أعلنت فصائل من المعارضة السورية المسلحة، في 19 آذار/مارس، اطلاق معركة "تحرير مدينة إدلب" في الشمال السوري، لطرد قوات النظام من آخر مواقعها في المحافظة. واستمر القصف التمهيدي على المدينة، أربعة أيام، استخدمت فيه المعارضة المسلحة قذائف الهاون و"مدافع جهنم" و"مدافع الجحيم" محلية الصنع، بالإضافة للدبابات والرشاشات الثقيلة.
وفي صباح الثلاثاء، أعلنت المعارضة عن توحد العديد من الفصائل العسكرية تحت مسمى "جيش الفتح"، وإنشاء غرفة عمليات من أجل المعركة، أطلق عليها اسم "غزوة إدلب".
ويشترك في المعركة بحسب البيان الصادر عن غرفة العمليات ثمانية فصائل مسلحة هي: "أحرار الشام" و"جبهة النصرة" و"جند الأقصى" و"جيش السنة" و"فيلق الشام" و"صقور الشام" و"لواء الحق" و"أجناد الشام". وما إن أعلن عن توحد هذه الفصائل، وتشكيل غرفة العمليات، حتى بدأ الهجوم على المدينة، من محاور عديدة، حيث تركز الهجوم على الحواجز المحيطة بالمدينة، من الشرق والغرب والشمال.
وما هي إلا ساعات قليلة حتى أعلنت "غرفة العمليات" عن السيطرة على عدد كبير من تلك الحواجز؛ ومنها حواجز "معمل الكونسروة" و"سادكوب" و"معمل الغزل الجديد والقديم" و"الكهرباء" و"صوامع الحبوب" و"الرام" و"السكن الشبابي" و"الجامعة" و"القلعة" و"غسان عبود" الذي يعتبر من أكبر تجمعات قوات النظام في ريف إدلب.
واستمر تقدم المعارضة الأربعاء، وسيطرت على حاجز "المسلخ" وحاجز "مرصد دير الزغب" القريب من بلدة الفوعة، وحاجز "سحر الشرق". كما وردت أنباء عن أسقاط المعارضة لطائرة حربية من طراز ميغ.
وتقاسمت الفصائل العمل، حيث اقتحمت "أحرار الشام" المدينة من الشرق، بينما عملت "جبهة النصرة" و"جند الأقصى" على الجبهة الغربية. كما تم تحرير نقاط في "مزارع بروما" و"ثكنة المنشرة" شرقي المدينة. وقد تخلل الإقتحام ست عمليات انغماسية قامت بها "النصرة" و"جند الأقصى" على حواجز "الرام" و"عين شبيب" و"غسان عبود" و"القلعة".
ومع حلول مساء الثلاثاء، تقدمت المعارضة نحو المدينة، وبدأت حرب شوارع شرسة تدور في الأحياء، ما أسفر عن السيطرة على مبانٍ استراتيجية في المدينة، مثل "قصر العدل" و"مدرسة المتنبي" و"مبنى المحافظة" و"مديرية التربية" و"ساحة السبع بحرات" بالإضافة إلى "شارع الثلاثين" في طرف المدينة. كما انتشرت أنباء عن فرار سيارات تُقل ضباط قوات النظام عبر طريق أريحا.
وقال الناشط الإعلامي عبد الغفور دياب، إنه على الرغم من تكتم المعارضة المسلحة على تحركاتها، إلا أن النتائح كانت سريعة وجلية، حيث سُمعت أصوات الانفجارات في ريف إدلب، كما أن أعمدة الدخان الكثيفة المتصاعدة من الحواجز تدل على ما حصل. ويضيف بأن الإعلاميين العاملين في المنطقة لم يستطيعوا تغطية الأحداث، بشكل سريع وآني، بسبب سرعة الإنجازات، حيث أعلن عن تشكيل "جيش الفتح" صباحاً، ليبدأ الهجوم بعده والسيطرة على الحواجز.
وقال المقاتل من "أجناد الشام" أبو المعتصم، إنهم فوجئوا بالتقهقر السريع لقوات النظام، وإنهم كانوا يتوقعون مقاومة أشرس، و"لكن الله أعاننا ودبّ الرعب في قلوب قوات النظام". أبو المعتصم أكد أنهم سوف يستمرون حتى تحرير كامل المدينة.
وأفاد الناشط من مدينة بنش إبراهيم الإدلبي، بأن الطيران المروحي التابع لسلاح الجو، قام بإلقاء براميل متفجرة تحتوي غاز "الكلورين" السام، على بلدة بنّش، ما خلّف أكثر من 30 إصابة تمت السيطرة عليها من قبل عناصر "الدفاع المدني" و"المشفى الميداني". وكما ألقت حوامات النظام براميل الكلورين على قرية قميناس، ووصلت إصابات إلى مشفى سرمين. ونفذ الطيران الحربي غارات على الريف الشمالي للمدينة، وقصف الطيران المروحي بلدات بنش وسراقب ومعرة مصرين. البرميل المتفجرة استهدفت مخازن القمح ما تسبب في تدميرها.
وفي الساعة التاسعة من مساء الثلاثاء، قامت طائرة "سوخوي-24" بقصف مدينة سراقب، ما سبب دماراً هائلاً، وانتهت عمليات البحث عن القتلى بين الأنقاض صباح الأربعاء، وكانت الحصيلة مقتل عشرة أشخاص، من بينهم أطفال.
وتوقّع القيادي في "فيلق الشام" أبو الرامي، في حديثه لـ"المدن"، أن يستقدم النظام، في الساعات القادمة، تعزيزات من الحواجز الواقعة على طريق أريحا-اللاذقية، لأنها المنفذ الوحيد المتبقي له، في حال سيطرة المعارضة الكاملة على المدينة. لأن ذلك سيمكّن المعارضة من السيطرة على الطريق الدولي أريحا-اللاذقية، وبالتالي سيفتح أمامها إمكانية التقدم نحو الساحل السوري. ويضيف أبو الرامي بأنه في حال السيطرة على إدلب بالكامل، ستحاصر قريتا كفريا والفوعة المواليتين للنظام، بريف إدلب الشمالي، بشكل كامل.
وحتى الساعة، ما زالت حرب الشوارع تدور في المدينة، ومن المتوقع سيطرة المعارضة بشكل كامل عليها، خلال فترة قصيرة، في ظل تقدم "جيش الفتح" ليصبح على بعد 100 متر من دوار المحراب داخل المدينة.
من جهة أخرى، أعلنت السلطات التركية عن وقوع انفجار كبير على بعد 400 متر من "المركز الرّابع" لمراقبة الحدود التركية، في مدينة الريحانية بولاية هاتاي، فجر الأربعاء. وبحسب وكالات الأنباء التركية، فقد أكّد مسؤولون في الشرطة والجيش التركي، أنه من المتوقع أن يكون سبب الانفجار، قذيفة صاروخية، تم إطلاقها من الجانب السوري. وذكرت صحيفة "خبر 7" التركية، في تقرير لها، أن الانفجار لم يسفر عن وقوع ضحايا، ولكنه تسبب بحالة ذعر بين سكان المنطقة.
التعليقات
التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها