النواب المبعدون من "التيار": تجمع برلماني وسطي وخيار ثالث

وليد حسين
الإثنين   2024/09/02
انتخابات اللجان النيابية الشهر المقبل أول تحد بينهم وبين باسيل بعد خروجهم من التيار (علي علّوش)
انطلاقاً من ضرورة التفاهم مع "الداخل" للاستفادة من أي حراك لـ"الخارج"، في حال حصلت أي تسوية للبلد، لإنقاذه من أزمته الاقتصادية والمالية أو السياسية لانتخاب رئيس للجمهورية، يتحرك النواب الأربعة الذين أُبعدوا من التيار الوطني الحر (نائب رئيس المجلس النيابي الياس بو صعب والنائب آلان عون) أو الذين استقالوا من "التيار" (النائبان سيمون أبي رميا وإبراهيم كنعان). فالنواب على تنسيق دائم مع قيادات عونيّة ومناصرين أبعدوا من التيار سابقاً أو تركوه مؤخراً، احتجاجاً على قيادة رئيس "التيار" النائب جبران باسيل، أو سيتركونه لاحقاً للسبب عينه. وتفيد مصادر "المدن" أن عمل هؤلاء النواب إلى جانب القيادة العونية تنطلق من أن البلد بحاجة لطرف ثالث وسطي في الشارع المسيحي. طرف لا يستعدي الآخرين في البلد ومن خارج الاصطفافات الحالية. طرف يجمع ولا يفرق، كما هي حال المكونات المسيحية الأساسية، التي لا يمكن مجاراتها في الخيارات الضيقة التي تضع المسيحيين أمامها.

"كسر جبران" باللجان النيابية
المسألة أوسع من نشاط يقوم به النواب الأربعة، سواء لتشكيل كتلة نيابية أو تجمع نيابي وسطي، لمحاولة الخروج من أزمة انقسام المجلس النيابي، تقول المصادر. بل أن الهدف الأساسي هو تأسيس خيار ثالث مسيحي في لبنان في ظل الانقسام الحالي. خيار منفتح على جميع المكونات السياسية، ليس مع حزب الله ولا أي حزب آخر، لكن في الوقت عينه لا يكن العداء له أو لأي طرف آخر. وبموازاة هذا الحراك السياسي، يسعى النواب إلى تشكيل خيار نيابي ثالث في البرلمان. بمعنى آخر هناك شقّان: عمل سياسي كأي حزب سياسي في البلد من ناحية، وعمل نيابي من خلال النواب. وثمة قناعة بأن الانتخابات الرئاسية لن تحصل من دون تسوية خارجية، بسبب عجز المكونات الداخلية عن إنتاج تسوية أو إيجاد حلول تنقذ البلد. ويجب الاستعداد لملاقاة أي حل سياسي خارجي يحافظ على سيادة البلد.  

في الوقت الحالي لا استحقاقات ضاغطة أمام النواب بعد خروجهم من التيار. أول استحقاق لهم كنواب خارج التيار لمعرفة قدرتهم على التحرك السياسي، هو تشكيل تجمع وسطي للنواب المستقلين. أما الاستحقاق الذي يرد الاعتبار لطردهم من التيار فهو انتخابات اللجان النيابية مطلع الشهر المقبل. فباسيل سيسعى لتحجيم دورهم من خلال تغييرالنائب آلان عون من أمانة سرّ هيئة مكتب المجلس، وإبراهيم كنعان في رئاسة لجنة المال والموازنة، وسيمون أبي رميا من رئاسة لجنة الشباب والرياضة. لكن لا مؤشرات بأي تغيير قد يحصل في اللجان. بل سيبقى القديم على قدمه. وحينها يتلقى باسيل أول ضربة سياسية له بعد خروجهم من التيار، أو كما يقال بلغة العونيين ستكون أول محطة لـ"كسر جبران".

تجمع نيابي وسطي
بالموازاة، تفيد مصادر النواب لـ"المدن" أنهم ليسوا بصدد تشكيل كتلة نيابية، بل توسعت الأفكار نحو تشكيل "تجمع نيابي وسطي"، يضم جميع النواب المستقلين. فعدد هؤلاء في المجلس أكبر من أي كتلة حزبية. وثمة تواصل مع شريحة واسعة من النواب من مختلف الطوائف، وحتى مع جزء من النواب التغييريين. الهدف من هذا التلاقي هو التعاون والتنسيق سواء في ملف الانتخابات الرئاسية أو في ملفات نيابية.
وتضيف المصادر، أنه بما يتعلق بانتخابات رئيس الجمهورية لا تسوية حالية حولها. فموازين القوى الحالية هي أن لا توافق بين الثنائي الشيعي والقوى السياسية المسيحية. علاقة الثنائي الشيعي مع القوات اللبنانية متفجرة، ومع جبران باسيل مستحيلة، رغم كل محاولات التقارب التي يقوم بها هو للخروج من الأزمة التي وضع فيها "التيار" سابقاً. فباسيل يريد تقاسم الحصص مع الثنائي على قاعدة أن الحصة المسيحية له. لكن الجميع يعلم أنه حتى حصوله على وزارة الطاقة بات مستحيلاً، خارجياً وداخلياً. ولا يمكن الثنائي الشيعي إعطاء باسيل ما يريده. بل بات عليه التواضع والتصرف وفق حجمه النيابي. وهذا أمر صعب عليه تقبله. وإضافة إلى أزمته مع الثنائي الشيعي، باسيل مرفوض سنياً، وهذا ما دلت عليه زيارته إلى البقاع منذ أيام، التي كادت أن تؤدي إلى انفجار أزمة شبيهة بحادثة قبر شمون في الشوف منذ سنوات.

لقاء مع البطريرك الراعي
ووفق المصادر، قدرة هؤلاء النواب على التحرك استدعت كل التسريبات التي تقال ضدهم أنهم كتلة مع حزب الله، أو أتت بدفع منه. لكن تبين أن محتوى التسريبات من بنات أفكار باسيل. فتحركهم تجاه الآخرين نابع من قناعتهم بأن لا حل في لبنان من دون تجمع وسطي في الشارع المسيحي، لا يكون ضد الأحزاب، لكن لا يجاريها. وهذه الأفكار سيتم مناقشتها مع البطريرك مار بشارة بطرس الراعي في الديمان يوم الخميس المقبل.
وحول أن الفاتيكان يضغط على بكركي كي تسير في الحوار الداخلي، الذي سبق ودعا إليه رئيس مجلس النواب نبيه برّي، وإذا كان اللقاء سيتطرق لهذا الأمر، أكدت المصادر أن لا علم لها بمثل هذه الضغوط. وشرحت المصادر أن الزيارة كانت مجرد مأدبة غداء منسقة بين أحد النواب والبطريرك. وطلب النائب منه دعوة باقي زملائه، ووافق الراعي. وبالتالي، سيطرح النواب أفكارهم للبطريرك. غير ذلك، موضوع الذهاب للحوار الداخلي غير قائم حالياً، طالما أن طرفاً مسيحياً أساسياً ضده. وقبل التوصل إلى معادلة تجمع أكثر من تسعين نائباً مع الحوار الداخلي قبل انتخاب الرئيس، لا أحد منهم سيتحرك بهذا الاتجاه.