إسرائيل تسعى لـ"تطهير" جنوب الليطاني: ثلاثة سيناريوهات صعبة

المدن - لبنان
الأحد   2024/09/22
بات أمام حزب الله أكثر من تحدٍ (Getty)
بعد محاولة ضرب البنية العسكرية المركزية لحزب الله، عبر تفجير أجهزة المناداة والاتصال بين أيدي وفي أجساد قيادييه وعناصره، واغتيال الدائرة الضيقة للقيادة العسكرية المباشرة لقوات الرضوان، يبدو واضحاً أن الجيش الإسرائيلي انتقل إلى مرحلة جديدة من محاولات إضعاف قدرات حزب الله العسكرية، عبر استهداف مزدوج لمراكز ومنصات إطلاق الصواريخ عبر الجبهة الجنوبية باتجاه شمال فلسطين المحتلة، وضرب وقطع خطوط الإمداد لهذه الجبهة من شمال الليطاني إلى جنوبه. 

من خلال جولتَي الغارات الحربية الجوية الأكبر والأعنف منذ الثامن من تشرين الأول الماضي، والتي شنها اليوم الأحد على مناطق في عمق الجنوب وغلاف المنطقة الحدودية، يبدو أن الجيش الإسرائيلي يحاول فرض واقع ميداني جديد عنوانه إبعاد حزب الله عسكرياً عن الحدود، وعدم إعطائه الفرصة للعودة إلى تنفيذ عمليات مباشرة من على الحافة الأمامية أو المواجهة للحدود... 

وهذا يظهر بشكل جلي من خلال تركز الغارات على محيط مجرى الليطاني وما بعده شمالاً، إلى جانب بعض الجيوب التي لا يزال الحزب يحتفظ فيها بمنصات صواريخ في المناطق القريبة من الحدود. 

استراتيجية جديدة
وعلى قاعدة أفضل طريقة للدفاع هي الهجوم، يعتمد الإسرائيلي في ذلك على استراتيجية جديدة، قوامها ثلاثة سيناريوهات يقوم بتنفيذها: 
الأول، استباقه لعمليات الحزب برصد تحركاته واستهداف مراكز ومنصات اطلاق الصواريخ البعيدة عن الحدود وحتى عمق يتراوح بين 20 و30 كلم عنها، بما فيها تلك الواقعة شمال نهر الليطاني أو في محيط مجراه أو عند منافذ البقاع الغربي باتجاه الجنوب، بهدف قطع طرق إمداد واسناد الحزب للجبهة الأمامية.
الثاني، تكثيف حركة تحليق المسيّرات الهجومية التي ترصد كل حركة لمقاتلي الحزب، سواء بهدف تنفيذ عمليات اغتيال مباشرة لقيادييه وعناصره، أو بهدف رصد وتدمير ما يتم كشفه من مقدراته العسكرية، مراكز ومنشآت ومنصات إطلاق صواريخ ومسيرات انقضاضية. 
الثالث، محاولة إرباك قدرة الحزب على المناورة والمباغتة بالهجوم، وإشغاله ومحاصرته بأحزمة نارية لمناطق كان الحزب يتحرك فيها عسكرياً بحرية أكبر في المرحلة السابقة. 

"تطهير" جنوب الليطاني
وهذا يعني أن الجيش الإسرائيلي سيواصل ويكثف غاراته الجوية على مناطق تقع في أعماق تتوزع بين جنوب الليطاني ومجراه وشماله، محاولاً فرض هذه المعادلة الجديدة، وعينه على "تطهير" جنوب الليطاني من الوجود العسكري للحزب، لتصبح الجبهة الفعلية هي مجرى الليطاني. وهو ما كان يطالب به الإسرائيلي ومن خلفه الأميركي، أي إبعاد حزب الله إلى حدود النهر وما ورائه.
 
بالمقابل، بات أمام حزب الله أكثر من تحدٍ. فهو من جهة ملزم بإبقاء جبهة الإسناد لغزة على وتيرتها من العمليات العسكرية ضد المواقع والثكنات الإسرائيلية في شمال فلسطين المحتلة والجولان السوري المحتل. ومن جهة ثانية، بات أمام تحد آخر هو إحباط المخطط الإسرائيلي، الهادف لإرباك وإضعاف قدرته العسكرية، وتقييد حركة مقاتلي باتجاه الحدود وصواريخه باتجاه شمال فلسطين المحتلة والجولان.
والتحدي الثالث، هو الانتقام والثأر لمقتل قادة صفه الأول، الذين اغتيلوا في استهداف الضاحية مؤخراً، وللمدنيين الذين قضوا في هذا الاستهداف. 

وقبل هذا وذاك، أمام حزب الله تحد أكبر، وهو سد كل الثغرات الأمنية التي يمكن أن ينفذ منها الإسرائيلي لاختراق هيكلية الحزب العسكرية والأمنية، كي لا يضطر لمواجهة مفاجآت مماثلة لتفجير أجهزة الاتصالات واستهداف اجتماع قادة الرضوان في الضاحية، أو أي شكل آخر من أشكال الاختراق، مع ما يمكن أن يترتب عليه من أثمان إضافية قد يضطر الحزب لدفعها.