جولة في مستشفى الساحل تدحض أكاذيب اسرائيل و"دهاليزها"

فرح منصور
الثلاثاء   2024/10/22
طُلب من الجيش اللبناني الكشف على المستشفى وتبيان كذب اسرائيل (علي علوش).
يُكرر سيناريو غزة في لبنان. التهديدات الإسرائيلية طالت مستشفى الساحل في الضاحية الجنوبية بحجة استخدام حزب الله لطوابق المبنى السفلية لتخزين الأموال والذهب. ما أدى إلى إخلاء المبنى بالكامل وإقفال أبوابه وبات المستشفى بحاجة إلى ضمانات جديّة كي يُعاود تقديم خدماته الطبية.
  
"جولة إعلاميّة"
مُستلزمات وأدوات طبيّة. غرف مُخصّصة للعمليات الجراحيّة. أسرّة فارغة من المرضى. أطباء يتنقلون بين الغرف بخوفٍ وقلق، فيما الأبواب الرئيسيّة مفتوحة بالكامل أمام وسائل الإعلام. فإدارة المستشفى طلبت من وسائل الإعلام التجول داخل الغرف  برفقة عدسات الكاميرات، وتوثيق هذه المشاهد ونقلها للرأي العام والمجتمع الدولي، ونفي كل المزاعم الإسرائيليّة التي اتهمت استخدام الأراضي السفلية للمبنى لأعمال حزب الله.

صباحًا، فُتحت أبواب المشفى أمام الجميع. وطلبت الإدارة من الجيش اللبنانيّ ووسائل الإعلام المحلية والأجنبية الحضور والكشف على جميع الغرف الموجودة في المبنى.

جالت "المدن" داخل مبنى مستشفى الساحل في الضاحية الجنوبيّة. عشرات الغرف مليئة بالمعدات الطبية. غرف مُخصصة لمرضى السرطان. وجوه الأطباء قلقة ومتوجسة، فالخريطة التي نشرها أفيخاي أدرعي على "منصة إكس" فجأةً، أثارت الرعب داخلهم، فهي ضمنيًا تشكل تهديدًا واضحًا باستهداف المبنى بشكل كامل وتُشرّع استهدافه، فأجبرت إدارته على إخلاء المرضى والطواقم الطبية وخرج المشفى عن الخدمة.

"ادعاءات كاذبة". بهذه العبارة علّق مدير مستشفى الساحل، الدكتور مازن علامة لـ"المدن" على الخريطة التي عمّمها أدرعي. مؤكدًا أن أهمية الجولة الإعلامية اليوم هي التأكيد أمام المجتمع الدولي أن الادعاءات الإسرائيليّة كاذبة ولا تمت للواقع بصلة، لافتًا إلى أن ثقتة الكبرى هي بالجيش اللبناني الذي سيكشف على جميع أرجاء المستشفى ويؤكد عدم وجود أي علاقة بحزب الله.

إخلاء المستشفى
أفرغ المستشفى من جميع العاملين فيها. وهي تدابير استثنائية اتخذتها إدارته، حرصًا على حياة المتواجدين فيه. ويوضح علامة إلى أن أبواب المستشفى لن تبقى مقفلة، فهو يُقدم خدمات صحية للمرضى ولا علاقة له بحزب الله أبدًا، لكنه بحاجة إلى ضمانات رسميّة من الدولة اللبنانيّة بعدم استهداف إسرائيل للمستشفى ليتسنى لهم فتح أبوابه مجددًا.

في الطوابق السفلية لمبنى الساحل، يقع قسم الطوارئ، وغرف خاصة للمولدات الكهربائية. وحالة الرعب سيطرت على جميع الموجودين داخله يوم أمس، وكان فيها حوالى 15 مريضًا. واضطروا إلى إخلاء المبنى بشكل كامل.
تشرح مسؤولة قسم الطوارئ، باسمة فرحات لـ"المدن" حالة الذعر لدى المرضى مع انتشار التغريدة، وتقول: "كان علينا التحرك بسرعة خوفًا من استهداف المستشفى، أخلينا المرضى بسيارات الصليب الأحمر وبسياراتنا الخاصة. كانت صدمة كبيرة وشعرنا تمامًا بأن مشاهد غزة تتكرر أمامنا. وتضيف: "أعمل منذ عدة سنوات في قسم الطوارئ، لا وجود لأي أموال في الطوابق السفلية، ولا أنفاق. ونشعر بالقلق من استهدافنا في أي لحظة، والمؤكد أن هدف إسرائيل هو إخراجنا عن الخدمة كي لا نتمكن من مساعدة أي مريض".

طابقان فقط تحت الأرض. الأول يضم غرف العمليات وهي عبارة عن أكثر من 6 غرف وبجانبهم غرف صغيرة فيها معدات طبية ولوازم طبية، وأدوات للتعقيم. وفي الطابق الثاني تحت الأرض، غرفة خاصة تحفظ فيها جثث الموتى، وممر طويل فيه المولدات الكهربائية، وأيضًا هناك قاعة كبيرة تُسخدم لتنظيف الملابس الطبية وأغطية الأسرة وغيرها. والمشاهد التي وُثقت اليوم بعدسات الكاميرات هي مشاهد "طبيعيّة" لأي مستشفى يُقدم خدمات طبيّة. والبديهي أن نجد عشرات الغرف والممرات والكثير من الأقسام.

وبزعم أدرعي أن "ملجأ الأمين العام لحزب الله، حسن نصرلله تحت المستشفى، أما فتحتي الدخول والخروج للملجأ فهي داخل عمارة الأحمدي وعمارة سنتر الساحل (أي المستشفى)، وفي هذا الملجأ يوجد مجمع يُحتفظ فيه بمئات الملايين من الدولارات والذهب التي أخذت من المواطنين وتُستخدم لتسليح حزب الله فقط".

سيناريو غزة
عمليًا، يتكرّر سيناريو غزة في لبنان بتفاصيله. وبالعودة إلى السابع عشر من تشرين الأول العام 2023، أغار الطيران الإسرائيلي على مستشفى المعمداني في غزة وارتكب مجزرة أسفر عنها استشهاد أكثر من 500 شخصٍ، بحجة أن عناصر حماس مختبئة بالداخل وأنفاقها تحت المستشفى. كما عمد على محاصرة المستشفيات في غزة من خلال منع الدخول والخروج منها وقصف كل ما يُحيط بها.

في محيط مبنى الساحل، هدير طائرات الإستطلاع لا يتوقف، تحليق مستمر وتوثيق متواصل، وهو ما أكده أدرعي في تغريدته أن طائرات الاستطلاع تُراقب المكان ولن تتركه، ما يعني استمرار الخطر على مستشفى الساحل، إذ قد يلجأ إلى أي ذريعة لقصف المبنى.

ويبدو اليوم، أن أهداف إسرائيل في لبنان لا تنحصر باستهداف قادة حزب الله وعناصره ومخازن أسلحته ومؤسساته وتهجير وتفريغ جنوب لبنان من سكانه، بل تسعى لتفكيك بيئته الحاضنة وتشتيتها، ولتحريك الشارع اللبناني ضد حزب الله. وذلك يتبين بعدما أكد أدرعي أن إسرائيل لا تُريد استهداف المستشفى، ولكنها "تناشد الدولة اللبنانية والمنظمات الدولية لإعادة الأموال التي سُرقت من مواطني لبنان". هذا إلى جانب أسلوب أدرعي المُعتمد في رسائله للبنانيين ولوسائل الإعلام أيضًا. فبالتزامن مع الجولة الإعلامية وصف أدرعي الجولة "بمسرحية داخل الأقسام الطبية"، طالبًا من الإعلاميين الإنتقال إلى الأماكن التي حددها في الخريطة، والتوجه نحو ملجأ حزب الله الخاص، قائلًا: "شارع ضرغام، العمارة رقم 7، طريق المطار... اذهبوا إلى هناك...".