مواجهات الجنوب "تتطوّر": مؤشرات تنبئ بتصعيد أوسع

المدن - لبنان
الإثنين   2024/09/16
آثار إحدى الغارات الإسرائيلية على مبنى في بلدة كفرشوبا (سوشيال ميديا)
يتواصل التصعيد في الجبهة الجنوبيّة، مع تطوّر مستوى المواجهات بين حزب الله وجيش الاحتلال الإسرائيليّ. وسط مؤشرات تومئ بتصعيد أوسع ومفتوحة من دون أفقٍ زمنيّ واضح، وتحديدًا في ظلّ تعثر المفاوضات الراميّة لوقف إطلاق النار في غزّة. والتصريحات الإسرائيليّة التصعيديّة والداعية لتوسيع العمليات ضد حزب الله. ويشنّ جيش الاحتلال غارات عنيفة ومكثفة على البلدات والقرى الحدوديّة جنوبي لبنان، منها كفرشوبا وكفركلا وحانين وشيحين، منذ صباح اليوم الاثنين، 16 من أيلول الجاري. واستشهد شخص وأصيب 4 في غارة إسرائيليّة على بلدة حولا في جنوب لبنان، ذلك مع تجدّد القصف الإسرائيليّ المكثّف على عدة بلدات ومناطق. ونعى حزب الله شهيده، وهو محمد إبراهيم ياسين "مجاهد" مواليد العام 1993، حولا، في جنوب لبنان. كما وأُفيد عن إصابة مسعفين بقصف مدفعيّة الاحتلال طاقم "إسعاف الرسالة" أثناء تواجدهم بمكان قصف في بلدة طير حرفا. 
وأعلن جيش الاحتلال الإسرائيلي استهداف مستودعات أسلحة ومبان عسكرية، وقال إنه طائراته الحربية "أغارت في الساعة الأخيرة على مستودعات أسلحة ومبان عسكرية لحزب الله في طيرحرفا والعديسة وبليدا وكفرشوبا في جنوب لبنان"، وقال إنه "رصد إطلاق نحو 13 قذيفة صاروخيّة سقطت في مناطق مفتوحة دون وقوع إصابات".
من جهته، شنّ حزب الله سلسلةً من العمليات ضدّ مواقع جيش الاحتلال، وقال في بياناتٍ متتاليّة أنّ مقاتليه استهدفوا كل من: "تموضعات لجنود العدو في محيط موقع "المطلة" وموقع بركة ريشا، مرابض مدفعية العدو في الزاعورة، انتشارًا لِجنود ‏العدو الإسرائيلي في محيط ثكنة متات بالأسلحة الصاروخية، موقع السماقة في ‏تلال كفرشوبا اللبنانية المحتلة بالأسلحة الصاروخية. كما شنّ هجومًا جويًا بمسيّرة انقضاضية على تجمع ‏لِجنود العدو ‏الإسرائيلي في محيط موقع المطلة. وأعلن عن استهدافه لموقع رويسات ‏العلم في تلال كفرشوبا اللبنانية المحتلة بالأسلحة الرشاشة و"أصابوه إصابةً مباشرة". وفي بيان آخر، قال إن مقاتليه استهدفوا "ثكنة راميم بِصليةٍ من صواريخ ‏الكاتيوشا".
وأفادت تقارير إسرائيليّة عن إصابة مبنى بشكلٍ مباشر بصاروخ مضادّ للدروع في المطلة قرب الحدود مع لبنان. كما وأفادت عن سقوط "هدف جويّ" تسلّل من لبنان وتسبب في اندلاع حريقٍ بمنطقة مفتوحة في الجليل الأعلى، لتلعن بعدها سلطة الإطفاء والإنقاذ الإسرائيليّة عن حريق بمنطقة مفتوحة في "هغوشريم" بالجليل الأعلى جراء سقوط قذيفة صاروخية من لبنان.
سكّان "الشمال" وتصريحات غالانت
إلى ذلك، قال رئيس بلدية صفد يوسي كاكون في مقابلة مع إذاعة "103 أف أم" الإسرائيلية إن "مدينة صفد تحت مرمى حزب الله.. المدينة ماتت ونحاول إدارة روتين الحياة، لكن لا يمكن ذلك". وأضاف "لا يوجد شخص واحد يتحمّل المسؤولية عن المدينة ويقول إن هناك حادثًا آخر هنا. لا أستطيع أن أمارس روتينًا وكأن شيئًا لم يحدث". وتابع "الروتين هنا هو حالة طارئة. ماذا بعد؟ ليس لدى السكان وسيلة للمغادرة، ربما هناك واحد أو اثنان في المئة، لديهم الوسائل للمغادرة وينتظرون موعد العودة". 
هذا وأعرب اللواء الاحتياط في الجيش الإسرائيلي والمفوّض السابق لشكاوى الجنود، يتسحاق بريك، عن قلقه إزاء تصريح وزير الدفاع يوآف غالانت، الذي أدلى به أمام الجنود والقادة على الحدود الشمالية بشأن نقل مركز ثقل الجيش إلى الشمال واحتمال شن هجوم بري قريب على حزب الله.
وفي مقالته بصحيفة "هآرتس"، أشار بريك إلى أن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، وكذلك رئيس الأركان هرتسي هليفي، أدلوا بتصريحات مشابهة مؤخرًا. وأضاف أن "الثلاثة لم يحققوا أيًا من أهداف الحرب في قطاع غزة"، مشيرًا إلى أن "أهداف القضاء على حماس وإطلاق سراح الأسرى لم تتحقق". وأوضح أن حماس لا تزال تسيطر على قطاع غزة بكامله، بما في ذلك الأنفاق، كما تسيطر على جوانب الحياة اليومية للسكان، وأن الجيش لا يملك الوسائل اللازمة لإنهاء سيطرتها، رغم تراجع قوة المنظمة مقارنة بالسابق.

تمركز القوات في الشمال
وأشار بريك إلى أن استمرار القتال فقد هدفه، وأن حرب الاستنزاف تدمر الجوانب الحيوية في إسرائيل، مثل الاقتصاد، العلاقات الدولية، المناعة الاجتماعية، وحافزية المقاتلين. وأكد أن العديد من جنود الاحتياط يرفضون التجنيد المتكرر، مشددًا على أن الجيش الذي لم ينجح في القضاء على حماس لن ينجح بالتأكيد في القضاء على حزب الله الذي يفوق قوته مئات المرات.
وتحدث بريك عن مشكلة الهجوم البري المحتمل على حزب الله، مشيرًا إلى أنه قد يؤدي إلى حرب متعددة الجبهات، تشمل إطلاق آلاف الصواريخ والطائرات المسيّرة على الجبهة الداخلية، بالإضافة إلى اندلاع قتال في خمس جبهات برية على الأقل: لبنان، هضبة الجولان، الضفة الغربية، أعمال شغب داخلية، واستمرار القتال في غزة. وأوضح أن القوات البرية ستتركز بشكل كبير في الشمال لمواجهة حزب الله، مما سيترك باقي الجبهات من دون دفاع كافٍ.
وأشار بريك إلى أن الجيش الإسرائيلي شهد تراجعًا في قدراته على مدى العشرين عامًا الماضية، مما يجعله غير قادر على الانتصار في أي حرب. وأضاف أن تصريحات نتنياهو وغالانت وهليفي تعتمد على قدرات غير موجودة، وأنها تخدع الجمهور وتعرض وجود البلاد للخطر، كما أدت إلى انهيار صفقة إطلاق سراح الأسرى ووقف القتال.