إسرائيل تهدر دماء المسعفين: 11 شهيداً في يوم واحد

حسين سعد
السبت   2024/10/05
تخالف اسرائيل كل المواثيق الدولية وقتلت إلى اليوم 104 مسعفين (Getty)
يستحضر العدو الإسرائيلي المشهد " الغزاوي" في حربه على لبنان، الذي ارتفع منسوبه مع بدء الحرب الموسعة في 23 إيلول المنصرم، خصوصاً لجهة ملاحقة واستهداف الأطقم الإسعافية على اختلافها وفرق الدفاع المدني، وقبلهما الطواقم الصحافية وإخراجه مستشفيات عديدة عن الخدمة (ميس الجبل ومرجعيون وبنت جبيل الحكومية)، بعدما حول البلدات والقرى المحيطة إلى أرض محروقة ومنع العاملين من الإلتحاق بمراكزهم .

مجزرة تطال المسعفين
حتى إعداد هذا التقرير، بلغ عدد الشهداء من المسعفين 104 مسعفين سقط منهم 11 مسعفاً اليوم، من الهيئة الصحية الإسلامية، في كل من مرجعيون وخربة سلم وشقرا والضاحية وحوالي مئتي جريح، من كافة الفرق الإسعافية في مناطق الجنوب وضاحية بيروت الجنوبية. معظم هؤلاء الشهداء من الهيئة الصحية الإسلامية، التابعة لـ"حزب الله" التي تُستهدف بشكل متعمد وممنهج، إلى جانب شهداء من الدفاع المدني في كشافة الرسالة الإسلامية وجمعية الإسعاف اللبنانية والدفاع المدني اللبناني.

وتخالف إسرائيل في إستهداف الأطقم والفرق الإسعافية وإخماد الحرائق كل المواثيق الدولية وإتفاقيات جنيف لعام 1949 وبروتوكولاتها الإضافية، وهي معاهدات دولية تتضمن أهم القواعد التي تحد من وحشية الحرب، وتهدف إلى حماية الأشخاص الذين لا يشاركون في القتال (المدنيون والمسعفون وموظفو الإغاثة) والذين صاروا عاجزين عن القتال (الجنود الجرحى والمرضى والمنكوبون في البحار وأسرى الحرب).

وتؤدي الاستهدافات المتواصلة واليومية للفرق الإسعافية، التي تتوجه لنقل جثامين الشهداء والمصابين من البيوت والمنازل المستهدفة، منذ بداية حرب الإشغال والإسناد لغزة إلى اليوم، إلى تعطيل دورالجانب الإنساني لهذه المؤسسات التي نشأت من أجل ذلك، ومحاولة تغييب الرأي العام عن مشاهد القتل، التي ترتكبها إسرائيل على إمتداد الأراضي اللبنانية.

إدانات رسمية
وفي هذا السياق أعلن رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي أنه أجرى اليوم سلسلة اتصالات ديبلوماسية من أجل الضغط على العدو الاسرائيلي للسماح لفرق الانقاذ والاغاثة بالوصول الى المواقع التي تعرضت للغارات والسماح بنقل الضحايا والجرحى".

وأكد رئيس الحكومة" ادانته ما يقوم به العدو الاسرائيلي من انتهاك للقوانين الدولية والأعراف الإنسانيّة المتبعة"

وكان وزير الصحة في حكومة تصريف الأعمال الدكتور فراس الأبيض كشف أمس عن سقوط 97 شهيدا و188 مصابا من الطواقم الطبية من المسعفين ورجال إطفاء الحريق، واستهداف 45 مركزا طبيا و128 آلية جراء الغارات الإسرائيلية على لبنان .

وبحسب تيدروس أدهانوم جيبريسوس المدير العام لمنظمة الصحة العالمية، أن 28 من أفراد الطواقم الطبية قتلوا في لبنان في الساعات الأربع والعشرين الماضية.

وأضاف جيبريسوس في تصريحات صحفية، أن العديد من العاملين في قطاع الصحة "لا يتوجهون لعملهم وفروا من المناطق التي يعملون بها بسبب القصف"، داعياً إلى تعزيز حماية العاملين في القطاع الصحي.
ومن جانبه، قال عبد الناصر أبو بكر ممثل المنظمة في لبنان، إن جميع العاملين في القطاع الصحي الذين قتلوا كانوا يؤدون واجبهم ويساعدون المصابين.

إخلاء مستفيات 
وأعلن مستشفى ميس الجبل الحكومي، الذي يتعرض للإعتداءات المتكررة، في بيان له عن إخلاء مستشفى ميس الجبل الحكومي ووقف العمل في كافة اقسامها، بعد تفاقم الإعتداءات الإسرائيلية عليها.

وقال إننا في مستشفى ميس الجبل الحكومي نرفع الصوت امام المجتمع الدولي والهيئات الصحية والانسانية والحقوقية الدولية، لادانة الارتكابات المعادية التي تنفذها آلة الحرب الاسرائيلية، واتخاذ موقف دولي واضح بشأن استهداف العدو للطواقم الطبية والصحية والهيئات الاسعافية، فضلاً عن المجازر التي ترتكب بحق المدنيين وتدمير البيوت والمراكز الصحية.

من جهته اوضح مدير مستشفى مرجعيون الحكومي الدكتور مؤنس كلاكش، ان سيارة إسعاف تابعة للهيئة الصحية الإسلامية، تم قصفها على بعد خمسين متراً من المستشفى، وإستشهد بداخلها أربعة مسعفين.
وقال كلاكش في تسجيل صوتي إنه إزاء هذا الوضع، اتخذ إجراءً يقضي بتوقف العمل في المستسفى خلال اليومين القادمين.

وادت الإستهدافات المتكررة للدفاع المدني في الهيئة الصحية الإسلامية من قبل جيش الإحتلال إلى إستشهاد ما يزيد على الـ71 مسعفاً وجرح 121 آخرين على إثر قصف مراكز تابعة لهم عند قرى الحافة الأمامية وسيارات الإسعاف التي كانت تحاول إنتشال المصابين وتدمير عشرات السيارات والمراكز.
ويقول محمود أمين، مسؤول الإسعاف في الهيئة الصحّيّة الإسلاميّة في منطقة الجنوب الأولى لـ"المدن" إن "العدو لا يحترم المواثيق الدولية، ويعمد إلى الإستهداف بطريقة مباشرة، بمجرد أن يرى سيارة إسعاف يستهدفها، وهذا ليس جديداً على هذا العدو الإسرائيلي، ويدل على إفلاسه". 

استهداف الدفاع المدني
يفيد رئيس مركز الدفاع المدني اللبناني في النبطية حسين فقيه، أن ثلاثة شهداء من الدفاع المدني اللبناني، من مركز فرون، سقطوا قبل أسابيع قليلة بقصف من مسيّرة إسرائيلية، وأصيب عنصر آخر بجروح خطيرة، عندما كانوا يعملون على إطفاء الحرائق التي سببتها الغارات الإسرائيلية على المنطقة.

كما أصيب عدد من العناصر أثناء مهمات مختلفة من بينها إطفاء الحرائق في كل من ميس الجبل وكفرصير والدوير
وأشار فقيه لـ"المدن" إلى الصعوبات والعوائق الكبيرة التي تعاني منها فرق الدفاع المدني والمسعفين في محافظة النبطية وغيرها، جراء الاعتداءات الاسرائيلية والغارات العشوائية التي راح ضحيتها مدنيون ومسعفون ما ادى الى سقوط ضحايا بالمئات.

وأكّد مفوض الدفاع المدني في جمعية كشافة الرسالة الاسلامية ربيع عيسى أن الجمعية قدمت منذ بداية العدوان الإسرائيلي في 8 تشرين الاول 20 شهيداً و64 جريحاً، إلى جانب إستهداف 16 مركزاً و 75 سيارة إسعاف.
وقال عيسى لـ "المدن" إن إسرائيل تخالف بإعتداءاتها كل المواثيق الدولية والحقوقية، التي تكفل حرية عمل الفرق الإسعافية في الحروب؛ مناشداً المجتمع الدولي الذي أقر هذه القوانين وصادق عليها التدخل لوقف إستهداف الكوادر الإسعافية وفرق الدفاع المدني .

أدرعي يحلل دماء المسعفين
الناطق الرسمي باسم جيش العدو أفيخاي أدرعي استباح دماء المسعفين وبرر قتلهم علناً من خلال الادعاء أنهم رصدوا "في الأيام الأخيرة استغلال عناصر حزب الله بشكل متزايد لسيارات الإنقاذ من أجل نقل المخربين والوسائل القتالية". وهدد كل "مركبة يُثبت أن عليها مخرب مسلح يستخدمها لأغراض الإرهاب، بغض النظر عن نوعها، سيتم اتخاذ الإجراءات المناسبة بحقها لمنع استعمالها العسكري". وهذا ما سبق أن حصل تماماً في غزة لتبرير قتل المسعفين، في خرق فاضح للقانون الدولي.