رغم كل العقبات التي تواجه الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية، إلا أنه يسعى لأن يظهر بمظهر القوي، بعد المعارك والانتصارات الاخيرة للمعارضة السورية في الشمال والجنوب على حد سواء. فجاء قرار الهيئة العامة للائتلاف الوطني التي انهت اجتماعاتها الدورية الليلة الماضية في مدينة اسطنبول التركية، بمقاطعة مشاورات جنيف، التي دعا اليها المبعوث الدولي إلى سوريا، ستافان دي ميستورا، على الرغم من إعلان الائتلاف مراراً أنه مستعد لجولة جديدة من مفاوضات جنيف.
قرار الهيئة العامة للائتلاف الوطني جاء نتيجة لسببين رئيسيين، قرر الائتلاف شرحهما لكل من المبعوث الدولي دي مستورا، والأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، في رسالتين منفصلتين تحملان المضمون ذاته. والسبب الأول الذي دفع بالائتلاف الى مقاطعة المشاورات هو الدعوة التي وجّهت إلى إيران، وهو ما اعتبره الأمين العام للائتلاف يحيى مكتبي أنه "دعوة لعدو السوريين ليكون جزءا من الحل، وهو الأمر المرفوض من قبل الائتلاف"، وأضاف مكتبي لـ"المدن"، أن إيران تمارس مع الأسد كل أنواع الإجرام ضد السوريين "فكيف يمكن للسوريين أن يقبلوا أن تكون إيران جزءا من الحل في سوريا؟". أما السبب الثاني الذي شرحه مكتبي، فتمثل في دعوة المعارضة بشكل متفرق ككتل وجماعات، ودعوة النظام كجهة واحدة. وقال "وجّه دي ميستورا دعواته لما يقارب 40 جهة سماها معارضة، بما فيها الائتلاف، لكنه وجه الدعوات للائتلاف كأشخاص وكتكتلات داخل الائتلاف وليس للائتلاف كجهة ممثلة للشعب السوري، بينما دعا النظام كطرف واحد". ويرى مكتبي أن طريقة الدعوة ستؤدي الى "تمييع المشهد السياسي وتزيد في تفرقة المعارضة"، إضافة الى أنها ستعطي البعض مبرراً للحديث عن "توحيد المعارضة السورية من جديد"، معتبراً أن مقاطعة جنيف جاءت ضرورة لتعبر للجميع عن رغبة الائتلاف بمفاوضات جدية تؤدي الى حل سياسي "لا مكان للأسد فيه" ينهي نزيف الدم السوري المستمر من سنوات.
من جهة ثانية، رحب الأمين العام للائتلاف بدعوة مجلس التعاون الخليجي المعارضة السورية للاجتماع في الرياض. وقال مكتبي إن " مجلس التعاون لعب دورا مهما في دعم الشعب السوري وإسهامه بعملية انتقالية لمرحلة ما بعد سقوط الأسد". وأشار إلى أن مؤتمر القاهرة المزمع عقده ما زال غير واضح، كما أن احتمالية انعقاده غير محسومة بعد، وأوضح أن تركيز الائتلاف في هذه الفترة سيكون على مؤتمر الرياض لتوحيد رؤى المعارضة السورية، خاصة بعد التحول العسكري الذي تشهده الساحة السورية من تقدم للمعارضة السورية المسلحة، والذي اعتبره مكتبي "دليلاً واضحاً على تهالك النظام، الذي تحول من موقع المهاجم المعتدي الى موقع المدافع المنكفئ"، فيما رأى أن الأشهر الستة المقبلة ستشهد تغيراً جذرياً في المشهد السوري على كل المستويات.
إلى ذلك، اتخذت المعارك المندلعة في القلمون، بين حزب الله، و"جيش الفتح"، منحىً مختلفاً كسر طبيعة القتال بين الطرفين، مع دخول تنظيم "الدولة الإسلامية" على خط الاشباكات واستهدافه لمقاتلي المعارضة. وفي هذا السياق، أصدر "جيش الفتح-القلمون" بياناً أعلن فيه قتال "داعش"، وعدد الأسباب التي استدعت هذا القرار.
وقال البيان إن من أهم الأسباب التي تستدعي "استئصال" التنظيم من منطقة القلمون هي "إيواء كثير من المفسدين فيتحصنوا بمنعة هذا التنظيم دعماً لفسادهم" إلى جانب "تفريغ أغلب نقاط الرباط من المجاهدين عندما طعنوا بهم وأخذوا سلاحهم فكانت النتيجة ترك الجهاد والجلوس في مخيمات اللاجئين كردة فعل من هؤلاء المساكين"، كما ذكّر البيان بمهاجمة التنظيم لقوات الجيش الحر في القلمون مطلع العام الحالي، لاسيما "فرقة المغاوير"، متهماً التنظيم "باقتحام مقرات عرابة إدريس (قائد لواء المغاوير) وأخذ السلاح الذي معه". وأشار البيان كذلك إلى عمليات التصفية التي قام بها التنظيم بحق عدد من الضباط المنشقين، الذين كان آخرهم "العميد يحيى زهرة المعروف بطيبته عند أهل يبرود بحجة عمالته لأميركا".
وكان من اللافت تطرق البيان إلى ما قام به التنظيم في بلدة عرسال اللبنانية، عندما اجتاحها مطلع شهر آب/أغسطس العام الماضي، وخطف عدداً من جنود الجيش اللبناني، حث اعتبر بيان "جيش الفتح-القلمون" هذا الأمر "تصرفاً غير مسؤول" روّع "المسلمين وجلب الأذى والضرر عليهم داخل عرسال وخارجها".
اشترك معنا في نشرة المدن الدورية لتبقى على اتصال دائم بالحدث
التعليقات
التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها