حوالي 10000 نسمة، إلى قرى وادي بردى، ما تسبب في ازدياد حدّة الأزمة الإنسانية في منطقة تعاني أساساً من الحصار من قبل قوات النظام.
وبقي معظم أهالي بلدة أفرة، والبالغ عددهم 4000 نسمة في منازلهم خوفاً من التهجير.
ويأتي هذا التصعيد، بعد معركة حاجز الصفا التي قامت بها "جبهة النصرة" في وادي بردى، حيث سيطرت على حاجز الصفا في جرود رنكوس في القلمون الغربي، وتمكنت من أسر 14 جندياً بينهم قيادي من "حزب الله". وقامت "النصرة"، الأربعاء، بإعدام عشرة عناصر من الأسرى، تابعين لقوات النظام، كردّ على الهجوم على بلدة هريرة، فيما أبقت "النصرة" على أربعة عناصر وقيادي في "حزب الله".
وأعلن قيادي "جبهة النصرة" في وادي بردى أبو هاشم التلي، عبر حساب له في وسائل التواصل الاجتماعي، أن قيادة "جبهة النصرة" في القلمون، تسلمت ملف أسرى "حزب الله" في حلب، وبدأت التحضير لمفاوضات جديدة عنوانها أما الالتزام بالهدنة في وادي بردى أو اتخاذ اجراءات بخصوص الأسرى، والأمر أصبح مربوطاً بتجاوب "حزب الله" مع شروط الهدنة، والأمر ذاته ينطبق على أسرى النظام من حاجز الصفا.
وكان "حزب الله" قد أعد حشوداً وتعزيزات منذ أيام، ورُصدت أرتال للحزب توجهت من بلدة بلودان إلى الجبل الشرقي للزبداني، وانتشاراً لقوات "حزب الله" على قمة جبل هابيل المطلة على قرى وادي بردى.
وتستمر في الوقت ذاته، محاولات "حزب الله" للسيطرة على نبع مياه بقين، الشهير في بلدة بقين المحاصرة بالقرب من مضايا، الذي يُعد مصدر المياه الوحيد لسكان البلدة، في ظل غياب كافة الخدمات عنها.
وتتمتع منطقة وادى بردى، بخصوصية في التعاطي معها من قبل النظام، بسبب وجود نبع مياه عين الفيجة المغذي الأساس لمدينة دمشق. وكان النبع يُستخدم كورقة ضغط على النظام عند قيامه بتصعيد عسكري في المنطقة، وتم وقف ضخ مياهه مرات متعددة، ليتم بعدها تهدئة الوضع بسرعة. وغالباً ما تمت متابعة الملف من طرف النظام، من قبل رئيس المخابرات الجوية اللواء جميل الحسن.
وأفاد مصدر مطلع لـ"المدن" إن هناك خلافاً كبيراً بين "المخابرات الجوية" و"حزب الله" في التعاطي مع ملف وادي بردى، هذه الأيام. وقد التقى ممثل عن وجهاء الوادي، ليلة الأربعاء/الخميس، مع المسؤولين عن الملف من طرف النظام.
وأضاف المصدر: "يبدو أن هنالك خلافاً بالتوجهات، وصراعاً على السيطرة بين حزب الله والمخابرات الجوية، وقامت مليشيا حزب الله بايصال رسالة واضحة المغزى"، إذ وردت أنباء مؤكدة عن اشتباكات بين عناصر الحزب و"الفرقة الرابعة" على حاجز التكية، بالقرب من ثكنة التكية المتاخمة لوادي بردى.
التعليقات
التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها