ثورة البقاع تنتظر الزخم البيروتي.. وقسوة الضائقة المعيشية
خطوة إلى الأمام
لبت زحلة، سعدنايل، وأعالي جديتا اليوم الثلاثاء نداء الغضب البيروتي، لكن الترقب ظل عنواناً عاماً لـ"ثوار" البقاع، وصولاً إلى الهرمل.
وفي هذا الإطار، يفند أحد الفاعلين الميدانيين في البقاع الأوسط أسباب التراجع النسبي للحالة "الثورية" في منطقته، فيوضح لـ"المدن": "النهوض الذي شهدته زحلة وسعدنايل مرده إلى الطابع السياسي للمنتفضين" هناك. وهو يشير إلى أن "ثوار سعدنايل، الذين يدور معظمهم في الفلك العلماني واليساري، ما زالوا على تنسيق مع الحالة الزحلاوية. لذا يبدو النهوض في الميدانين اليوم، سببه نفس يساري قديم - متجدد، أو عاد إلى الحياة، ولفظ تأييد تيار المستقبل في سعدنايل. وهناك عصب حزبي مستتر في زحلة، شكّل بلا أدنى شك رافعة ثورية، قوامها حزبيّ القوات والكتائب وما بينهما من ثوار غاضبين من تفاقم الأزمات المعيشية".
وخطوة إلى الوراء
أما التراجع الثوري في باقي بلدات البقاع الأوسط، وتحديدا في تعلبايا وقب الياس، فيعود إلى تيار المستقبل تارة، وإلى متمولي الطموح السياسي تارة أُخرى.
ففيما يتعلق بتعلبايا، علمت "المدن" أن التراجع التكتيكي للثوار سببه محاولة تسلل "تيار المستقبل" إلى الملعب الثوري. وبعبارة أوضح فإن تفضيل الثوار الانكفاء، تبلور بعدما بدأ أحد منسقي "التيار الأزرق" في المنطقة بعقد لقاءات سياسية يثني فيها على الحالة الاعتراضية. وهذا شكل نفوراً واضحاً للثوار الذين يصرّون على أن الغضب البقاعي ضد الطبقة السياسية كلها، بما فيها "المستقبل" وكل أطياف المحاصصة اللبنانية.
أما في قب الياس فأسباب التراجع مشابهة، ولكن مسببها المباشر ليس حزبياً بل "متسلقاً ثورياً". فمنتفضو هذه المنطقة يفضلون الترقب في هذه المرحلة، كي يقطعوا الطريق على متمول يحاول قطف ثمار نشاطهم السياسي منذ 17 تشرين الأول 2019.
حذر بعلبك - الهرمل
في مدينة بعلبك وصولأ إلى الهرمل، غابت شمس الثورة في انتظار ما سيتمخض عنه اليوم الأول من أسبوع الغضب. فثوار البقاع الشمالي ما زالوا يتهيبون الآلة الإعلامية لـ"حزب الله" التي تعتبر التحرك مدفوعاً، إما من تيار المستقبل أو من حزب القوات اللبنانية.
وفي هذا السياق يؤكد أحد ثوار ساحة خليل مطران البعلبكية: "أن الترقب اليوم خطوة في انتظار تبلور الوجهة الشعبية البقاعية. وبمعنى أدق، فإن كبوة ثورة البقاع الشمالي ستعود للنهوض قريبا، حالما تزول الصبغة الحزبية عن أي تحرك بقاعي".
رأس بعلبك - القاع
وعلى الرغم من تمدّد الحالة الثورية في حقبة تشرين الثورة، وشمولها قرى البقاع، لكن بلدتي القاع ورأس بعلبك المسيحيتين فضلتا اللحاق بثوار البلدات المجاورة على بلورة ثورتهما المحليتين.
وفي قراءة سوسيو- سياسية لحرص هاتين البلدتين، يبدو جلياً أن رأس بعلبك، حيث الحضور التاريخي لليسار، لم تنكفء عن الثورة، بل بدلت وجهة تحركاتها لتشكل رافداً لجارتها بلدة الفاكهة.
أما عدم نصب خيمة في هذه البلدة، فيعود لأسباب كثيرة، منها ما هو طبقي ومنها ما هو سياسي: طبقياً، معلوم في هذه البلدة كثرة متمولين يخافون من أي تغيير، بناءً على مقولة: "رأس المال يهاب التغيير العشوائي". أما سياسياً، فيبدو أن الرأس بعلبكيين يراعون تأييد شريحة من بلدتهم لـ"االتيار الوطني الحر" أو لـ"سرايا المقاومة".
الغياب الكلي لبلدة القاع عن الخارطة الثورية، يعود إلى حسابات سياسية ووظيفية فقط. فالشريحة الكبرى من هذه البلدة تؤيد إما المناخ العوني، أو مناخ الحرس القديم المرتبط بالمؤسسة العسكرية، فيما يراعي القواتيون هذه المسألة، على الرغم من حضورهم القوي، لا سيما في رئاسة البلدية.
في انتظار المركز
بغض النظر عن أي ترقب أو تراجع نسبي للثورة في البقاع، فالمؤكد أن استمرار النهوض الثوري في بيروت، سيجدد حكماً التحرك البقاعي، خصوصاً أن كرة الفقر والأزمات المعيشية تستمر في تدحرجها بقوة فيه يوماً بعد آخر.