اجتماع عين التينة: بحث عن تسوية داخلية ووقف النار

غادة حلاوي
الخميس   2024/10/03
انطلق المسعى الثلاثي من رغبة في تمتين الوضع الداخلي (حسن ابراهيم)
أحدث استشهاد أمين عام حزب الله السيد حسن نصرالله تحولاً في مسار الأوضاع السياسية. توأم الثنائي الشيعي ورفيق درب رئيس مجلس النواب نبيه برّي، غادره مخلفاً حملاً ثقيلاً من المسؤوليات. لا يُحسد برّي على وضعيته، وقد أضحى "حامل الأمانتين"، من الإمام موسى الصدر إلى الأمين العام السيد حسن نصرالله. قاصد عين التينة هذه الأيام يخالها خلية نحل. اجتماعات متواصلة واتصالات يتولاها رئيس المجلس، كان آخرها الاجتماع الذي عقده مع رئيس الحكومة نجيب ميقاتي، الذي زاره ليومين متتاليين، والنائب السابق وليد جنبلاط. والهدف، كما عبر مضمون البيان المشترك، الدعوة إلى وقف إطلاق النار وتطبيق القرار 1701 وإرسال الجيش للجنوب. غير أن مطالب كهذه لا تتحقق إلا بفصل مسار الجنوب عن غزة. وهذا أساس الجهد. حيث تكشف جهات مطلعة على مسار البحث، أن الفصل سيكون وإن بشكل غير مباشر، وإنما تحت بند وقف سريع لإطلاق النار.

رسائل متعددة
انطلق المسعى الثلاثي من رغبة في تمتين الوضع الداخلي، ومنع السجالات السياسية، لما من شأنها أن تضعف الموقف الداخلي. انطلق رئيس المجلس في جولة اتصالات ولقاءات مع الكتل النيابية، ومثله فعل جنبلاط، الذي تشاور مع حزبي الكتائب والقوات، التي نصحته بعدم الذهاب بعيداً في التماهي مع موقف حزب الله، لظنها أن التطورات ستعاكسه في نهاية الحرب مع إسرائيل.

وتعتبر مصادر مطلعة على أجواء عين التينة أن الاجتماع بعث برسائل في اتجاهات عدة، فحواها الرغبة بوقف إطلاق النار ونشر الجيش وانتخاب رئيس للجمهورية، مع تأكيدها على الخروج من دوامة التمسك بمرشح رئاسي معين، وانما باتجاه انتخاب مرشح يرضى عنه الجميع.

وقف النار والرئاسة
يختصر مشهد الاجتماع بما صدرعنه موقفاً عنوانه كيف يمكن الخروج من أزمتين: أزمة الحرب والمطالبة بوقف إطلاق النار، وأزمة انتخاب رئيس للجمهورية. ربما ينظر إليه البعض، وبالأخص المسيحيين، على أنه اجتماع ثلاثي التمثيل طائفياً (سني، شيعي، درزي) واستعادة لمشهدية من الماضي، يوم كانت القمم تعقد ذات طابع إسلامي من جهة، أو مسيحي من جهة ثانية.

لم يفسر الاجتماع على نحو كهذا، بدليل ما قالته مصادر سياسية مسيحية رفيعة "ليس المقصود لقاء إسلامي في مواجهة المسيحيين، فالنقاط المنوي العمل عليها هي في الأساس مطالب ارتفعت أصوات مسيحية عدة مطالبة بتنفيذها، أي انتخاب رئيس للجمهورية وانتشارالجيش وتنفيذ القرار 1701". من وجهة نظرها "يمكن اعتبار حضور ميقاتي وجنبلاط إلى عين التينة للقاء برّي سببه بالدرجة الأولى الخروج بمبادرة، في ظل غياب رئيس جمهورية، ولفتح الباب أمام مساعي وقف إطلاق النار وتنفيذ القرار 1701. وهذا موقف مهم بعدما كان تنفيذ القرار موضع انقسام داخلي. كما يفتح الباب أمام انتخابات رئاسية كانت ولا تزال مقفلة".

أبو فاعور: لا مبادرات
في اتصال مع "المدن"، تحدث النائب وائل أبوفاعور عن محاولة للتحرك في اتجاهين: انتخاب رئيس للجمهورية وتطبيق القرار 1701. "نحن في وضع استثنائي، ووجود رئيس للجمهورية يمكن أن يمنح موقع لبنان قوة في المحافل الدولية في موضوع وقف إطلاق النار". ويتابع، "يجب أن يرتفع صوت لبنان مطالباً بتطبيق القرار 1701. ونحن نحاول استدراج أي مبادرة خارجية لوقف النار. المبادرة الوحيدة كانت تلك الفرنسية، والتي بنيت على أسس المبادرة المشتركة مع أميركا، ولكن لم يكتب لها النجاح. ولذا، فلا مبادرة يبنى عليها حتى الساعة".

يؤكد أبو فاعور أن "الاجتماع ليس اصطفافاً، ونقوم باتصالات تشمل الجميع. وهناك ثلاثة زعماء دعوا إلى التوافق للخروج بحل، وسنبدأ منذ اليوم المبادرة باتجاه آخرين لاستمزاج الآراء حول أفق الخروج من الأزمة الحالية". وذكرت مصادر متابعة أن بعض نواب المعارضة التقى مع مسعى الاشتراكي.

باسيل للقاء تشاوري
سبق اجتماع ميقاتي وجنبلاط مع برّي، زيارة لرئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل إلى كل من برّي وميقاتي وناقش في اتصال الوضع مع جنبلاط. وعبر عن موقفه بضرورة الإجماع الوطني بينما يمر البلد بأزمة كبرى. وضع نفسه بتصرف برّي ودعمه في سبيل البحث عن مخرج للأزمة الحالية وتهيئة الأجواء تدريجياً لانتخاب رئيس للجمهورية، وضرورة الخروج من أحادية الترشيح. وعلم أن اللقاء تطرق إلى مسألة "وحدة الساحات" وضرورة وقف اطلاق النار والتي كان أمين عام حزب الله موافقاً على روح المبادرة في اتجاهها وتنفيذ القرار 1701. كما تطرق إلى امكانية عقد جلسة تشاورية ثم اجتماعات متتالية تعقبها جلسة انتخاب الرئيس.

لن يكون الاجتماع الثلاثي بمنأى عن التنسيق مع المسيحيين، وتتحدث مصادر عليمة عن تنسيق قريب بين برّي والبطريرك الماروني.

إيران ووقف النار
الحرب الإسرائيلية ووقف النار حضرا أيضاً في زيارة مسؤول العلاقات الدولية في مكتب قائد الثورة الإسلامية في إيران، الدكتور الشيخ محسن قمي، ومساعده رحمة الله روحي بحضورالقائم بأعمال السفارة الإيرانية في لبنان توفيق صمدي، "حيث جرى عرض التطورات في لبنان والمنطقة على ضوء مواصلة العدوان الإسرائيلي على لبنان وقطاع غزة". والزيارة التي تلت استشهاد الأمين العام لحزب الله، وأتت في حمأة حديث عين التينة عن وقف النار تحمل إشارة من إثنين: إما أنها دفع إيراني بإتجاه التشجيع على وقف النار، أو النصيحة بالتروي وعدم الفصل بين غزة ولبنان بما يمثل تغليب الموقف الإيراني على اللبناني ومندرجاته على مستوى الشيعية السياسية.