الإثنين 2013/11/18

آخر تحديث: 03:17 (بيروت)

مصر: تشدد أمني مرحلي؟

الإثنين 2013/11/18
مصر: تشدد أمني مرحلي؟
احكام قضائية قاسية صدرت بحق طلاب الأزهر (أ ف ب)
increase حجم الخط decrease
 عودة الحديث عن مبادرات للحوار بين النظام المصري وبين جماعة الإخوان المسلمين ورفع حالة الطوارئ، لا يبدو أنه يؤثر على تشديد السلطات لاجراءاتها الأمنية سواء ضد أنصار الإخوان أو آخرين. ما يصدره القضاء من أحكام يؤكد هذا الأمر.

قبل أيام قضت محكمة مصرية بالسجن 17 عاماً لـ12 طالباً مع تغريم كل منهم مبلغ 65 ألف جنيه  (نحو 10 آلاف دولار). وهو ما اعتبر حكماً قاسياً مقارنة بحالات مشابهة، لكن متابعين وصفوا تشديد الإجراءات الأمنية والأحكام الرادعة بمحاولة لإعادة "هيبة الدولة"  بعد انفلات أمني شهدته البلاد منذ عزل الرئيس، محمد مرسي، في تمورز/ يوليو الماضي.
 
في المقابل، اعتبر حزب مصر القوية (إسلامي معتدل)  في بيان له الحكم قاسياً للغاية، وطالب بالنظر لأعمار الطلبة وتخفيف الحكم أو الإفراج عنهم حتى استئنافه. 
 
وكانت التهم الموجهة للطلاب وجلهم من تنظيم الإخوان المسلمين المحظور قانوناً هي؛ محاولتهم اقتحام مبنى مشيخة الأزهر وإثارة الشغب والتعدي على موظفي وأمن المشيخة والبلطجة والتجمهر والإتلاف والاعتداء على الموظفين. وكانت فضائيات وصحف نقلت صور اعتداءات الطلبة على الجامعة الشهر الماضي في مشهد غير مألوف حظي باستهجان كبير بين العامة بالنظر أيضاً لما للأزهر من مكانة بين المسلمين في مصر والعالم.
 
تشديد الإجراءات لم يكن من نصيب الطلبة فقط. هيئة مفوضي المحكمة الإدارية العليا، أوصت، السبت، بحل حزب الحرية والعدالة، وهو الذراع السياسي للجماعة المحظورة. واعتُبر هذا الإجراء تصعيداً من شأنه دفع الجماعة الى مزيد من التشدد في مواقفها بتفسير ما يحدث لها بأنه ترصد، لكن القانونيين يرونها جماعة سرية تتلقى الأموال من الخارج وترتبط بتنظيم دولي لا يخضع للقوانين والأعراف المصرية، وتنتهج العنف، أيضاً.
 
وبعيداً عن الجماعة، تناقلت مواقع الكترونية أن تجمعاً يدعى "ائتلاف الدفاع عن الصحابة " قام 3 من أعضائه بالقبض على 3 مواطنين شيعة وسلمهم للشرطة. ويوجد عدد قليل للغاية من الشيعة في مصر ولا يسمح لهم بأداء شعائرهم علناً.  وشهدت منطقة مسجد الحسين تواجداً أمنياً الخميس لمنع أي طقوس للشيعة هناك في ذكرى كربلاء، اليوم المقدس لدى هذه الطائفة.
 
هذه الممارسات عززت خشية المدافعين عن حقوق الإنسان من استغلال العامة عودة أجهزة الأمن للعمل على بسط نوع من الرقابة على الحريات الفردية والمدنية لمواطنيهم.
 
قبل أيام أيضاً، ألقت قوات الأمن القبض على الشاب أيمن ماهر، عضو حزب مصر القوية و جبهة طريق الثورة، أثناء توزيعه بيانا للجبهة إضافة إلى 2 من أشقائه الذكور من منزل العائلة. وهو إجراء كان يفعله الأمن في فترة المواجهة مع الجماعات الأصولية المسلحة في التسعينات لدفع عناصرها للاعتراف أو تسليم الهاربين منهم.
 
وقد نُـقل ماهر بين قسم للشرطة ومقر لجهاز الأمن الوطني (أمن الدولة سابق) ولم يسمح لذويه ومحاميه بالتواصل معه، رغم أن القانون يكفل له ذلك خلال 12 ساعة من تاريخ توقيفه، بحسب ما قال المحامي، عمرو إمام، لـ"المدن”.
 
الضابط المتقاعد، حمدي البطران، رأى في حديث لـ"المدن" أن هذه الإجراءات المشددة مفهومة وقد يحدث فيها تجاوزات أحياناً، لكنها ليست كما يصوره الإعلام.
 
وأضاف "هذا يحدث دائماً في الأوقات التي يتعرض فيها الوطن لخطر جسيم، ولا شك أن ما تعرضت له مصر في أعقاب 30 حزيران/يونيو ومهاجمة مراكز الشرطة ومقارها، واحتلال بعض المساجد، والتعدي على الكنائس وبعض الممتلكات العامة. كل هذا كان يستوجب فرض حالة الطوارئ، والتي بموجبها كان يتم اعتقال من في تلك الجرائم".
 
يأتي ذلك وسط تأكيدات من قبل مسؤولين مصريين، أن معظم المقبوض عليهم هم مطلوبون للتحقيق في جرائم تنظرها النيابة العامة.
وحول مسألة منع المعتقلين من التواصل مع أهلهم أو المحامين، ولاسيّما أن قانون الطوارئ ألغي قبل أيام قليلة، قال البطران إنه "من الممكن أن يحدث تجاوز من الشرطة، ولكن كل معتقل يعرض على القضاء العادل، فإما أن يخلي سبيله أو يستمر القبض عليه، وذلك حسب المبررات التي يقدمها الأمن وينظرها القضاء".
 
وأضاف "حسب معلوماتي الشخصية، فإن أهالي المعتقلين يتواصلون مع ذويهم ويقابلونهم.. وكل من يقبض عليهم يتم اعتقالهم لارتكابهم جرائم جنائية، ولا دخل لحالة الطوارئ، ومن حق الجهات الأمنية القبض على مرتكبي الجرائم في حالات التلبس".
 
ولفت إلى أن المشكلة تكمن في "أننا نحكم على ما يحدث وفق ما نراه في الإعلام وهو ليس دائماً ما يستطيع الوصول للصورة الكاملة والحقيقة، كما أن كل طرف يبالغ في تقديم ما يحدث بما قد يخدم توجهاته".
 
وأوضح "أحياناً يكون للصحف وأجهزة الإعلام توجهات سياسية، وتضخم ما تفعله الحكومة لحفظ الأمن، والجزيرة خير مثال على ذلك، ولكنني أثق في القضاء المصري، وأراه خير ضمان ضد تعسف الحكومة وأجهزتها".
 
وبين مشكك ومتخوف مما تشهده البلاد من عودة للإجراءات الأمنية المشددة، تواصل مصر الخطى نحو تنفيذ خريطة طريق تمهد لانتخابات برلمانية ورئاسية العام المقبل، بعد أن اقتربت لجنة إعداد الدستور من إتمام مهمتها. 
وقد يكون في انتهاء هذه الفترة العصيبة ما يعيد الأمن والسلم المجتمعي لسابق عهدهما، أو ما عرفت به هذه البلاد. 
 
increase حجم الخط decrease