مجزرتان في يونين والكرك والضحايا تحت الأنقاض منذ الفجر

لوسي بارسخيان
الخميس   2024/09/26
استشهد عائلة شعيب بكاملها في الكرك (لوسي بارسخيان)

كيف يمكن لإسرائيل أن تقنع العالم أنها بعدوانها على الأراضي اللبنانية تحمي أهلها في شمال أراضي فلسطين المحتلة، إذا كان معظم ضحايا الغارات التي تشنها في منطقة البقاع على بعد عشرات الكيلومترات من خطوط المواجهة مع هذا الشمال، هم من الأطفال والأمهات وكبار السن؟.

كان ليل الأربعاء - الخميس في محافظتي البقاع وبعلبك من الأكثر عنفاً، ليس فقط من ناحية كثافة الغارات التي تعرضت لها مختلف المناطق البقاعية والتي قدّرتها بعض المصادر بنحو 60 غارة خلفت أضراراً مادية وبشرية جسيمة، وإنما بنتائجها التي حصدت عشرات الضحايا، كان نصيب بلدتي يونين في بعلبك والكرك في مدينة زحلة الأكبر منها. 

ففي حين أحصت المصادر نحو 23 ضحية من التابعية السورية في غارة يونين، فقد شكلت الغارة على بلدة الكرك مجزرة عائلية، أبيد خلالها معظم أفراد عائلة شعيب الذين يقطنون بحي زين الدين في مرتفعات البلدة التي تخضع إدارياً وعقارياً لمدينة زحلة.

مع أن الغارات الإسرائيلية على بلدة كرك نوح ليست الأولى منذ توسع دائرة العدوان الإسرائيلي نحو البقاع، إلا أن الإعتداء الأخير جاء مسبوقاً بهمجيته، التي لم تطل فقط أفراد عائلة شعيب وإنما كل من يقطن بمحيط المبنى في حي مكتظ بالمباني.

في طابقين من مبنى يضم أربعة شقق كان يقيم كل من الأخوة أنور وهشام وحيدر شعيب، مع والدتهم سارة "أم أنور" وعائلاتهم. فلم تتمكن فرق الإنقاذ بعد ساعات من تنفيذ الغارة قرابة الواحدة من منتصف الليل، سوى من إنتشال شخصين حييّن، بمقابل إحصاء عشر ضحايا جميعهم من آل شعيب، ذكر أن أحدهم إنتشل من داخل سيارة، إلى جانب إستشهاد الشاب جواد أحمد حيدر الذي ذكر أنه حضر للمشاركة في إحتفال بعيد ميلاد صديق له.
وحتى إعداد هذا التقرير كان البحث لا يزال جارياً عن ضحايا آخرين، علماً أن المعلومات الاستقصائية التي تم التوصل إليها تشير الى إمكانية تواجد ما لا يقل عن أربعة أشخاص تحت الأنقاض.

قرابة الثانية عشرة من ظهر اليوم الخميس سمح للصحافيين بالتوجه الى موقع المبنى المستهدف، حيث كانت الفرق الفنية التابعة للهيئات الإغاثية والدفاع المدني تبحث عن المفقودين. المشهد بدا مهولا لجهة الدمار الذي خلفه في مبنى سوّي بالأرض، ومبان مجاورة تضررت بشكل كبير، وذكر أنه تم نقل ستة جرحى منها الى المستشفيات. هذا بالإضافة الى تحول عدد كبير من السيارات الى ركام.

وكان عصف الغارة ليلاً قد أثار حالة رعب شديدة في معظم منطقة البقاع ليرفع من منسوب القلق من إمتداد الإعتداءات الى مناطق مختلفة من البقاع الأوسط الذي يشكل بمدنه وقراه الملاذ الآمن للنازحين من البلدات البقاعية المستهدفة سواء في بعلبك أو البقاع الغربي. علماً أن الليل نفسه شهد غارات متكررة في بلدة جلالا لمبنى سكني يملكه شخص من آل دياب، بالإضافة الى إستهدافات متكررة لبلدات في قضاء الهرمل، حيث ذكر أن الطيران الإسرائيلي إستهدف أربعة معابر غير شرعية، وهي معابر تصل البلدات المتداخلة بين الأراضي اللبنانية والسورية. كما استهدف بلدة شعث، بالإضافة الى إستهدافات متكررة لبلدتي النبي شيت وسرعين، ولأطراف بلدتي مشغرة وسحمر في البقاع الغربي.

على صفحات التواصل الاجتماعي نعى ناشطون أفراد عائلة شعيب الذين يعرفون بحسن المعشر، وبينهم طلاب جامعات وناظر في مدرسة المصطفى في قصرنبا وشاب مرنم، ومحاسب في شركة. وأعرب هؤلاء عن الألم نفسه الذي يتشاركه البقاعيون على ضحاياهم منذ بدء العدوان الإسرائيلي على لبنان، وكانت آخرهم قبل ساعات فقط الضحية دينا درويش إبنة الكرك أيضاً التي قضت مع طفلها، ابن السبع سنوات، في إعتداء على منزلها الزوجي في النبي أيلا حيث إستشهد أيضاً عدد كبير من أفراد عائلتها.