إسرائيل تتوسطها لوقف الحرب: روسيا تنتظر رداً إيرانياً قوياً

غادة حلاوي
الأربعاء   2024/11/13
تسعى إسرائيل إلى أن تكون روسيا شريكاً في أي اتفاق مع لبنان (Getty)
تسعى إسرائيل إلى أن تكون روسيا شريكاً في أي اتفاق مع لبنان. تتوسط لتكون الضامن لعدم نقل السلاح من سوريا إلى حزب الله، ولمنع الرد الإيراني المنتظر على استهدافات إسرائيل الأخيرة لمواقع إيرانية. موضوعان دخلا في صلب ما بحثه وزير الشؤون الاستراتيجية الإسرائيلية رون ديرمر في زيارته الأخيرة إلى روسيا. وديرمر ونتنياهو هما من الشخصيات الأكثر قرباً إلى روسيا، وتربطهما علاقات وثيقة بالمسؤولين في وزارتي الدفاع والخارجية. لكنها علاقة اختلت على خلفية الحرب الروسية الأوكرانية. غير أن هذا القرب لم يمنع روسيا من إسماع الوزير الإسرائيلي جواباً قاسياً حيال الضربة الإيرانية والحرب على لبنان. حيث عبرت روسيا عن استحالة إقناع إيران وحزب الله بوقف إطلاق النار بالشروط التي تطرحها إسرائيل والتي يرفضها حزب الله بالمطلق.

نشوة انتصارات نتنياهو
روسيا التي لم تدخل مباشرة في الحرب، وتعمدت البقاء في الصفوف الخلفية، هالها ما بلغته الحرب الإسرائيلية على لبنان. ونقلاً عن مصادر سياسبة مطلعة على الموقف الروسي عن قرب، فإن روسيا لاحظت أن رئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو مصاب بحال من نشوة الانتصار بعد اغتياله الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله ورئيس الحركة الإسلامية (حماس) يحي السنوار. وفي الفترة الفاصلة بين ولاية شارفت على نهايتها للرئيس الأميركي جو بايدن، وأخرى لم تبدأ بعد للرئيس المنتخب دونالد ترامب، يمضي نتنياهو في عدوانه محاولاً تسجيل "انتصارات" جديدة تؤهله للخروج كبطل من الحرب الحالية التي يقودها على لبنان.

مسار لاقى استياء روسيا، عبرت عنه روسيا برفض التوسط لدى طهران لمنع ردها على ضربة إسرائيل. وحسب المطلعين فإن في الخارجية الروسية من يعتبر أن مسار نتنياهو التصعيدي تجاه لبنان لا يوقفه إلا صدمة قوية أو ضربة إيرانية أو من قبل حزب الله. تدرك روسيا أن لإيران  كما لحزب الله القدرة على توجيه مثل هذه الضربة الحاسمة لكنها لا تفهم لماذا لم تبادر إليها إيران لغاية اليوم. لكن إيران ارتأت، حسب تقديرهم، أن ضربة كهذه لم يكن ممكناً توجيهها إلا بعد انتخاب رئيس جديد في أميركا. عندها فقط يمكن أن تستتبع الضربة باتفاق في ظل رئيس جديد وليس مع رئيس منتهي الولاية.

مرحلة تصعيد
وانطلاقاً من هذا الاعتبار، والذي عمل الإيراني على أساسه، فإن التقديرات كلها تشير إلى مرحلة من التصعيد متوقعة على خلفية ضرورة الشروع في بحث الاتفاق الذي سيضمن وقفاً قريباً لإطلاق النار في لبنان.

لدى الروس قناعة أن إسرائيل بدأت تستنزف في الحرب البرية. وهذا ما عبر عنه وزير الشؤون الاستراتيجية خلال زيارته السرية إلى روسيا مؤخراً، وهو طلب من الروس ممارسة ضغوط على إيران للتراجع عن الضربة التي تنوي توجيهها إلى إسرائيل، رداً على الضربات الإسرائيلية الأخيرة.

ولكن روسيا رفضت لعب دور كهذا، وهي التي تجمعها مع طهران في المرحلة الراهنة اتفاقية تعاون استراتيجي، واتفاقية تسلح. كلها عوامل يستبعد أن تجعل كفة العلاقة الروسية تميل لصالح إسرائيل أكثر من إيران.

قناعة روسيا
لدى روسيا القناعة، حسب المصادر، أن ترامب هو صاحب رؤية اقتصادية. وإذا كانت ولايته الماضية وضعت الحروب في صلب اهتماماته، فإنه اليوم يولي اهتماماً كبيراً للوضع الاقتصادي، ونظرياته تقوم على مبدأ مصالح الولايات المتحدة الأميركية كأولوية، ويريد استرجاع الأموال التي صرفت على حرب أوكرانيا، لاعتباره أن الأميركيين أحق بها وكذلك أموال المسؤولين العراقيين ودول الخليج. يريد ترامب أن يعقد صفقة تؤمن مصالح بلاده الاقتصادية وهذا لا يتأمن إلا بوقف الحروب.

وتؤكد المصادرالمطلعة على موقف الخارجية الروسية، أن روسيا ترى أن وقف إسرائيل لحربها لن يحصل ما لم تجبر على التراجع، وهي ترى أن وضع الحرب الحالي بين إسرائيل وحزب الله في الميدان بات أقرب إلى ما كان عليه في حرب تموز 2006، يوم كانت إسرائيل على عجلة من أمرها للتوصل إلى اتفاق لوقف النار. واليوم قد تجد نفسها مجبرة على فعل ذلك، بالنظر إلى أن الحرب ومهما طالت فلن تحقق زيادة عما حققته. ولذا، فإن حزب الله لن يتراجع، ولا إيران، التي تنوي توجيه ضربتها للرد على الرد في غضون الأيام القليلة المقبلة.

وتقرأ المصادر المطلعة في التصعيد الأخير وإعلان إسرائيل دخولها في العملية البرية بداية منحى التراجع، لأن إسرائيل حققت كل ما تصبو إليه من الحرب، وبالتالي بدت مجبرة على البحث عن مخارج سياسية تسعى لتكون روسيا داعمة لمساعيها وضامنة للحل من طرفي إيران وحزب الله. وهو ما لا ترفضه روسيا ولكنها تريد من إسرائيل التراجع عن الشروط التي تعتبرها مرفوضة من قبل حزب الله، الذي لن يوقف حربه إلا بشروط ترضيه.