سوريو "الدراسات العليا" في مصر: مأزق الجنيه الاسترليني
مشكلة الجنيه الاسترليني
لكن أشرف حاتم، رئيس المجلس الأعلى للجامعات، عرقل تطبيق هذا المرسوم لمدة تزيد عن سنتين، رغم صدوره عن الرئاسة المصرية، كما يقول لـ"المدن" أحد الطلاب السوريين. وفي 15 تشرين الثاني 2014 صدر قرار عن المجلس الأعلى للجامعات بمعاملة الطلاب السوريين كنظرائهم المصريين. على أن هذا القرار صدر متأخراً شهرين أو شهراً ونصف الشهر عن بداية العام الدراسي، بحيث لم يبق للطالب السوري غير شهر واحد قبل بدء الامتحانات، كي يراجع الجامعة ويُعدِّل وضعه، وهو وقت غير كاف بطبيعة الحال.
هكذا، سيعامل الطالب السوري في الدراسات العليا معاملة الطالب الوافد، الذي يدفع بالجنيه الاسترليني ما بين 1500 الى 3000 جنيه، وسيتعيّن على طلاب التعليم المفتوح المستجدين في العام الدراسي 2014 – 2015 أن يدفعوا بالدولار. من جهتها، طلبت إدارة جامعة الاسكندرية من طلاب الدراسات العليا السوريين دفع الرسوم بالجنيه الاسترليني، علماً أنها رفضت اعتماد الشهادات للطلاب السوريين حتى تسديدهم هذه الرسوم.
المشكلة ان الاستثناء من قرار المعاملة بالمثل شمل طلاب الدراسات العليا القدامى والجدد، وهذا يعني حرمان طلاب من اكمال دراستهم العليا ومنع الطلاب الجدد من التفكير أصلاً باكمالها. يبقى أن قلة ما زالت تأمل في التراجع عن قرار الاستثناء هذا. لكن إلى الآن يبدو أنّ المسؤولين المصريين في وزارة التعليم والمجلس الأعلى للجامعات مصرّون على أن يدفع الطلاب الرسوم الجديدة التي تبلغ في حدها الأقصى 3000 جنيه استرليني، بينما يعجز معظم الطلاب السوريين عن دفع الرسوم الأساسية التي لا تتجاوز الألفين جنيه مصري.
معاناة الطلاب
رغم معاناتهم الا ان بعض هؤلاء الطلاب ارتضوا ان يعملوا في أي شغل مقابل اكمالهم دراستهم، كما يفعل م.م. أحد طلاب الماجستير، الذي ترك أهله في سورية وجاء الى مصر، وهو يعمل كمندوب مبيعات، واستطاع دفع قسط الجامعة، على مراحل، وقدره 1225 جنيه مصري. لكنه فوجئ لاحقاً بأن عليه ان يدفع 1100 جنيه استرليني، وما زال ينتظر مع زملاء مثله تراجع المجلس الأعلى عن قراره.
وتقول الطالبة ع .س: "أنهيت الرسالة وقرر المشرف الاحالة الى لجنة للمناقشة، فجاء الرد بالرفض لأنني لم أدفع مصاريف الفصل الدراسي بالاسترليني، علما أنني دفعت قسماً من المصاريف المترتبة عليّ بالعملة المصرية قبل صدور القرار. واذا لم أدفع بالجنيه الاسترليني فانني لن أناقش وسيترتب عليّ بعد شهر مصاريف فصل آخر. وهكذا ستكون المصيبة أكبر".
ويقول طالب آخر: "كل عملي البحثي خلال سنتين سيُلغى بسبب عدم قدرتي على الدفع بالاسترليني". وهذا ما يعتبره بعض الطلاب طرداً لطلاب الدراسات العليا الذين لم ينهوا بعد دراستهم. وهذا ما حصل عملياً مع احدى الطالبات التي ستحرم من الحصول على درجة الماجستير رغم اجتيازها عامين دراسيين، لأنها لا تملك قسط سنتها الأخيرة.
شائعات ومحاولات الحل
ويشيع بين الطلاب السوريين أن شخصيات معارضة التقت مع مسؤولين مصريين لحل هذه المشكلة، وتلقت وعوداً بحل قريب يعيد المعاملة بالمثل. لكن هناك وجهات نظر أخرى لمقربين من رئاسة مجلس الوزراء "تنصحنا بالتوجه مباشرة إلى الرئيس عبد الفتاح السيسي. وهذا ما سيضمن لنا حلاً عاجلاً، خصوصاً أن السلطات المصرية بدأت بإجراء تغييرات في المجلس الأعلى للجامعات"، وفق أحد الطلاب.
وبحسب مكتب "الائتلاف الوطني" في القاهرة فإن عدد طلاب الدراسات العليا الموجودين في مصر حالياً يصل إلى 200 طالب فحسب. ذلك أن الآخرين سافروا إلى أوروبا أو عادوا إلى سوريا. فيما أكد مكتب "هيئة التنسيق الوطنية" في القاهرة لـ"المدن" أنه يتابع موضوع طلاب الدراسات العليا باستمرار مع الجهات المصرية. على أن أكثر ما يخشاه الطلاب أن تدخل قضيتهم في سوق المزايدات السياسية بين النظام والمعارضة. وهذا ما عبر عنه أحد الطلاب، الذي قال انه تلقى اتصالاً من شخص يعمل في السفارة السورية في القاهرة "عرض عليّ فيه حل قضية الطلاب مقابل تواصلهم مباشرة مع السفارة". ويتزامن ذلك مع سعي "سفارة النظام" إلى تنشيط مكتب الطلبة، في القاهرة، التابع لاتحاد الطلبة في سورية.
هل الدراسات العليا رفاهية؟
وكان صحافي مصري قد راجع أحد المسؤولين عن الموضوع فقال له الأخير أنّ "الدراسات العليا رفاهية". فيما لم يتورع أحد الموظفين المصريين عن القول لطالب دراسات عليا سوري بعد اعتراضه على الذل الذي يتعرض له، "أنا أريد ان أذلكم وسأذلكم". في المقابل هناك مسؤولون وأساتذة مصريون يتعاطفون مع قضية هؤلاء الطلاب، لكن حلها ليس في أيديهم.