الأمن يعزز حظوظ عون..بانتظار تسوية مع باسيل وحزب الله
مع تقدّم المسار الأمني على ما عداه لبنانياً، وخصوصاً في فترة الشغور الرئاسي، غالباً ما تتجه الانظار إلى الذهاب نحو أقصر الطرق إلى التسوية، فيكون الخيار محصوراً باختيار قائد الجيش لمنصب الرئاسة. وتلك تجربة عرفها اللبنانيون في محطات متعددة، في العام 1958 مع انتخاب فؤاد شهاب إثر "الثورة" أو "الحرب". وفي العام 1998، حيث انتخب اميل لحود على وقع أحداث كفرحبو في الضنية. وفي العام 2008 عبر انتخاب ميشال سليمان بعد أحداث السابع من أيار. يقبع لبنان في حالة الشغور منذ أشهر، على وقع انهيار مالي واقتصادي، فيما تتردى الأوضاع الأمنية، على وقع إعلان قوى متعددة موافقتها على السير بانتخاب قائد الجيش لرئاسة الجمهورية.
المخاوف الأمنية
منذ فترة تقدّمت الأحداث الأمنية على ما عداها، من اشتباكات مخيم عين الحلوة، إلى حادثة وادي الزينة، فالكحالة وصولاً إلى "اكتشاف" خلية إرهابية في منطقة حي السلّم. كل ذلك من شأنه، في المعيار السياسي، أن يسهم في تعزيز حظوظ قائد الجيش، والذي يحظى بموافقة خارجية واسعة وموافقة جهات متعددة في لبنان. فهل سيستكمل المسار على وقع هذه الأحداث، ليصل في النهاية إلى رسو الإنتخابات الرئاسية على جوزيف عون؟ لن يكون الجواب سهلاً، وقد يكون المسار طويلاً، نظراً لتوفر الظروف الداخلية والخارجية الملائمة. وعليه، فإن لبنان ما بعد محطة لودريان والتي بحسب أوساط متعددة لن تصل إلى أي نتيجة، لا بد له أن يشهد تحركاً سياسياً جديداً، يتصل بطرح إسم قائد الجيش من قبل جهات مختلفة.
سابقاً، طرح خيار قائد الجيش في إجتماع باريس الخماسي، وبعدها اعتبر اللبنانيون أن هذا الخيار يحظى بدعم وتأييد من قبل دول عربية وأجنبية، لا سيما دولة قطر والسعودية والولايات المتحدة الأميركية. في المقابل، تمسك حزب الله وحركة أمل بخيار مرشحهما سليمان فرنجية، فيما رفض جبران باسيل الموافقة على تأييد قائد الجيش، بحسب ما قال وصرّح في الداخل والخارج. ولكن ماذا لو استمر الطريق مسدوداً أمام سليمان فرنجية؟ ولم يتمكن باسيل من الإتفاق مع حزب الله على مرشح يرضيهما؟ عندها ستكون العودة إلى جوزيف عون حتمية.
أثمان التسوية الصعبة
في هذا السياق، لا بد من البحث عن الأثمان التي ستدفع. ولا بد من الدخول في حيثيات موقف كل طرف على الساحة الداخلية، خصوصاً باسيل الذي وجد نفسه بين خيارين، إما فرنجية أو قائد الجيش. في الأسباب الموجبة التي يقدمها الرجل لرفض ترشيح قائد الجيش، هي ما يعتبره أنه قد ينافسه برمزيته العسكرية داخل البيئة المسيحية وخصوصاً داخل بيئة التيار، فيما هناك وجهة نظر أخرى تحاول توجيه النصائح إلى باسيل بأن يذهب إلى احتضان قائد الجيش، وتعزيز وضعيته السياسية بناء على تفاهم معه، وبذلك يكون هو الطرف الأساسي في إنتاج هذه التسوية. هناك من يذهب إلى ما هو أبعد من ذلك، للاشارة إلى احتمال أن يذهب باسيل وحزب الله إلى تفاهم ضمني بينهما على خيار قائد الجيش، الذي سيتم تقديم ترشيحه على أنه مرشح المعارضة والحزب والتيار قد قدما التنازل في سبيل انتخابه.
أمام هذا الواقع، فإن الأثمان التي ستدفع ستكون مضاعفة بالمعنى السياسي. بداية، لا بد للحزب أن يعقد تفاهماً مع قائد الجيش تماماً كما حصل مع الرئيس ميشال سليمان قبل انتخابه، بغض النظر عن انقلاب أحوال العلاقة في السنوات الثلاث الأخيرة من عهده. وهذا سيكون ثمناً أولَ. بعدها سيأتي دور دفع الثمن لصالح باسيل، مقابل ارتضائه لترئيس عون، وهذا سيكون الثمن الثاني في العهد، والمواقع والإدارات. أما الثمن الثالث فسيكون الأكبر، وهو يتصل برئاسة الحكومة وآلية تشكيلها. إذ حينها، سيخرج باسيل وحزب الله للإعلان عن أن جوزيف عون لم يكن مرشحهما، وبالتالي تنازلا لصالح انتخابه علماً ان المعارضة هي التي كانت قد بادرت إلى ترشيحه وانتخابه، وبالتالي لا بد من المطالبة بثمن مقابل لهذا التنازل، بدءاً من رئاسة الحكومة وصولاً إلى آلية تشكيلها وتوزيع الوزارات والحقائب. في كل الأحوال يبقى هذا السيناريو مؤجلاً في الفترة الحالية، ولكن هناك من يأخذه في عين الإعتبار.