عويدات يستدعي البيطار.. وأهالي ضحايا المرفأ إلى الشارع
بعد قرار النيابة العامة التمييزية بإخلاء جميع الموقوفين في ملف المرفأ، استدعى النائب العام التمييزي، القاضي غسان عويدات، المحقق العدلي القاضي طارق البيطار للمثول أمامه. وأرسل كتاباً رسمياً إلى المدير العام للأمن العام، اللواء عباس ابراهيم، طلب فيه وضع إشارة منع السفر على البيطار.
وحسب معلومات "المدن"، فإن الضابط العدلي المُرسل من النيابة العامة التمييزية وصل إلى منزل البيطار لإبلاغه بطلب القاضي عويدات قائلاً: "القاضي عويدات يستدعيك إلى مكتبه يوم الخميس.."، فأجاب البيطار: "أنا اللي بدي شوفو وأنا اللي مدعّي عليه.."، ورفض التوقيع على المحضر.
القرار الأخير
داخل النيابة العامة التمييزية، أكد مرجع قضائي رفيع لـ"المدن": "إن إقالة البيطار ليست واردة في جلسة مجلس القضاء الأعلى، وكل المعلومات المتعلقة بهذا الموضوع غير صحيحة".
وبعد انتهاء اجتماع النيابة العامة التمييزية اليوم الأربعاء 25 كانون الثاني، والذي دام لساعات طويلة قبل اتخاذ قرار إخلاءات السبيل، أفاد القاضي غسان عويدات: "أن قرار إخلاءات السبيل لم يكن وارداً في السابق"، وأكد أنه سيشارك في جلسة مجلس القضاء الأعلى "لأنها بطلب من وزير العدل وتستوجب حضوري وهي خارج إطار التنحي" (تنحيه عن قضية المرفأ). ورداً على سؤال "المدن" حول إقالة البيطار أكد عويدات: "لا يوجد أي توجه لإقالته، فليكمل طارق البيطار ملف المرفأ كما بدأ به". واعتبر أن الأيام المقبلة ستشهد تجاوزات وانتهاكات واضحة للقانون بحقه من قبل البيطار. ويعني بهذا، أن الأخير سيطلب تنفيذ مذكرة توقيف بحق عويدات.
تحرك أهالي الضحايا
خارج قصر العدل، كان واضحاً غضب أهالي ضحايا المرفأ من قرار النيابة العامة التمييزية الذين اعتبروا أن القضاء قد "أقفل ملف المرفأ نهائياً"، وتجمّع أهالي ضحايا المرفأ أمام منزل القاضي غسان عويدات، ورفعوا صور ضحاياهم مرددين عبارات تدين قرار النيابة العامة التمييزية، معتبرين أن "القضاء لفظ أنفاسه الأخيرة ومات اليوم". وتحسباً لأعمال الشغب أو الفوضى، أحاطت الأجهزة الأمنية منزل عويدات، وسط اجراءات مشددة، فتوزعت عناصر شعبة المعلومات وجهاز أمن الدولة وقوى الأمن الداخلي وعناصر من الجيش اللبناني أمام أهالي ضحايا المرفأ، الذين طلبوا من اللبنانيين التضامن معهم بغية إنقاذ عدالة ضحايا 4 آب، والانضمام إلى تحركهم يوم غد الخميس 25 كانون الثاني أمام قصر العدل صباحاً تحت شعار: "مع القاضي البيطار حتى إحقاق الحق"، بالتزامن مع انعقاد جلسة مجلس القضاء الأعلى.
وصدر لاحقاً بيان عن الأهالي، تحت عنوان "دعماً لمسار التحقيق بوجه انقلاب السلطة على القانون"، جاء فيه:
بعد حوالى السنة على تعطيل التحقيق في جريمة تفجير 4 آب التي قتلت أهلنا وأولادنا واحبائنا، ودمرت بيوتنا وارزاقنا فوق رؤوسنا، وهجرتنا وفجرت نصف عاصمتنا، وبعد أن آن الاوان لينتفض الحق على الباطل ويقف القضاء بوجه من يعطل مرفق العدالة ومن يمنعه من محاسبة المجرمين، كان قرار السلطة بكافة اشكالها بالانقلاب على القانون وعلى التحقيق،
لذا نؤكد نحن أهالي ضحايا 4 آب والمتضررين من هذه الجريمة، دعمنا لمسار التحقيق الذي استئنفه المحقق العدلي القاضي طارق البيطار، قافزا فوق التعطيل السياسي التعسفي للتحقيق في إحدى أكبر الجرائم بحق الانسانية بالتاريخ الحديث.
ونؤكد دعمنا لهذا القرار المعلل بالقانون وبأرقى المفاهيم الحقوقية والمدعوم من معاهدات حقوق الإنسان التي كان لبنان من واضعيها، بوجه الانقلاب السياسي والأمني والقضائي على القانون، وعلى العدالة.
وندعو القضاء، متمثلا بمجلس القضاء الأعلى، الى تأمين الحماية لمسار التحقيق وبرد الضغوط السياسية التي تحاول تطييره، بتعيين قاضٍ رديف أو بديل لينفذ أجندة السلطة السياسية، لأن نجاحهم بذلك سيطير ما تبقى من عدالة ومن هيبة قضائية ومن أمل بالمحاسبة في هذا البلد.
ونحمل القوى الأمنية مسؤولية أمن القاضي بيطار وسلامته كما وسلامة المستندات الخاصة بالتحقيق وحمايتها من أي عبث بمحتوياتها، كما ومسؤولية استمرار التحقيق في الجريمة.
وندعو النواب الى الوقوف الى جانبنا في هذه المعركة، والى تحرير القضاء من سيطرة السلطة السياسية عبر إقرار قانون إستقلالية القضاء، لأن من لا يقف بصفنا سنعتبر بأنه بصف المجرم.
وختاما نطلب من الشعب اللبناني ان يساندنا في هذه المعركة وأن يلاقينا الى الشارع، لأنها ليست معركة أهالي الضحايا والمتضررين حصراً، بل معركة كل لبناني ولبنانية بوجه سلطة تمعن بالاجرام يوما بعد يوم حتى وصلت الى حد تفجيرنا في منازلنا في ٤ آب.
نلتقي أمام قصر العدل يوم الخميس 26 كانون الثاني الساعة 11 ق. ظ. لصون التحقيق ومواجهة الإنقلاب على القانون.
بدري ضاهر وزملاؤه
في المقابل، أخلي سبيل جميع الموقوفين في ملف المرفأ، ومن ضمنهم المدير العام للجمارك، بدري ضاهر. وفور انتشار قرار إخلاءات السبيل، حضر وكلاء ضاهر إلى النيابة العامة التمييزية، للحصول على صورة طبق الأصل عن القرار وتوجهوا إلى سجن الجمارك لإخلاء سبيله. فخرج ضاهر ببزته الرسمية وظهرت عليه ملامح الفرح.
أحداث اليوم القضائية أثبتت أن الانشراخ والتصادم يزداد داخل القضاء اللبناني، وله تداعيات خطيرة ربما ستترجم في الشارع اللبناني خلال الساعات المقبلة.
من جهته، يؤكد البيطار بأنه متمسك بملف المرفأ أكثر من أي وقت مضى، ولن يرضح للضغوط التي ستُمارس عليه. فهو مصرٌّ على إنهاء قراره الاتهامي وإرساله إلى المجلس العدلي، سواء كان في مكتبه أو منزله.. أو في السجن!