مقايضة الحلبي والثنائي الشيعي: لامركزية إطلاق العام الدراسي

وليد حسين
الثلاثاء   2024/10/29
كل منطقة تعمل وفق الظروف المناسبة لها بخيار التعليم حضورياً أو من بعد (الوكالة الوطنية)
حُسم الأمر، وسينطلق العام الدراسي يوم الإثنين المقبل. هذا ما أُتفق عليه في الاجتماع الذي عقده وزير التربية عباس الحلبي مع نواب كتلتي حركة أمل وحزب الله، يوم أمس الإثنين.

وفق معلومات "المدن" عرض النواب هواجس مناطقهم، والتي تفهمها الحلبي. إحدى أهم تلك الهواجس تخص حزب الله، الذي يرفض تسجيل أسماء بعض الأساتذة على المنصة التي خصصتها الوزارة لمعرفة واقع النزوح، لداوع أمنية.
والهاجس الآخر، يتعلق بتسجيل الطلاب. يطلب الثنائي الشيعي الإبقاء على تسجيل طلاب الجنوب والبقاع في مدارسهم عوضاً عن تسجيلهم في مراكز الإيواء، بما يعاكس خطة وزارة التربية بتسجيل الطلاب والأساتذة في أماكن النزوح. كما يطلب الإبقاء على التعليم، في هذه المدارس المقفلة بسبب الحرب، عن بعد، بخلاف خطة الوزارة القائمة على التعليم الحضوري.

لا نقل للنازحين من المدارس
وتبدو وكأنها عملية مقايضة بين الحلبي والثنائي الشيعي، وفق ما تؤكد المصادر، بحيث يسهل الثنائي انطلاق العام الدراسي، مقابل سماح الوزارة  لمدارس الجنوب والبقاع والضاحية أن تختار الطريقة المناسبة للتعليم، وستكون حكماً من خلال التعليم عن بعد. وبهذه المقايضة غير المعلنة، يتعلم الطلاب حضورياً في المراكز التي حددتها الوزارة، فيما طلاب مناطق الجنوب والبقاع والضاحية يبقون بلا علم جدي، أي تعليم عن بعد.
وفي ما يتعلق بالأساتذة، يسهل الحلبي تقاضيهم بدلات الإنتاجية من دون التدقيق في دوامات العمل والحضور، كحال مختلف موظفي القطاع العام في ظل الحرب الحالية. لكن حجم هذه البدلات لم يحسم بعد وإن طالبت الروابط  مضاعفتها إلى 600 دولار شهرياً.

وحول ما يشاع من إفراغ  مراكز إيواء ونقل النازحين إلى مراكز أخرى، أكدت المصادر أن الأمر مجرد شائعات ولا أساس له من الصحة، وتوضح حقيقة الأمر بالقول: "في العديد من المناطق يتوزع النازحون على أكثر من مدرسة، ما يؤدي إلى انخفاض عدد المدارس التي يمكن أن تستخدم كمراكز لتعليم الطلاب بحسب خطة الوزارة. وبالتالي يفترض التعاون مع النازحين لجمعهم في مدرسة واحدة في المنطقة عينها، لاستخدام المدرسة الأخرى للتعليم. لكن هذا الأمر لن يبحث قبل انطلاق العام الدراسي ومعرفة حقيقة الواقع على الأرض".

استخفاف الوزير بالأساتذة
واتهمت مصادر نقابية "مدير عام التربية ومساعدته بوضع خطة تربوية على الورقة والقلم من دون استشارة أي مسؤول آخر في الوزارة أو حتى رؤساء المناطق التربوية أو ممثلي الأساتذة" الأمر الذي تسبب في إثارة بلبلة خصوصاً مع إصرار وزير التربية وفريق عمله على إطلاق العام الدراسي حتى ولو لم يتمكن إلا بضعة تلامذة من مباشرة دروسهم. الأمر الذي يظهر وكأن الغاية من إطلاق العام الدراسي هو منح  شرعية للمدارس الخاصة، التي فتحت أبوابها منذ نحو شهر.
وتضيف المصادر أن وزير التربية رفض تحديد موعد للاجتماع مع روابط المعلمين لنقاش الخطة قبل إطلاقها، واكتفى بدعوة الروابط، يوم غد الأربعاء، للمشاركة في إطلاق الخطة. بما يعد بمثابة استخفاف من الوزير بالأساتذة ومدراء المدارس خصوصاً وأن هناك مطالب أساسية وجوهرية ستطالب بها الروابط، وتتعلق بالإبقاء على المدارس كما هي بطلابها وأساتذتها في كل لبنان، وعدم نقل الطلاب والأساتذة إلى مدارس أخرى، والمطلب الآخر يتعلق برفض دوام بعد الظهر. وإلا صار واجباً على مدير المدرسة العمل بدوامين، قبل الظهر وبعده.
 والأهم من وجهة نظر المصادر، صدور قرار واضح حول بدل النقل وكيفية اعتماده في ظل التنقلات الحالية من أماكن السكن أو مراكز النزوح، وبدلات الإنتاجية. وهنا تجزم المصادر"لن تقبل الروابط بإطلاق العام الدراسي قبل صدور قرار واضح عن الوزارة تحدد فيه بدلات الإنتاجية الشهرية بـ600 دولار".

لا مركزية الحلول ومن دون تمويل
القوى السياسية كافة، باستثناء حزب الله وبشكل أقل حدة حركة أمل، أعطت الضوء الأخضر لبدء العام الدراسي. ولم يبق أمام الحزب أي مخرج إلا القبول بإطلاق العام الدراسي لقاء التسهيلات الآنفة الذكر. بمعنى آخر قبول الجميع بحلول لا مركزية: كل منطقة تعمل وفق الظروف المناسبة لها. في المناطق التي تستطيع التعليم حضورياً تذهب نحو هذا الخيار، وفي المناطق غير الآمنة يكون التعليم عن بعد. لكن مرة جديدة الميدان سيحدد مدى نجاح الخطة في الوقت الحالي، ذاك أن أي توسع للعمليات العسكرية أو أي قصف غير معتاد، سيعيد خلط الأوراق.

بما يتعلق بالأموال اللازمة لتنفيذ الخطة، الطرف الوحيد الذي قد يدعم خطة وزارة التربية هي منظمة اليونيسف. بما يتعلق بباقي المانحين الأمر مرتبط ببدء العام الدراسي لمعرفة كيفية تطبيق الوزارة خطتها. فمؤتمر باريس لم ينجح بتأمين متطلبات وزارة التربية لتنفيذ الخطة التي عرضها الوزير عباس الحلبي. كل الأموال التي تعهد بها المؤتمر هي مجرد تعهدات وجزء كبير من المبلغ الذي حكي عنه (800 مليون دولار كمساعدات إنسانية إضافة إلى 200 مليون دولار للقوى الأمنية والعسكرية) سيرحل للعام 2025. أما الأموال والمساعدات التي أعلنت عنها الدول فهي مخصصة لمشاريع تنمية ولمرحلة ما بعد وقف إطلاق النار. أما لوزارة التربية فلم تخصص أموال لا في مؤتمر باريس ولا في النداء الإنساني العاجل الذي أطلقته الأمم المتحدة منذ نحو شهر. وبما يتعلق بالمساعدات التي قد يتلقاها قطاع التربية فجزء منها سيكون للمدارس والتجهيزات والبنى التحتية لاستقبال النازحين.