القضاء يصوّب مساره: توقيف المتحرش سامر مولوي
بعد الخطوة الناقصة التي اتخذتها النيابة العامة الاستئنافية في الشمال بالإفراج عن الأستاذ سامر مولوي، المتهم بالتحرش الجنسي بطالباته القاصرات في ثانوية جورج صراف الرسمية في طرابلس، اتخذت مجددًا قرار توقيفه. وهو حاليًا موقوف لدى تحري طرابلس، منذ يوم أمس الجمعة، حسب ما كشف لـ"المدن" محامي الطالبات الناجيات، خالد مرعب.
تداعيات الضغط الإعلامي
ويبدو أن الضغط الإعلامي تعقيبًا على إخلاء سبيل الأستاذ المتحرش والكشف عن ملابساته (راجع "المدن")، دفع النائبة العامة في الشمال، القاضية ماتيلدا توما، إلى إعادة النظر بقرار الافراج عن استاذ مدان بعشرات الشهادات والوثائق الالكترونية. وتاليًا، لجأت توما لخيار التوسع بالتحقيق، والسماع مجددًا لشهادات الطالبات الناجيات اللواتي يمتلكن الأدلة الكافية لتجريم الأستاذ.
وفي التفاصيل، يشير مرعب الذي اجتمع مع القاضية توما قبيل اتخاذها قرار توقيفه، إلى أن النيابة العامة عدلت رأيها، وطلبت توما من التحري التوسع بالتحقيق واستجواب الناجيات، فاكتفوا باستجواب إحداهن، والتي شرحت بالتفاصيل المملة سلوك الأستاذ وكل ما تمتلكه هي وزميلاتها من أدلة لإدانته باستغلالهن والاعتداء عليهن لفظيًا وجسديًا. وعليه، سارع التحري إلى القبض على مولوي وتوقيفه.
ومن المفترض أن يحال الملف الإثنين إلى النيابة العامة الاستئنافية مجددًا، ومنها إلى القضاء المختص سندًا للجرم المرتكب، لمتابعة إجراءات الدعوى.
أمل الطالبات الناجيات
إذن، عاد الأمل مجددًا إلى الطالبات الناجيات من ثانوية جورج صراف الرسمية، اللواتي قلقن من كل محاولات تمييع قضيتهن وترهيبهن، خصوصًا بعد أن عبرن عن شجاعة استثنائية بفضح استاذهن المتحرش أمام الرأي العام.
وحسب معلومات "المدن"، تطالب الناجيات بعدم الاكتفاء بقرار وزارة التربية القاضي بفصل الاستاذ عن التعليم، وبمحاكمته قضائيًا حتى يكون عبرة لغيره، وحتى يشكل الحكم حصانة داعمة لطلاب وطالبات المدارس، وتحديدًا من هم ما دون الـ18 عامًا.
قانون التحرش
وحسب المعطيات أيضًا، من المرجح أن تتم محاكمة سامر المولوي استنادًا إلى قانون "تجريم التحرش الجنسي وتأهيل ضحاياه" الصادر عن مجلس النواب نهاية 2020.
وهذا القانون، يعاقب مرتكب جريمة التحرش الجنسي بالحبس من 6 أشهر إلى سنتين، ودفع غرامة مالية تصل إلى عشرين ضعف الحد الأدنى الرسمي للأجور، إذا كان المرتكب موظفًا، وإذا وقع الجرم في إحدى الإدارات والمؤسسات الرسمية ومنها المدارس والجامعات والحضانات.
ورغم أن هذا القانون ينقصه الكثير من التدابير الحامية والإجراءات الرادعة للحد من ظاهرة التحرش المتفشية بشكل كبير في لبنان، لكنه واضح لجهة تعريف معنى التحرش. وهو التعريف الذي يسعى أمثال سامر والمدافعين عنه التهرب منه، والإلتفاف حوله بذرائع كثيرة على حساب الضحايا وبهدف إسكاتهم عبر التقليل من شأن قضيتهم وأدلتهم.
وحسب هذا القانون، فإن التحرش هو "كل سلوك سيئ ومتكرر، خارج عن المألوف، وغير مرغوب فيه من الضحية، وذي مدلول جنسي يشكل انتهاكاً للجسد، أو للخصوصية، أو للمشاعر.. وقد يتم عبر أقوال، وأفعال، ووسائل إلكترونية". ويعد القانون أيضًا تحرشًا جنسيًا "كل فعل أو مسعى، لو كان غير متكرر، يستخدم أي نوع من الضغط النفسي أو المعنوي أو المادي أو العنصري ويهدف فعلياً للحصول على منفعة ذات طبيعة جنسية".
وعليه، فإن القضية تحمل أبعاد قانونية وقضائية ومجتمعية وحتى سياسية، في بلدٍ تدفع فيه الفتيات والنساء فاتورة باهظة لعدم انصافهن، لا بالمحاكم الدينية ولا بالمحاكمة المدنية. وهو ما يجعل القاضية ماتيلدا والجهة المعنية التي ستتابع الملف بعدها، أمام تحدٍ كبيرٍ بسلك مسارٍ جديد في مقاربة أحكام جرائم التحرش. وعلى الأقل، تطبيق القانون رغم شوائبه.