إبطال مذكرات توقيف فنيانوس وخليل: "تصفية" ملف المرفأ؟
استرداد مذكرات التوقيف
كما علمت "المدن" أن القاضي عماد قبلان (قبل أن يُحال إلى تقاعده) أوقف مذكرة التوقيف الغيابية الصادرة بحق الوزير السابق علي حسن خليل، الذي أصدرها البيطار في كانون الأول العام 2021 بعد تغيبه عن جلسة استجوابه في قضية المرفأ.
في كانون الثاني العام 2023، تحركت قضية المرفأ، وعاد البيطار فجأة إلى متابعة تحقيقاته مستنداً إلى "اجتهاد قانوني"، وادعى على 8 شخصيات بارزة من قادة أمنيين وقضاة، فتصدت له النيابة العامة التمييزية، وادعى عليه المدعي العام التمييزي، غسان عويدات، بجرم "اغتصاب السلطة"، واتجه الملف إلى مسار معقد وطويل، لم يُعالج بعد.
وفجّرعويدات قنبلة قضائية، وأخلى سبيل جميع الموقوفين في قضية المرفأ. واليوم، استردت النيابة العامة التمييزية مذكرة التوقيف الصادرة بحق فنينانوس، بعدما اعتبرت بأن إجراءات البيطار لم تكن قانونية.
"مخالفة القانون"
وشرحت مصادر قضائية بارزة لـ"المدن" أن القاضي صبوح استند إلى مجموعة من المواد القانونية في قراره هذا، إذ اعتبر إن المادة 363 أصول جزائية تنص على أن "المحقق العدلي يطبق الأصول المتبعة أمام قاضي التحقيق، وللنائب العام التمييزي، بصفته نائباً عاماً عدلياً، أن يطلع على ملف الدعوى وأن يبدي ما يراه من مطالعة أو طلب". وتابع أن "المحقق العدلي اعتبر بأنه غير ملزم باستطلاع رأي النيابة العامة التمييزية وأصدر مذكرة توقيف غيابية"، و"خالف المادة 73 من أصول جزائية، التي تعطي وكيل المدعى عليه من دون حضور موكله الحق بأن يدلي لمرة واحدة قبل الاستجواب بدفع شكلي من الدفوع المعددة فيها"، و"خالف المادة 363 أصول جزائية بعدم استطلاع رأي النيابة العامة التمييزية في الدفع الشكلي"، و"خالف مقتضيات البند الثالث من المادة 14 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية". على هذا الأساس، رأى صبوح أن "المستدعى إلى التحقيق (يوسف فنيانوس) يُعد مطلوباً بمذكرة توقيف غيابية صادرة خلافاً للقانون، ويتيح ذلك للنائب العام العدلي التدخل حماية للحريات العامة، "وانسجاماً مع ما تقرر سابقاً في وقف تنفيذ لمذكرة التوقيف الغيابي الصادرة خلافاً للقانون بحق الوزير السابق النائب علي حسن خليل، مما يقتضي وقف تنفيذ مذكرة التوقيف بحق فنيانوس".
وأوضحت مصادر قانونية لـ"المدن" أن وكيل فنيانوس القانوني سبق وتقدم بطلب أمام النيابة العامة التمييزية لوقف تنفيذ مذكرة التوقيف الغيابية، وتمت الموافقة على طلبه في الخامس عشر من كانون الثاني الجاري.
تجدد الخلافات
توسعت النقاشات القضائية حول إجراءات النيابة العامة التمييزية، إذ اعتبرت مراجع قضائية بارزة أن المحقق العدلي له الحق بإصدار مذكرات توقيف غيابية ووحده القادر على وقف تنفيذها، ولا يحق للنيابة العامة التمييزية تجاوز إجراءات المحقق العدلي التي اتخذها في السابق خلال متابعته لهذه القضية. فيما اعتبرت مصادر قضائية أن إجراءات المحقق العدلي كانت مخالفة للقانون، وبالتالي قررت النيابة العامة التمييزية "كسر" هذه الإجراءات والتدخل في هذه القضية لتصويبها نحو "مسارها القانوني الصحيح".
ولا تخفي المراجع القضائية بأن هذا القرار من شأنه توسيع الخلافات القضائية مجدداً بين النيابة العامة التمييزية والمحقق العدلي المكفوفة يده عن الملف منذ العام 2021، إذ اعتبرت إن "هذا القرار بات شبيهاً بقرار عويدات بإخلاء سبيل الموقوفين. وقد يكون إجراءً جديدًا لتطويق المحقق العدلي ومنعه من متابعة قضيته خصوصاً أن النيابة العامة التمييزية قررت رفض أي قرار يصدر عن البيطار".
بعد 4 سنوات على تفجير المرفأ، لم يبق من هذه القضية إلا 220 ضحية وأكثر من 6500 جريحًا. هذه القضية الوطنية التي فيها ضحايا وأشلاء ودماء وجرحى، من جميع الطوائف والمذاهب والجنسيات.. لم يبق فيها إلا المأساة والآلام والخلافات القضائية اللامتناهية، وإن كان التحقيق في جريمة تفجير المرفأ يبعث الأمل في نفوس أهالي ضحايا المرفأ؛ الأمل بملاحقة كل متورط في هذه الجريمة، الأمل بتطبيق القانون ومعاقبة كل متورط، إلا أنه اليوم لم يعد هناك أي حاجة لكلام مستفيض، فالقضية دخلت في نفق مظلم نتيجة الخلافات القضائية من جهة والتدخلات السياسية من جهة أخرى.