اشتباكات "عين الحلوة" تستعر.. والشلل يصيب صيدا
يوم آخر يمر على المخيم، كما على مدينة صيدا، ثقيلاً بتداعياته المباشرة الأمنية والإنسانية والاجتماعية والاقتصادية، تسابق فيه مساعي التهدئة تطورات الميدان الذي سجل في اليوم الثاني ارتفاعاً في وتيرة الاشتباكات، واستقدام "فتح" المزيد من السلاح المتوسط إلى قلب المعركة مع المجموعات المسلحة.
دمار وأضرار
بين تراجع وتيرة الاشتباكات حيناً وارتفاع حدتها حيناً آخر، تتوزع وقائع الميدان التي تركزت في بداية اليوم الثاني على محور واحد هو البركسات (معقل فتح)–حي الطوارئ (معقل المجموعات المسلحة)، ثم توسعت مجدداً لتشمل محور الراس الأحمر–حطين، من دون أن يسجل أي تقدم لأي من الفريقين. وخلفت الاشتباكات دماراً وأضراراً كبيرة لاسيما في الشارع الفوقاتي ومنطقة تعمير عين الحلوة ذات الأكثرية اللبنانية، حيث حي الطوارىء المتداخل مع المخيم. ويقع هذا الحي مباشرة خلف موقع عسكري للجيش اللبناني من جهة التعمير.
ارتفاع عدد الضحايا
ولم يعرف بعد حجم الإصابات الناجمة عن الاشتباكات سواء في صفوف الفريقين أو في صفوف المدنيين الفلسطينيين واللبنانيين، رغم أن المعلومات ألأولية تحدثت عن ارتفاع بعدد القتلى إلى تسعة والجرحى إلى نحو 40.
وتزامناً، عزز الجيش اللبناني إجراءاته الاستثنائية المتخذة على مداخل المخيم الأربعة، بعدما أغلقها بالاتجاهين إلا أمام فرق وسيارات الإسعاف والمواطنين النازحين من المخيم. وسجل ليل الأحد ونهار الاثنين تحليق مكثف في أجواء المخيم لطائرات استطلاع تابعة للجيش.
وحسب مصادر مطلعة، فإن فتح تحاول تضييق الخناق على مجموعة مسلحة تتهمها باغتيال العرموشي ومرافقيه، وتحتمي في عمق حي الطوارئ. وهذه المجموعة هي بقيادة المدعو هيثم الشعبي، ومعه عدد من المطلوبين البارزين، من بينهم محمد الشعبي وعمر الناطور ومحمد شريدي، وجميعهم من المنتمين إلى ما كان يسمى تنظيم جند الشام.
بالتوازي مع الميدان، تنشط الاتصالات اللقاءات الفلسطينية-الفلسطينية، والفلسطينية- اللبنانية على خط مساعي ومحاولات التوصل لوقف لإطلاق النار. ومنها اجتماع لهيئة العمل الفلسطيني المشترك يعقد الواحدة ظهر الاثنين في مكتب النائب أسامة سعد، ويشارك فيه ممثلون عن أحزاب لبنانية.
وعلمت "المدن" أن تحديد ساعة انعقاد هذا الاجتماع ترك لحركة فتح، التي كانت تسعى بكسب أطول وقت ممكن لمحاولة تسجيل تقدم أو إنجاز ميداني في مواجهة المجموعات المسلحة.
وكان عقد في مستشفى "الهمشري" في صيدا، اجتماع ضم السفير الفلسطيني في لبنان أشرف دبور وأمين سر حركة "فتح" وفصائل "منظمة التحرير الفلسطينية" في لبنان فتحي أبو العردات، ورئيس لجنة الحوار اللبناني- الفلسطيني الدكتور باسل الحسن، حيث جرى البحث في تطورات الوضع الأمني في المخيم. وصدر عن المجتمعين بيان تلاه أبو العردات، وأكد استمرار التنسيق والتعاون من أجل تجاوز هذه المرحلة الخطيرة والصعبة وتثبيت الاستقرار الأمني في المخيمات، وبسط سيادة الدولة، وإدانة جريمة اغتيال العرموشي ومرافقيه. معتبراً أنها تشكل ضربة في صميم القضية الفلسطينية التي سقط من أجلها آلاف الشهداء في الوطن والشتات، وعبثاً بأمن المخيمات وضرباً لمقومات الأمان داخلها وعناصرها التي تعمل بالتنسيق مع الأجهزة الأمنية اللبنانية، لتثبيت معادلة الأمن في المخيمات والجوار.
كما اعتبر المجتمعون ان التطرف هو أحد أخطر الآفات في مجتمعاتنا. وأن الحكومة اللبنانية بالتعاون مع القيادة الفلسطينية وهيئة العمل المشترك سيعملون بحزم على إنهاء تلك الظواهر الشاذة حتى تستقيم الأمور وترتاح النفوس.
كيف عاشت صيدا اليوم الثاني من الاشتباكات؟
حركة خجولة شهدتها صيدا قبل الظهر تأثرا باستمرار اشتباكات عين الحلوة، وسط اقفال للعديد من مرافقها الرسمية والتربوية، لا سيما المواجهة للمخيم مثل سراي صيدا الحكومي والجامعة اللبنانية ومدارس ومؤسسات، بالإضافة إلى اغلاق مدخل أوتوستراد الجنوب من جهة طريق الحسبة، وتحويل السير إلى الطريق البحرية حفاظاً على سلامة العابرين. لكن مع ارتفاع وتيرة الاشتباكات، ووصول الرصاص الطائش إلى بعض أحياء المدينة وتسجيل إصابات لمواطنين ومنازل ومؤسسات، بدت شوارعها وطرقاتها شبه خالية من المارة والسيارات، إلا من اضطر للخروج لتأمين معيشته أو قضاء مصلحة، فمرّ مسرعاً على أمل السلامة من رصاصة طائشة او قذيفة خرجت عن مسارها كما جرى في سوق الحسبة الذي سقطت فيه قذيفة صاروخية اقتصرت اضرارها على الماديات.
وبطبيعة الحال تأثرت الحركة في أسواق المدينة التجارية. وكانت مئات العائلات الفلسطينية التي نزحت من المخيم امضت ليلتها في المساجد والساحات العامة في صيدا ومحيطها، وواكبتها اغاثياً جمعيات ومؤسسات أهلية وأحزاب.