المغرب تنضم إلى البرازيل والبرتغال: الرقص على ايقاع الانتصار
لم تنفع الجهود التي بذلها لاعبو أسبانيا بالتدرب على تسديد الركلات الترجيحية طوال فترة الإستعداد لمونديال قطر، بناءً لطلب مدربهم لويس أنريكه لاقتناعه بأنها ليست يانصيب بل جزء من اللعبة، ومع أنّ كل لاعب سدّد 1000 ركلة، فشل منتخب "لاروخا" في ترويض "أسود الأطلس" في التسجيل ثلاث مرات، ليخرج بطل العالم 2010 من مونديال 2022 في مرحلة ثُمن النهائي بعدما كانوا فشلوا في هز الشباك المغربية طوال 120 دقيقة عدا الأوقات بدل الضائعة ودقائق تسديد الركلات الترجيحية، "فالدفاع المغربي مدهش والحارس بونو رائع حرمنا من التأهل" كما علّل المدرب الماتادور خروجه من المونديال، وهذا قول حق، فالمغاربة كانوا الأصلب حتى الآن، كونهم الوحيدين الذين تخطوا دور الثمانية بشباك لم تهتز سوى مرة واحدة!!.
لم تكن هذه المرة الوحيدة التي عذّب فيها الأسود المغاربة "الماتادور" الإسباني ففي المونديال السابق تعادل الفريقان بهدفين لكل منهما، وفي مونديال قطر اختفى النجوم الأسبان أمام بطولية الحارس ياسين بونو الذي صدّ ركلتين مع مؤازرة القائم في الركلة الثالثة المهدورة، وتألق صابري وزياش وحكيمي، وسطروا مع باقي رفاقهم صفحة تاريخية لمنتخبهم كأول عربي يتخطى دور الثمانية، بعدما أصبح أول عربي يتأهل مرة ثانية بعد 1986، ما جعل المدرب وليد الركراكي يطلق العنان: لا سقف لطموحاتنا، ويعطي التفسير لما حصل: اللاعبون كانوا مستعدين للموت من أجل بلدهم.
ماكرون عرافاً خلفاً للأخطبوط بول
في مقلب آخر يستعد الرئيس الفرنسي ماكرون للمجيء إلى قطر في حال تأهل منتخب بلاده للدور نصف النهائي، آملاً بتكرار المشهد النهائي لمونديال روسيا وتتويج " الديوك" للمرة الثانية على التوالي والثالثة في تاريخ المشاركات المونديالية. وأرفق ماكرون ذلك بتقديم نفسه عرافاً بديلاً للأخطبوط " بول" الذي كان يتنبأ بنتائج مباريات المونديال، ونجح في جميع توقعاته لنتائج مونديال 2010 وقد توفي في ذلك العام! فأصاب في نتيجة بلده وبولندا (3-1) وفي مسجلي الأهداف: ليفاندوفسكي وجيرو ومبابي!!.
هؤلاء الثلاثة الذين أتى على ذكرهم الرئيس الفرنسي، تركوا بصمات في هذا المونديال، فالبولندي ليفاندوفسكي الذي كان أكبر هداف في تاريخ "البوندسليغا" مع بايرن ميونيخ محطماً رقم غيرد مولر قبل أن يصبح أكبر تعويض لبرشلونة بعد رحيل ميسي، غادر المونديال وحلبة المنافسة على لقب الأفضل أو الهداف، مكتفياً بهدف "الشرف" في آخر ثانية من اللقاء ومن علامة الجزاء، والفرنسي جيرو صار الهداف التاريخي لبلاده بالهدف 53، ومواطنه مبابي سجّل هدفه التاسع في موندياله الثالث ليصبح الأول في تاريخ كأس العالم الذي يحقّق هذا الرقم قبل بلوغه سن الرابعة والعشرين، ومتجاوزاً من جهة أخرى زيدان بتسجيله 33 هدفاً دولياً في مختلف المسابقات..
وبعد تسجيله ثنائية مع تمريرة حاسمة أمام بولندا ونيله جائزة رجل المباراة، لم يعد أمام المدرب الإنكليزي ساوثغيت سوى إيقاف مبابي في ربع النهائي ليتخلص من عقدة سقوط منتخب "الأسود الثلاثة" أمام الكبار في الأدوار الإقصائية للمونديال وبطولة أوروبا. ولكن الإنكليز ومع أنهم الأفضل هجوما حتى دور الثمانية (12 هدفاً) لم يواجهوا خصوماً أقوياء (إيران والولايات المتحدة وويلز والسنغال). وقد انتظر القائد كاين المباراة الأخيرة ليسجل أول أهدافه، أناب عنه هذه المرة في صناعة الأهداف الشاب المتألق بيلينغهام الذي أسهم في هدفين من ثلاثة. وكان كاين رجل المباراة وأحد ثمانية لاعبين سجلوا تسعة أهداف في دور المجموعات، مما يظهر تنوعاً مذهلاً.
ريتشارليسون رقّص الكرة على رأسه ونيمار رقّص الحكم!!
هذه "الوصفة" لعلاج العاهة الإنكليزية يقابلها خبراء الكرة بنصيحة لخصوم "السيليساو": أن تلعب هجومياً أمام البرازيل يعني الإنتحار.. ولعل ذلك كان نتاج المباراة المثيرة أمام كوريا الجنوبية الذي ذكّرنا بإيقاع السامبا الخالص في موندياليي 1970 و1982، من خلال استعراض الأهداف الأربعة التي جاءت كلها في الشوط الأول، فيما اقتصرت أهداف دور المجموعة على ثلاثة أهداف في المباريات الثلاث باشواطها الستة. وخير من مثّل الإستعراض البرازيلي ريتشارليسون بأحد هدفيه في مرمى صربيا بطريقة "دبل كيك"، وبهدفه في المرمى الكوري بعد ترقيص الكرة على رأسه ثلاث مرات قبل التسديد الصاروخي في الشباك.
البرازيل ضاربة كل الأرقام المونديالية والتي تقدمت في التسجيل في 70 مباراة، تخطت "إنتكاستها" أمام الكاميرون في آخر مباريات دور المجموعات، بأهدافها الأربعة في دور الثمانية. وكان بين المسجلين نيمار "الأعظم" العائد من الإصابة، ومن ضمن خمسة مهاجمين من أصل تسعة ضمّتهم تشكيلة المدرب تيتي. وقد رقص كالعادة، وأضاف هذه المرة رقصة مع حكم المباراة الذي كان يسد طريقه، سجّل هدفاً وصنع آخر واستحق جائزة رجل المباراة. وكان هدفه من علامة الجزاء الهدف المونديالي السابع، الذي قرّبه من رقم الملك بيليه (76-77) وجعله ثالث برازيلي يسجل في ثلاثة مونديالات.
رونالدو يشهد ولادة خليفته وميسي يتجاوز مارادونا
ومن برازيل السامبا إلى برازيل أوروبا، نعني البرتغال بالطبع، الذي فاق الجميع بمن فيهم البرازيليون في مهرجان الأهداف بمرمى سويسرا القوية (6-1) مسجلاً أعلى نتيجة في تاريخ كأس العالم في دور الثمانية، ولكن هذا الإنجاز حصل بمعزل عن إعجاز رونالدو الذي أصبح بهدفه اليتيم في دور المجموعات من "بنالتي" أول لاعب يسجل في خمسة مونديالات، والذي أبقاه المدرب على دكة البدلاء للمرة الأولى 72 دقيقة، وأنزل بديلاً لإبن الـ 37 عاماً شاباً في الواحد والعشرين. ترك بصمة في تاريخ كأس العالم، فصار راموس أصغر لاعب يسجل "هاتريك" علماً أنه لم يلعب سوى عشر دقائق خلال مباراتين في دور المجموعات، وحين سجّل هدفه الأول لم تبدُ على محيا رونالدو أي ردة فعل سارة، فيما تحرك من مقعده محتفلاً بهدف صديقه بيبي إبن التاسعة والثلاثين الذي أصبح أكبر لاعب يسجل في الأدوار الإقصائية.
أوضح راموس صاحب أول "هاتريك" في قطر مع تمريرة حاسمة، أنّ رونالدو تحدث معه كما مع كل اللاعبين كونه قائد الفريق وقد شجعه..
وفي مقابل هذا الإكتساح الهجومي بالنكهة البرازيلية، بقيت الأرجنتين فقيرة بالأهداف مكتفية بهدفين في أستراليا ولكن أحدهما هو الأول لميسي في الأدوار الإقصائية، وبه أصبح على بعد هدف واحد من الرقم الأرجنتيني الذي يحمله باتيستوتا المتواجد في قطر كمحلل للمباريات. وهذا الإنتعاش للبرغوت الصغير قابله رقم قياسي تجاوز به الأسطورة مارادونا بالمباراة 23 في المونديال.. غير أنّ صاحب الرقم القياسي في الكرة الذهبية كأفضل لاعب في العالم (7 مرات) أعلن التحدي: الآن يبدأ كأس العالم بالنسبة لنا.