آلاف النازحين اللبنانيين في العراق: ترحيب وتسهيلات استثنائية
نزوح كبير
هذه الحرب التي تسببت بنزوح أكثر من مليون لبناني من منازلهم، في غضون ثلاثة أسابيع فقط، كانت وجهتهم إما داخل لبنان نحو مناطق أكثر أمانًا، أو إلى سوريا، وأخيرًا نحو العراق.
وفي آخر إحصاء للحكومة العراقية، وصل إليها حتى الآن ما يزيد عن 7700 لبناني إلى العراق، والعدد في تزايد مستمر.
في محافظة كربلاء وحدها، كشفت الحكومة المحلية عن وصول أعداد اللبنانيين الوافدين إلى المدينة، إلى أكثر من 6 آلاف لاجئ.
لكن استقبال العراق للنازحين اللبنانيين، جاء أيضًا بفعل قرارات حكومية مشجعة. فقبل نحو أسبوعين، وجه رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني، وزارة الداخلية العراقية، بمنح المواطنين اللبنانيين الذين لا يملكون جوازات سفر ويرغبون في المجيء إلى العراق وثائق سفر سريعة، بالتنسيق مع السفارة اللبنانية.
إجراءات عراقية
وقبلها في 24 أيلول، أوعز السوداني بتمديد سماح إقامة المواطنين اللبنانيين المتواجدين في العراق، من دون الحاجة إلى السفر لمدة ثلاثين يومًا، مع إمكانية تمديدها مرة أخرى. كما أعطى أمرًا بإعفاء المواطنين اللبنانيين المخالفين حالياً من العقوبات، واستمرار منح سمات الدخول مجانًا للقادمين إلى المنافذ الحدودية العراقية.
وفي تصريحات لوسائل إعلامية عراقية، قالت مفوضية اللاجئين إنها تجمع المعلومات وتوفر الوصول إلى المساعدات الإنسانية الأساسية وغيرها من الخدمات. لكنها في الوقت نفسه، اعتبرت أن الحكومة العراقية، تتحمل مسؤولية استقبال واستضافة اللبنانيين الفارين إلى العراق، "بما في ذلك توفير الوصول إلى الخدمات الوطنية مثل الصحة والتعليم".
ورصدت المفوضية قبل أيام، وصل أكثر من 6 آلاف و500 لبناني إلى العراق، وذلك بطرق مختلفة. إذ دخل بعضهم عبر معبر القائم الحدودي بين العراق وسوريا، وكذلك من خلال مطاري بغداد والنجف.
العتبات المقدسة وجوارها
وتفيد المعطيات إلى أن الكثير من النازحين اللبنانيين في العراق، استقروا في النجف وكربلاء. وهناك، تم إيوائهم في الفنادق والمباني السكنية، التي حددتها السلطات المحلية، وكذلك العتبات الدينية في المدينتين. فيما أقام آخرون عند أصدقاء وأقارب لهم. والعتبة الحسينية في كربلاء مثلًا، وفرت أماكن استضافة للبنانيين النازحين.
في النجف، تم تشكيل عدة لجان من أجل استقبال النازحين اللبنانيين، وتم تخصيص سكن لعدد منهم في دار ضيافة مسجد الكوفة، وكذلك في بعض بيوت النجف.
وإلى مدينة الدجيل بمحافظة صلاح الدين، والتي تبعد عن شمالي بغداد حوالي 60 كيلو مترًا، وصلت حوالي 75 عائلة لبنان، بعد انتقالها إلى سوريا.
وفي تصريح لوكيل وزارة الهجرة والمهجرين العراقية كريم النوري، قال إن الوزارة لن تقيم مخيمات للوافدين اللبنانيين إلى العراق. وأشار إلى أن عملية تسجيلهم تمت على مرحلتين، الأولى عند دخولهم من المنافذ، ثم من قبل فروع الوزارة بغية تقديم الدعم لهم. كما يتم تسجيلهم عند وصولهم ضمن قائمة معلومات عند المنافذ، سواء منفذ القائم أو ربيعة أو مطار بغداد أو النجف. وتاليًا عند انتقالهم إلى المحافظات أو الفروع لتوثيق المعلومات عنهم.
وعمدت هذه الوزارة على توسيع عملها من أجل إغاثة النازحين اللبنانيين. وذاك عبر تقديم السلة الغذائية والدوائية، وفتح بعض المؤسسات أمامهم، مثل الملاعب وبعض الأماكن القادرة على استيعاب العوائل.
وقال وزير النوري في إحدى تصريحاته: "يتم تسمية اللبنانيين بالوافدين، أما كلمة نازحين فتترك للتوصيف القانوني. ونأمل أن نجد قريبًا توصيفًا مناسبًا لهم لترتيب الأثر القانوني ومساعدتهم من قبل المنظمات الدولية والعراقية".
وفي تصريح لقائممقام مدينة كربلاء حسين المنكوشي، قال إن عدد اللبنانيين الوافدين إلى مدينة كربلاء بلغ لغاية مساء الخميس، أكثر من ستة آلاف شخص.
سجال عراقي؟
اللافت في هذا الأثناء، هو ما برز من سجال في العراقي بين السلطة وأصوات في الشارع، تخشى من تداعيات النزوح اللبناني. قبل أيام، طلب رئيس مجلس محافظة النجف بالوكالة، غيث الكلابي، بتعيين اللاجئين اللبنانيين في العراق في الدولة، لكنه قوبل برفض بعض الجهات، إذ استبعد مجلس الخدمة العامة الاتحادي، المعني بشؤون التوظيف، إمكانية توظيف اللبنانيين.
يأتي ذلك، وسط تظاهر آلاف الخريجين العراقيين، للمطالبة بتوفير درجات وظيفية لهم، من دون أي استجابة حكومية لهم.
وبعد شائغات أثارها بعض الناشطين العراقيين حول الخشية من مخطط لتوطين اللبنانيين الهاربين من الحرب، نفى المتحدث باسم وزارة الهجرة، علي عباس جهانكير، في تصريحات صحفية، ما أسماه مزاعم بشأن توطين النازحين اللبنانيين في العراق.
وسبق أن وجهت وزارة الهجرة، مطلع الأسبوع، نداءً عاجلًا إلى المواطنين اللبنانيين في العراق، ودعتهم إلى التواصل مع الوزارة، بغية تسجيلهم ضمن قاعدة بيانات الوزارة، وتأمين احتياجاتهم الضرورية.