مساعدات الهيئات الدولية للنازحين: "غير كافية للجميع "
الذي بات بحكم المؤكد، اليوم، أنّ حقبة الانهيار الممتدة منذ ما يربو عن الخمس سنوات، والّتي كانت الأحلك في التّاريخ اللّبنانيّ، قد باتت هامشيّة أمام هول الحرب الّتي تورط بها لبنان. وحاليًّا، وإزاء المقتلة المتنقلة، وتراكم عدّاد الخسائر والدمار وتفاقم أعداد النازحين داخليًّا إلى معدلاتٍ قياسيّة، ومع تراكم الفشل في إطار الحلول وطرح السّياسات المُعالجة في خضم الكارثة الحاليّة، بات الاعتماد على شبكات الدعم الاجتماعية والمنح التمويلية، التّي وُفرّت عبر المنظمات الإنسانيّة وهيئات الأمم المتحدة تحديدًا، لتدارك وطأة الإفقار القسريّ لغالبية الفئات والطبقات الاقتصادية وتعاظم هشاشتها تباعًا.
فما هي هذه الخدمات الّتي تقدمها هذه الهيئات اليوم؟ وهل تحتاج إلى مزيدٍ من التمويل؟
المفوضيّة السّاميّة لشؤون اللاجئين
في حديثها إلى "المدن" تُشير الناطقة باسم المفوضيّة، دلال حرب، إلى أن "هناك حاليًا 1,067 ملجأ جماعياً معيناً من قبل الحكومة يستضيف أكثر من 190,698 نازحًا داخليًّا (بما في ذلك لاجئين سوريين)، وفقًا لوحدة إدارة مخاطر الكوارث. وقد وصلت 885 ملجأً إلى طاقتها القصوى بالفعل. أكثر الاحتياجات إلحاحًا في الوقت الحالي هي الوصول إلى الملاجئ الآمنة، وتوفير مستلزمات الإغاثة الأساسية مثل المراتب، البطانيات، المصابيح الشمسية، أدوات المطبخ، بالإضافة إلى الرعاية الصحيّة، والمساعدات النقدية، وخدمات الحماية، بما في ذلك حماية الأطفال وخدمات مكافحة العنف القائم على النوع الاجتماعي والدعم النفسي والاجتماعي".
وأضافت: "فرق المفوضية تعمل بلا هوادة مع الشركاء الإنسانيين والسلطات اللبنانية لإيجاد مأوى آمن بشكل عاجل لأولئك الذين لا مأوى لهم. تستمر استجابة المفوضية في التركيز على جميع المجتمعات المتضررة، بما في ذلك اللبنانيون واللاجئون". وأكدّت أن "الاحتياجات الإنسانيّة تتزايد بسرعة – ونحن بحاجة إلى تمويل عاجل للاستجابة بشكل مناسب. على الرغم من أننا كنا نستعد لهذا السيناريو الأسوأ وعلى الرغم من تعزيز استجابتنا الإنسانية بشكل كبير منذ 23 أيلول، فإن مواردنا الحالية بعيدة عن أن تكون كافية لمساعدة الجميع".
وعن المساعدات أشارت حرب إلى أن " المفوضية هي المزود الرئيسي لمستلزمات الإغاثة الأساسية، حيث تم توزيع أكثر من 149,865 مادة – من مراتب وبطانيات وأدوات مطبخ ومصابيح شمسية – على 83,590 شخصًا (معظمهم من اللبنانيين) منذ أيلول. وأكثر من 268,650 فردًا لبنانيًا ولاجئًا تلقوا مساعدات نقدية من المفوضية منذ 23 أيلول الفائت (نقدًا للمأوى، نقدًا متعدد الأغراض، ومساعدة نقدية طارئة)". وأضافت: "تعمل المفوضية على شراء 10 سيارات إسعاف يحتاجها بشدة، بعد التشاور مع وزارة الصحة العامة، لدعم جهود إجلاء المرضى من الهياكل المدمرة ولتحويل المرضى الحرجين بين المستشفيات. ستكمل هذه السيارات خدمات الصليب الأحمر والدفاع المدني التي تعاني من ضغوط الاحتياجات الحالية. وسعت المفوضية شبكة مستشفياتها في لبنان، مما عزز الوصول إلى العلاجات الصحية الأساسية من خلال 42 مستشفى متعاقدًا، لضمان استمرار الوصول إلى الرعاية الصحية المنقذة للحياة للجميع. وتواصل المفوضية وشركاؤها تقديم أعمال الترقية في الملاجئ الجماعية، بما في ذلك التقسيم، والعزل المائيّ، وإعادة تأهيل مرافق المياه والصرف الصحي. تستهدف المفوضية إصلاح ما لا يقل عن 420 مأوى جماعي تم تعيينه من قبل الحكومة في جميع أنحاء البلاد ويستضيف أكثر من 16,000 عائلة (معظمهم من اللبنانيين)".
وقالت إن النداء العاجل بين الوكلات من أجل لبنان "يهدف إلى جمع 425.7 مليون دولار لتقديم المساعدات المنقذة للحياة لأكثر من مليون شخص. حصة المفوضية من هذا النداء تقدر بـ 111 مليون دولار. وتدعو المفوضية المجتمع الدولي إلى تكثيف دعمه للبنان وشعبه في هذا الوقت الحرج للبلاد. بينما سيستمر المجتمع الإنساني في بذل قصارى جهده للاستجابة، يظل الحل السياسي العاجل هو الأولوية".
اليونيسيف
وفي تقرير اليونيسف حول الوضع الإنساني في لبنان بين 23 أيلول و15 تشرين الأوّل 2024، تبرز الاحتياجات الإنسانية المتزايدة نتيجة التصعيد العسكري على الحدود اللبنانية الإسرائيلية. أفاد التقرير بأن أكثر من 1.2 مليون شخص تأثروا بالأزمة، بينهم 350,000 طفل، بينما تم تسجيل 2,300 حالة وفاة، بينهم 127 طفلًا، و10,700 إصابة.
افتتحت السلطات اللبنانية 1,060 مركز إيواء جماعيًا لاستضافة أكثر من 188,000 نازح داخلي، بينما تم تسجيل نزوح أكثر من 455,000 شخص من لبنان إلى سوريا. حوالي 60% من الملاجئ الجماعية تقع في المدارس العامة، مما أثر على التعليم، حيث تم تأجيل العام الدراسي الجديد حتى 4 نوفمبر 2024.
اليونيسف، بالتعاون مع شركائها، قدمت خدمات الصحة والمياه والحماية للأطفال والنساء المتضررين. قامت بتوزيع 390,000 لتر من مياه الشرب و9.1 مليون لتر من المياه للاستخدام المنزلي، بالإضافة إلى توزيع 57,148 مجموعة أدوات نظافة. كما تم تقديم خدمات الصحة لـ 43,998 نازحًا، وتم تطعيم 8,757 طفلًا.
في مجال الحماية، قدمت اليونيسف الدعم النفسي لـ 3,527 طفلًا وولي أمر، وقامت بتوزيع أكثر من 11,407 حزمة كرامة للنساء والفتيات. كما تم تسجيل 67 طفلًا غير مصحوبين بأسرهم، وتم لم شمل 65 منهم مع أسرهم. وفي مجال التعليم، وزعت اليونيسف مواد تعليمية وترفيهية على 32,340 طفلًا في مراكز الإيواء. كما تم تدريب 95 معلمًا وميسرًا على نهج التعليم في حالات الطوارئ.
وقال التقرير، أنّه ما زال هناك فجوة تمويلية كبيرة، حيث بلغ التمويل المطلوب 105.3 مليون دولار، لكن اليونيسف لم تحصل إلا على 9.7 مليون دولار حتى منتصف أكتوبر 2024، مما يعكس حاجة ماسة للمزيد من الدعم المالي لتنفيذ استجابتها الإنسانية.
الأونروا
من جهتها أشارت وكالة غوث اللاجئين الفلسطينين (الأنوروا) في حديثها إلى "المدن"، إلى أنها قامت بتفعيل استجابتها للطوارئ وتشغيل 11 مركز إيواء في أنحاء البلاد. بحلول 21 تشرين الأول، تم تسجيل 3,757 نازحًا في هذه الملاجئ، بانخفاض قدره 72 شخصًا عن التقرير السابق، مع تقارير تشير إلى عودة بعض النازحين إلى الجنوب. وقالت الأنوروا "نستمر في تنسيق جهودنا مع الشركاء المحليين والدوليين لتقديم خدمات مثل الدعم النفسي الاجتماعي وتوزيع الوجبات الساخنة. كما تم إطلاق نداء عاجل لجمع 27.3 مليون دولار لتلبية الاحتياجات الإنسانية على مدى التسعين يومًا القادمة".
أما وعلى مستوى الصحة، فيعمل 13 مركز صحيّ فقط من أصل 27، فيما تبقى العيادات في منطقة صور مغلقة بسبب المخاوف الأمنية. تؤكد وزارة الصحة اللبنانية حالة إصابة بالكوليرا، مما يزيد من المخاطر الصحية. وعلى صعيد التعليم، تم تأجيل السنة الدراسية حتى 4 تشرين الثاني 2024، وتعمل الأونروا حالياً على توفير الدعم النفسي الاجتماعي للأطفال في مراكز الإيواء. ومنذ بداية النزاع، تم تقديم الدعم النفسي الاجتماعي لأكثر من 3,200 شخص، بينهم 2,200 طفل. ومن ناحية اللوجستيات، يجري تجهيز مطابخ مجتمعية في مناطق مثل البقاع وصيدا، بينما تواجه الأونروا تحديات مستمرة في ضمان وصول المساعدات بسبب الأوضاع الأمنيةّ.