ميقاتي وحكومته يغمرهما طوفان النازحين والفوضى الأمنية

المدن - لبنان
الأحد   2024/09/29
ميقاتي: "عدد النازحين جرّاء الضربات الإسرائيليّة المتواصلة في لبنان قد يصل إلى مليون شخص" (رئاسة الحكومة)
على وقع الغارات الجويّة المستمرة على الجنوب والبقاع والضاحيّة الجنوبيّة وتفاعلًا مع التحولات الجذريّة الأخيرة، ترأس رئيس حكومة تصريف الأعمال، نجيب ميقاتي، اجتماعًا لـ"لجنة الطوارئ الحكوميّة"، صباح اليوم الأحد، في السراي الحكوميّ، وشارك فيها كل من: نائب رئيس الحكومة سعادة الشامي، وزير الأشغال العامة والنقل علي حمية، وزير الزراعة عباس الحاج حسن، وزير الصحة فراس الابيض، وزير الشؤون الاجتماعيّة هكتور حجار، وزير البيئة ناصر ياسين، وزير الإعلام زياد مكاري، وزير شؤون المهجرين عصام شرف الدين، رئيس مجلس الجنوب هاشم حيدر، الأمين العامّ للهيئة العليا للإغاثة اللواء محمد خير، الأمين العام للمجلس الأعلى للدفاع اللواء محمد المصطفى، المدير العام للجمارك بالإنابة ريمون الخوري، ممثل وزارة الداخليّة والبلديات العميد محمد الشيخ، وممثلة وزارة التربية والتعليم العاليّ.

جلسة حكوميّة طارئة
وأعلن رئيس الحكومة، بُعيد الجلسة: "بحثنا في الاجتماع الاتصالات الديبلوماسيّة الّتي نقوم بها لأن خيارنا هو الحلّ الديبلوماسيّ وهو الأفضل ونتمنى أن نصل إلى حلٍّ يؤدي إلى وقف اطلاق النار. لدينا اليوم الهم الاساسي الذي يطال جميع اللبنانيين وهو ملف النازحين من مناطق العدوان، واطلعنا مع معالي الوزراء على تقوم به الإدارات المختصة والأهم أنها لا تزال تعمل. كما اطلعنا من هيئة الطوارئ على ما وصلت إليه الإحصاءات فهناك 778 مركز إيواء يشغلهم حتّى مساء الأمس 118 ألف شخص يتم تأمين الأمور الأساسيّة لهم من مأوى وغداء، ولكن المُقدّر أن عدد النازحين أكبر بكثير من ذلك ومن الممكن أن يصل إلى مليون شخص، ولا يمكننا أن ننسى الضغط الكبير الذي حصل من الجنوب والضاحية الجنوبية والبقاع خلال ساعات".

وأضاف:" كما تمّ الحديث عن دعوة المحافظين للاجتماع في السرايا خلال اليومين المقبلين مع الوزراء المختصين لبحث كل المواضيع والاستماع لكل ما يطلبونه من احتياجات في مهامهم. اما بالنسبة إلى موضوع الهبات التي تصلنا من عدّة اطراف وتسهيل دخولها شرط معرفة من هو المانح وأي إدارة هي الّتي تمنح الهبة، فقد أعطينا توجيهات لمدير عام الجمارك لقبول كل الهبات فورًا من دون أن يستوفى عليها الرسم الجمركيّ لكي تدخل الى لبنان. كذلك بالنسبة الى عملية التمويل فهي تنقسم إلى قسمين داخليّ وخارجيّ، في هذا الموضوع سنعقد اجتماعًا يوم الثلاثاء المقبل على الأرجح مع الهيئات المانحة والدول المانحة وسنطلب منها أن تساعد في هذه المرحلة الّتي نمرّ بها وسيكون هناك تنسيق بيننا وبينها وبين الجهات المعنية التي ستقدم الأموال لتصرف بمراقبة وإشراف الدولة اللبنانية".

وتابع: "كما بحثنا في موضوع الأمن وقد استفاض أمس مجلس الوزراء في هذا الموضوع، واطمئن أن الجيش والقوى الأمنية وقوى الأمن الداخليّ موجودون في كل مكان مع الأخذ بعين الاعتبار الأمن داخل مراكز الايواء وعدم القبول بالاستباحة الّتي تحصل على الطرقات، وسيتم اتخاذ الإجراءات اللازمة بالنسبة للمتواجدين على الطرقات ومعظمهم من غير اللبنانيين، كذلك بالنسبة إلى حماية الممتلكات الخاصة، لأن هناك بعض الاعتداءات الّتي تحصل عليها، وهناك قرار يقضي بحماية هذه الأمكنة".

الحلّ الدبلوماسيّ
وتمّ سؤال ميقاتي المساعي الديبلوماسيّة التي يقوم بها فأجاب: نحن لن نتقاعس لحظة عن متابعة الدور الديبلوماسيّ، ولا خيار لنا سوى الخيار الديبلوماسي. منذ بدء الأزمة قلنا بتطبيق القرار الرقم 1701 وأنا ذكرت الأمر أيضًا في مجلس الأمن في كلمتي، وكل مواقفنا تؤكد هذا الموضوع. مهما طالت الحرب فسنعود بالنهاية إلى القرار 1701 فلنوفر الدماء وكل ما يحصل، ولنذهب إلى تطبيق الاتفاق. الجيش حاضر لهذا الموضوع ويجب ان نهيأ له المستلزمات اللازمة ليكون موجودًا، اليوم الجيش موجود على الحدود ولا نستطيع في بعض الأحيان تأمين الغذاء له، لأن الشاحنات التي تؤمن الغذاء له تتعرض للعدوان، وبالتالي فكل اتصالاتنا تركز على تطبيق هذا القرار.

وعن الحديث مبادرة قطريّة ومصريّة جديدة لحلّ الأزمة قال: "كل المساعي الّتي تبذل مشكورة ولكننا لم نتبلغ شيئًا معينًا في هذا الخصوص، بل تبلغنا النداء الذي صدر يوم الأربعاء مساء من البيت الأبيض في ما يتعلق بوقف إطلاق النار لفترة 21 يومًا لكي تكون هذه فرصة لتطبيق القرار 1701، وانا رحبت بهذا النداء وأيدته، ونطالب بتطبيقه في أسرع وقت يمكن، وتطبيق القرارين الدوليين الرقم 1701 و 2735 الصادرين عن مجلس الأمن. فلبنان لا يزال يؤمن بالمجتمع الدولي وبالشرعيّة الدوليّة في وقت لا يؤمن غيرنا إلّا بشريعة الغاب وشريعة القويّ الّتي تاكل الحق والضعيف".

هذا وكانت الأمم المتحدة أعلنت في وقت سابق هذا الأسبوع نزوح نحو 118 ألف شخص جراء القصف. كما وأعلن برنامج الأغذية العالميّ، "أننا أطلقنا عملية طارئة لتقديم المساعدات الغذائية لمليون شخص متضرّر من الصراع في لبنان". وأشار إلى أن "لبنان على حافة الانهيار ولا يمكنه تحمل حرب أخرى".

من جهته، أكدّ وزير الإعلام في حكومة تصريف الأعمال زياد مكاري، بعد الاجتماع، أنّ "الجهود الديبلوماسيّة لوقف إطلاق النار مستمرة". وأوضح أن "الجلسة كانت استثنائيّة، وكان هناك حضور كامل لجميع الوزراء باستثناء وزير الخارجيّة في حكومة تصريف الأعمال عبدالله بوحبيب الموجود في الخارج، وقد حضرت الجلسة القيادات الأمنيّة وتحدث رئيس الحكومة في بداية الجلسة مباشرة على الهواء الى جميع اللبنانيين، وتمّ طرح موضوع الأزمة الكبيرة الذي يتعرض لها لبنان من النواحي العسكريّة والسّياسيّة والإنسانيّة. وقد عرض رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي نتائج مشاوراته في نيويورك، ثمّ اعطى كل وزير رأيه في الأمور الّتي تتعلق بوزارته أو حتّى في الأمور السّياسيّة أو تلك التي تتعلق بلبنان، كما تحدث قادة الأجهزة الأمنيّة وقدم كل منهم عرضًا سريعًا للوضع الذي يعتبر كل قائد جهاز عنه مسؤولًا عنه، وطلب من القادة ومن جميع الوزراء عرض احتياجاتهم في هذه المرحلة الدقيقة الّتي يمرّ بها لبنان".

وأضاف: "الجلسة أخذت وقتًا طويلًا لأن الوضع دقيق في البلد، وأٌحبّ أنّ أؤكد أن الحكومة هي مسؤولة عن الناس وعن النازحين وعن مراكز الإيواء، وأستطيع القول أنّه كان هناك بعض التقصير في موجة النزوح الأولى لأسبابٍ عديدة، ولكن عادت الحكومة لتلتقط أنفاسها وهي تعمل على الأرض بالتنسيق مع الأجهزة الأمنيّة والمواطنين في كل المناطق اللبنانية، وننوه بالأحزاب الّتي تساعد أيضًا وأؤكد، كما قال رئيس الحكومة، وحدة اللبنانيين في هذه اللحظات الّتي يمرّ بها البلد، وغدًا ستعقد خلية الازمة اجتماعًا لها في السراي الحكومي في حضور الوزراء المعنيين وسيكون هناك شرح مفصل بشكلٍ أكبر للأرقام التي يجب أن تُعلن للجميع عن عدد النازحين ومراكز الايواء وغير ذلك. كما سيعقد مجلس الوزراء جلسة في بداية الأسبوع وقد يكون موعدها الاثنين وغدًا سيتمّ تحديد موعد هذه الجلسة".

وردًا على سؤال عن جهود الحكومة الديبلوماسية من أجل وقف اطلاق النار، قال: "من المؤكد ان الحكومة اللّبنانيّة تريد وقف إطلاق النار، والجميع يعلم أن رئيس وزراء العدو الإسرائيليّ بنيامين نتانياهو ذهب الى نيويورك على أساس ان هناك وقفًا لإطلاق النار ولكن صدر القرار باغتيال الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله من مبنى الأمم المتحدة. إذًا فإن من يريد وقف إطلاق النار معروف ومن لا يريد ذلك معروف أيضًا".

المواقف المحليّة والدوليّة
وفي سلسلة المواقف المُندّدة للعدوان الإسرائيليّ على الضاحيّة الجنوبيّة يوم الجمعة الفائت، والذي أدّى إلى سقوط المئات من الضحايا، وضمنًا اغتيال أمين عام حزب الله، حسن نصرالله، وتتهافت التصريحات المحليّة والدوليّة في هذا السّياق.

دوليًّا، أكدّ وزير الخارجيّة الإيرانيّ عباس عراقجي اغتيال نائب قائد الحرس الثوري الإيرانيّ العميد نيلفروشان في العدوان الإسرائيلي على الضاحية الجنوبية، وقال إن "جريمة اغتيال العميد نيلفروشان على يد الكيان الصهيوني لن تبقى دون رد". وأكدّ "أننا سنوظف كل إمكاناتنا الدبلوماسية والسياسية والقانونية لملاحقة المجرمين وداعميهم". في وقتٍ دعا فيه البابا فرنسيس إلى وقفٍ فوريّ لإطلاق النار في لبنان.

محليًّا، تلقى رئيس مجلس النواب نبيه برّي المزيد من الإتصالات المعزيّة، حيث إتصل رئيس مجلس الشورى في الجمهورية الإسلاميّة الإيرانية محمد باقر قاليباف. كما أتصل معزيًّا رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي النائب تيمور جنبلاط، والأمين العام لحزب الطاشناق النائب هاغوب بقرادونيان، ونائب رئيس مجلس النواب السّابق إيلي الفرزلي، الأمين العام لحزب البعث العربي الإشتراكي علي حجازي، شيخ عقل طائفة الموحدين الدروز الشيخ سامي أبي المنى، نائب رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى العلامة الشيخ علي الخطيب ومن عدد من النواب والوزراء الحاليين والسابقين ومرجعيات دينية وفاعليات سياسيّة.

وأصدر المفتي الجعفري الممتاز الشيخ أحمد قبلان بيانًا جاء فيه: "القضية لبنان الكيان، ولا قيمة للبنان بلا أمنه وأمانه، وما يقوم به الإسرائيليّ اغتيال للبنان ومقومات وجوده، وكلنا مؤمنون بلبنان، وكيف يكون الحياد ولبنان يتعرض للإبادة منذ عقود ولم يحرك احد ساكنًا، والمؤسسات الدولية والأممية عاجزة أصلاً كما نرى وترون اليوم، ومن اغتال الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله يريد اغتيال لبنان، والحلّ بحماية لبنان والتضحية من أجله، توازيًّا مع تضامن وطني وإنقاذ سياسيّ يليق بهذه المرحلة الأخطر من تاريخ لبنان".

في وقتٍ، أشار البطريرك المارونيّ مار بشارة بطرس الراعي، إلى أن "استشهاد الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله نكأ جراحًا في قلوب اللبنانيين". ولفت في عظة الأحد إلى أن "اللبنانيين دفعوا أثمانًا باهظة في خروجهم عن الميثاق الوطني ولبنان لن يستطيع أن يؤدي رسالته إلا بالحياد الإيجابيّ". وذكر الراعي أن "المجتمع الدوليّ يجب أن يعمل على وقف دائرة الحرب والقتل والدمار". وأضاف "كلنّا خاسرون في الحرب، لذلك من الضروري اعتماد المفاوضات"، وأشار إلى "أننا نأمل بانتخاب رئيس للجمهورية يوقف النار ويخوض مفاوضات السلام". وترأس متروبوليت بيروت وتوابعها للروم الأرثوذكس المطران إلياس عودة خدمة القداس في كاتدرائية القديس جاورجيوس، حيث أشار في العظة إلى أن "الوقت الآن هو وقت التفاف اللبنانيين حول دولتهم، وتسليمها أمر الدفاع عن لبنان، ووقت تحمل الجميع مسؤوليتهم، ووقت اجتماع النواب، دون قيد أو شرط، لانتخاب رئيس للبلاد يتسلم زمام الأمور ويرفع الصوت عاليًا دفاعًا عن لبنان، متوسلًا الطرق الدبلوماسية لإيجاد الحل، ويطالب بوقف النار فورًا. وهذا ما على الجميع السعي من أجل تحقيقه، دون تباطؤ".

وأشارت قيادة الجيش، إلى أنه "على أثر إمعان العدو الإسرائيلي في اعتداءاته الإجرامية التي أسفرت عن استشهاد أمين عام حزب الله السيد حسن نصرالله وأكثر من ألف شهيد، فضلًا عن آلاف الجرحى خلال الأيام الماضية، تهيب قيادة الجيش بالمواطنين الحفاظ على الوحدة الوطنية وعدم الانجرار وراء أفعال قد تمس بالسلم الأهلي في هذه المرحلة الخطيرة والدقيقة من تاريخ وطننا، حيث يعمل العدو الإسرائيلي على تنفيذ مخططاته التخريبية وبث الانقسام بين اللبنانيين". ولفتت إلى أنه "تستمر قيادة الجيش في اتخاذ التدابير الأمنية اللازمة والقيام بواجبها الوطني للحفاظ على السلم الأهلي، وتدعو المواطنين للتجاوب مع هذه التدابير، والعمل بمقتضى الوحدة الوطنية التي تبقى الضمانة الوحيدة للبنان".