عملية حزب الله: أهل القرى الحدودية يفرّون.. ويعودون فرحين
كانت الأجواء طبيعية على الرغم من القلق الذي يعيشه اللبنانيون حول إمكان وقوع حرب جديدة بعد توعّد أمين عام حزب الله السيد حسن نصرالله بالرد على الخرق الإسرائيلي في الضاحية الجنوبية.
فجأة خلت الحسينيات
عند الساعة الرابعة من بعد الظهر وقع المنتظر: قام حزب الله بتدمير آلية عسكرية عند ثكنة أفينيم المحاذية لبلدة مارون الراس، وسقطت القنابل الإسرائيلية في خراج مارون الراس وعيترون.
فجأة أخليت الحسينيات من المجالس الحسينية. حال من الهلع أصابت الجنوبيين: منهم من لملم أغراضه وأدار محرك سيارته لترك منطقته مع عائلته، ومنهم من بقي. محطات البنزين عجّت بالسيارات مسببةً ازدحاماً على الطرق.
في بنت جبيل تخرج سيدة مهرولةً من منزلها لتضع حقيبة في صندوق سيارتها الممتلئة بالحقائب. في الطريق من بنت جبيل إلى مارون، شرفات المنازل تغص بالأهالي في ترقبهم الأحداث، بعضهم خرج إلى الطرق في انتظار أخبار جديدة.
سلفي قرب حرائق
على مدخل يارون شبان جلسوا على جانب الطريق مع نراجيلهم. مشهد قد يثير الاستغراب في ظل وضع تحتبس فيه الأنفاس. بعد وصولنا إلى حديقة مارون الراس صار يمكن استيعاب المشهد: متابعة الخبر عن قرب، لا انتظار إشعارات الخبر العاجل. لكن من هنا، من أعلى نقطة في مارون الراس، يبدو المشهد هادئًا، على الرغم من أن تصاعد الدخان في المنطقة الحدودية، ناجم عن قصف القنابل الحرارية.
المشهد لم يكن حكرًا على مراسلي القنوات الإخبارية. بعض الشبان والأهالي مع عائلاتهم قدموا لمتابعة الحدث مباشرةً. أحمد مكي جلب زوجته وطفليه لالتقاط الصور، صاروا يتنقلون من نقطة إلى أخرى بلا خوف.
مضافة أم علي
أم علي فارس لم تغادر منزلها المطل مباشرةً على الأراضي المحتلة، على الرغم من أنها أتت من ألمانيا لزيارة لبنان. وقالت لـ "المدن": "كنا نتناول الغداء وصارت العملية"، مشيرة إلى مكان ضرب الآلية العسكرية خلف الحدود. وفي المناسبة فتحت أم علي منزلها للزائرين، حضّرت الشاي مع التين اليابس الجنوبي وقدّمته للمراسلين الذين استعملوا الطابق السفلي لمنزلها لنقل الأحداث.
عرس العودة
لاحقًا، بدأت الأحداث تتكشف واتجهت إلى التهدئة: ساحة الحديقة التي كانت فيها سيارات قليلة، امتلأت بالسيارات والدراجات النارية والقادمين لاستطلاع الأوضاع. على وقع الأناشيد الحماسية، استعادت الحديقة السياحية عاداتها باستقبال الزائرين. من كان مغادرًا إلى بيروت، عاد أدراجه للمشاهدة مع عائلته. الأطفال أخذوا مواقعهم على الألعاب الموجودة في الحديقة. أما الشباب فمارسوا هوايتهم في التقاط صور السلفي مع عائلاتهم ورفاقهم. فهذه لحظة تاريخية لا بدّ أن توثّق.
في أول الليل عاد الهدوء إلى الجنوب، وانصرف الأهالي لتحليل الحدث، والضحكة لا تغيب عن وجوههم. فرحين وفخورين بما حصل. أما المقاهي فعاد روّادها لمناقشة الحدث الكبير.
تساؤلات كثيرة تطرح حول العملية: لماذا جاء الرد سريعًا وعلى هذه الصورة التي بدت وكأنها مرسومة مسبقاً، وحملت اسم الشهيدين حسن زبيب وياسر ضاهر، فيما الرد على عملية استشهاد مصطفى بدر الدين ما زال مؤخرًا؟