جبل محسن يحتضن النازحين ويشارف على ذروة الإستيعاب

جنى الدهيبي
الخميس   2024/10/03
تتفاقم حاجات الشخصية والغذائية والطبية، وسط مخاوف من أن يطول أمد الحرب (يحي حبشيتي)


نحو جبل محسن في طرابلس، يتوجه آلاف النازحين من الجنوب والبقاع والضاحية الجنوبية لبيروت، بعد الإعلان عن تحضيرات رسمية وشعبية لاستقبال الهاربين من القصف الإسرائيلي.

المجلس الإسلامي العلوي، تولى مهمة تنظيم اللجان للمساعدة في إيواء النازحين وتوجيههم إلى المراكز المناسبة، حتى صار الجبل مكتظًا بنحو 4 آلاف نازح، يتوزعون على المنازل وعدد كبير من المدارس والمراكز.

خطة المجلس العلوي
يشير رئيس الشؤون الاجتماعية في المجلس بشار الحلبي، وهو ناشط اجتماعي أيضا في جبل محسن، في حديث لـ "المدن" إلى أن المجلس العلوي برئاسة الشيخ علي قدور، أنشأ خلية أزمة وتم الإعلان عن أرقام للتواصل مما سهل توجه النازحين إلى المنطقة.

أكثر من 400 منزل كانوا فارغين في جبل محسن، حولهم المجلس إلى بيوت استضافة مجانية للنازحين من مختلف المناطق الجنوبية والضاحية، وفق الحلبي. كما عمل المجلس، من خلال صندوقه الخاص ومساعدات الناس، على توفير مستلزمات النازحين الأساسية.

كذلك، حوّل عدداً من المدارس في جبل محسن إلى مراكز إيواء، وهي موزعة كالآتي: مدرسة بعل محسن، تضم نحو 265 نازحاً. مدرسة تكميلية القبة (الأمريكان) تضم نحو 200 نازح. مدرسة أبو فراس الحمداني تضم نحو 180 نازح. ثانوية الأمريكان تضم نحو 100 نازح. مدرسة العمري الجديدة تضم نحو 52 نازحًا. مدرسة روضات بعل محسن تضم نحو 50 نازحًا.

ويشير الحلبي إلى أن فرقهم التي تضم عشرات المتطوعين، تقوم برعاية النازحين، ناهيك عن المبادرات الأهلية والفردية التي تتزايد يومًا بعد آخر، توفر للنازحين احتياجات مختلفة من بينها وجبات الطعام.

كما زوّد المجلس العلوي مختلف المدارس بخطوط لمولدات الكهرباء، إضافة إلى الانترنت. ومع ذلك ثمة مصاعب كبيرة يتحدث عنها الحلبي، ومنها مثلًا، أن كمية كبيرة من الطعام الذي ترسله جمعية كاريتاس يتم تلفه، بسبب وصوله المتأخر وغير المنتظم وبسبب ضعف جودته.

وفيما عمل المجلس على إنشاء مركز طبي لتوفير الأدوية للنازحين بواسطة اللجنة الصحية، يتحدث الحلبي عن تحديات الاستمرار، في ظل الحاجة للدعم المالي من الجمعيات والمنظمات، لتوفير حاجات النازحين. لا سيما أن أعدادهم تتزايد يومًا بعد آخر، وكذلك تتفاقم حاجاتهم الشخصية والغذائية والطبية، وسط مخاوف من أن يطول أمد الحرب.

مبادرات أخرى
على مستوى آخر، يشير الناشط السياسي في جبل محسن يوسف شتوي، إلى أن النائب حيدر ناصر لعب دوريًا رسميًا مهمًا في فتح المدارس، ويعمل على إيصال المساعدات إلى النازحين في جبل محسن عبر التنسيق مع الجمعيات الأهلية والمنظمات الإنسانية.  

شعبيًا، يتحدث شتوي لـ "المدن" عن احتضان استثنائي للنازحين من قبل أهالي جبل محسن. ذلك أن بعض الأسر، استقبلت نازحين في منازلها من دون أن تربطها بها أي معرفة مسبقة، كما عمل بعض المغتربين والميسورين على فتح عشرات المنازل مجانًا أمام النازحين. في حين، استأجر بعض النازحين منازل في جبل محسن بأسعار لم تتجاوز 300 دولار شهريًا.

في هذه الأثناء، يعاني سكان الجبل كما سائر طرابلس من أزمة فقدان الفرش، وتوجه بعض التجار لاحتكار ما تبقى لديهم من كميات بهدف بيعها بالسوق السوداء. مثلًا، الفرشة الاسفنج التي كان سعرها نحو 5 دولار في طرابلس، تتجاوز اليوم الـ 20 دولاراً بفعل ارتفاع الطلب عليها.

سياسيًا، يعيش سكان جبل محسن مع النازحين صدمة كبيرة ما بعد اغتيال أمين عام حزب الله حسن نصرالله، لا سيما أن أهالي الجبل معروفون تاريخيًا بتأييد حزب. يقول شتوي: "هناك ناس إلى اليوم في الجبل لا يصدقون أن إسرائيل اغتالت نصرالله، وينتظرون اطلالته".

وفيما يقترب جبل محسن من بلوغ الذروة على مستوى استيعاب أعداد النازحين، يقول شتوي إن الحاجات تتفاقم يومًا بعد آخر، خصوصا مع توقع وصول أعداد جديدة منهم وسط استمرار الحرب.

مناطق أخرى
توازيًا، تكتظ مختلف مناطق طرابلس والكورة وزغرتا والضنية والمنية وعكار بالنازحين. وفيما تتوجه شريحة واسعة من النازحين إلى المراكز الرسمية التابعة للدولة، تتزايد شمالًا المبادرات الفردية والأهلية لتأسيس مراكز إيواء وتوفير مختلف حاجات النازحين.