"لقاء الطلاب العلمانيين".. سعي إلى الوحدة
على مدى يومين، تطرق الطلاب الى نقاشات مختلفة، تحت عنوان "العلمانية والأحوال الشخصية في لبنان". حيث تمت الاضاءة على مواضيع مثل الزواج المدني والتمثيل السياسي ومسألة شطب إشارة الطائفة عن اخراج القيد، بالإضافة الى محاضرة ألقاها الاعلامي رياض قبيسي تناولت كيفية تكوين الرأي العام. وبالرغم من تعدد المواضيع التي نوقشت، والتي عادة ما تتلازم مع الندوات المتعلقة بالعلمانية، الا انها لم تخرج بأي جديد في هذا المجال، فبقيت في إطار مناقشة موضوع العلمانية، من دون التطرق أكثر الى المسائل الاقتصادية والمعيشية. ناهيك عن "غرابة" النقاش الذي حصل حين طُرحت مسألة إضافة بند زواج المثليين الى قانون الأحوال الشخصية، حيث بدا واضحاً الضياع في التعليقات، ما يمكن أن يُفسر بعدم تحضير المشاركين لنواح في مفهوم العلمانية، غير مكتوبة في الوثيقة.
لم تختلف نقاشات الورشة عن سابقاتها، لجهة تمحور المواضيع حول مفهوم العلمانية، وهذا ما يولّد عادة انتقاداً لعمل جمعيات المجتمع المدني. حيث يعتبر كثيرون ان توجه هذه الجمعيات يبقى رمادياً أو بعيداً عن الواقع. أي ان التزامها "النضالي" يختص بمشاكل مدنية، كالأحوال الشخصية والانتخابات، من دون الأخذ في الإعتبار عوامل أخرى كمستوى المعيشة أو الهيمنة الاقتصادية للأحزاب على المواطنين. وتجدر الإشارة الى استفادة المنظمين من الورشة لايصال وجهة نظرهم في عديد من المواضيع، لعل أهمها مسألة تسجيل الزواج المدني في المحاكم اللبنانية من خلال "الثغرة القانونية". وهو الأمر الذي لا يزال موضع نقاش وإختلاف حول مخاطر هكذا تحرك في سياق المطالبة بقانون موحد للأحوال الشخصية.
على أن الجديد في الورشة كان الحديث عن وسائل التواصل الاجتماعي كمنبر. وهذا ما تحدث عنه قبيسي في مداخلته. كلام قبيسي في هذا السياق، والذي يُعتبر عند البعض "تسليعاً مرفوضاً للنضال"، جاء ليؤكد انسياق الطلاب في أكثريتهم إلى هذا المسار. والحديث عن أهمية البحث عن أيقونة للحملات، أو تمويه الخطاب بغية إيصاله إلى الناس أقنع المشاركين، في إشارة واضحة الى اتخاذهم مساراً معاكساً لذاك الراديكالي المعتمد على اللغة المباشرة أو ما يمكن ان يُسمى بـ"التقاليد النضالية" في التحركات. والمستغرب، هو عدم معارضة أي من المشاركين لهذا التوجه، بإستثناء تعليقات قليلة لم تستطع وضعه في إطار نقاش يُبيّن مخاطره أو سيئاته.
في سياق آخر، اعتبر باسل عبدالله، منسق "تيار المجتمع المدني"، ان الورشة جاءت إستكمالاً للاجتماعات السابقة، والتي أفضت في نهايتها الى وثيقة مشتركة بين الحركات الطلابية، وهي تعد أساساً للقاء المُشكل حديثاً، لكنها ليست الأولى من نوعها. ففي ورشة سابقة رعت "الجمعية اللبنانية لديموقراطية الانتخابات LADE" ائتلافاً مشابهاً بين الحركات الطلابية، "لم يشق طريقه الى الحياة". وهذا ما يطرح تساؤلاً حول إمكانية الوصول الى اتحادات أو ائتلافات مشابهة وناجحة، في ظل اختلاف نوعية العمل الطلابي بين جامعة وأخرى. ففي حين تستفيد الحركات الطالبية في "الجامعة الأميركية" في بيروت و"الجامعة اللبنانية الأميركية" من فسحة عمل، ولو كانت صغيرة، تعاني نظيرتها في "الجامعة اللبنانية" و"جامعة بيروت العربية" و"الجامعة اللبنانية الدولية" من هيمنة حزبية تتلاقى مع غياب الانتخابات الطالبية فيها.
على أن ما بدا لافتاً في النقاشات هو الإتكال الواضح على جمعيات المجتمع المدني من قبل قسم من الطلاب. الأمر الذي أكده كلام عبدالله عن أسباب مبادرة "التيار" إلى عقد اللقاء، حيث رأى ان التدخل جاء ليضمن تشكيل اللقاء الذي احتاج الى متابعة. الاعتماد الملفت هذا، ظهر بوضوح في طلب إحدى المشاركات مساعدة المجتمع المدني للتحرك في أحد فروع "اللبنانية". وهذا، ببساطة، ما يعبر عن حالة اليأس المستشري في صفوف الطلاب.