أصدرت جماعة "أنصار بيت المقدس" صباح الثلاثاء بياناً مقتضباً عبر حسابها في موقع التواصل الاجتماعي "تويتر"، تنفي فيه إعلان بيعتها لتنظيم الدولة الإسلامية. وكانت وكالة رويترز قد نشرت خبراً مساء الإثنين يفيد بإعلان "الأنصار" البيعة لأبي بكر البغدادي، بحسب بيان ملفق منسوب للجماعة.
"لا دخان بلا نار" هو التفسير الأقرب لموجة التصديق لخبر إعلان البيعة التي انتشرت في أوساط المتابعين والمراقبين. فالمقاطع المصورة الأخيرة لـ"أنصار بيت المقدس"، تعمدت الاستشهاد والاقتباس من خطابات المتحدث الإعلامي باسم تنظيم الدولة أبي محمد العدناني، وهي آلية معروفة في الأوساط الجهادية لإعلان الولاء الأيديولوجي. بل إن صيغة نفي البيعة ذاتها قد أثبتت للبغدادي صفة "خليفة المسلمين"، وهو تناقض أيديولوجي يذكر الناس في مصر بمقولة "لست إخوانياً لكني أحبهم وأحترمهم".
يظل البيان الملفق المنسوب للأنصار محل عدة احتمالات؛ فلغته متقنة وخطابه متسق مع الأدبيات الجهادية وبيانات "الأنصار" السابقة، وقد كتب وأُخرج تصميمه بحرفية أعلى من محاولات التلفيق السابقة. وهو ما يقود إلى احتمالات تفسيرية أخرى، منها الحرب النفسية بين الجماعات الجهادية وبعضها، ومنها الاختراق الأمني للجماعة.
تندفع بعض التحليلات للربط بين "الأنصار" و"تنظيم الدولة" بسبب التشابه في ذبح الخصوم، لكن ذلك الربط يفتقر إلى الدقة. فـ"أنصار بيت المقدس" استخدمت الذبح في آب/أغسطس 2012، أي قبل أن تنشب الخلافات والشقاقات بين "جبهة النصرة" و" تنظيم الدولة" في سوريا، ومن ثم ابتعاد "الأنصار" عن عباءة "القاعدة" تنظيمياً. أما المذبوحون على يد "الأنصار" فهم فقط المدانون بالتعاون مع أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية ضدهم، ولم يستخدموا الذبح كعقوبة للمتعاونين مع الأجهزة المصرية أو ضد جنود الجيش المصري، الذين يعتبرونهم مرتدين، على الرغم من استطاعتهم ذلك.
اتخذت "أنصار بيت المقدس" موقفاً محايداً من الصراع بين جبهة النصرة-القاعدة وبين تنظيم الدولة، بالتوازي مع توقفها عن الاستشهاد والاقتباس عن المقاطع الصوتية لأيمن الظاهري، زعيم القاعدة المقيم على الأرجح في باكستان. وقبل أن يحضر العدناني في الإصدارات الإعلامية للأنصار، فإن الاقتباس والاستدلال كان قد ترك الظواهري إلى الراحل أسامة بن لادن، كمرجعية يتفق عليها طرفا الصراع الجهادي–الجهادي، ثم إلى إبراهيم الربيش، مفتي تنظيم القاعدة في اليمن. ومن الصعب الجزم بالسبب وراء عدم حسم "الأنصار" موقفهم من الصراع، فقد يكون السبب أمنياً واستراتيجياً، بعدم توفير الغطاء للقوات العسكرية باستخدام العنف المفرط بشكل أقسى مما هو متبع حالياً، وقد يكون بسبب الحرص على تماسك وحدة الصف الداخلي.
على صعيد آخر، بثّت جماعة وليدة تدعى "حركة أبناء سيناء" تسجيلاً مرئياً على موقع التواصل الإجتماعي "يوتيوب" مساء الإثنين، تعلن فيه حرب أبناء قبائل بدو سيناء على "أنصار بيت المقدس". ظهر في التسجيل عشرة أفراد يحملون بنادق الكلاشينكوف والجرينوف وقذيفتي "آر بي جي"، وتلا أحدهم البيان التأسيسي بلهجة بدوية سيناوية، مشيراً إلى أسماء ثلاث قبائل كبيرة ينتمي إليها أعضاء الحركة.
لم يكن لافتاً أن يلقي المؤسسون بيانهم بالزي العسكري المموّه، فلم يعد ذلك الأمر ذا دلالة محسومة، لكن اللافت في إصدارهم هو استشهادهم بمقاطع مصورة سبق بثها بواسطة "أنصار بيت المقدس"، مع شطب شعارهم. لم يحمل البيان التأسيسي أي نبرة تعاطف مع الجيش والقوات النظامية المصرية، بل اعتمد في خطابه على المذلة والمهانة التي يتعرض لها سكان المنطقة الحدودية في شمال سيناء على يد "الأنصار" في كمائن التفتيش التي يقيمونها للبحث عن مطلوبين متهمين بالتعاون مع الأجهزة الأمنية المصرية أو الإسرائيلية ضدهم. بدا في الفيديو تواضع القدرات الفنية للحركة الوليدة مقارنة بالحرفية العالية نسبياً التي تتسم بها فيديوهات "أنصار بيت المقدس"، والتي يرجّح أن يكون "الأنصار" قد اعتمدوا في إخراجها على خبرات إعلامية من خارج سيناء.
التعليقات
التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها