الاتفاق النووي يعيد السعودية وسفيرها إلى لبنان

منير الربيع
الأربعاء   2022/03/23
ستبدأ السعودية مواكبة التطورات من الانتخابات إلى تشكيل الحكومة فانتخاب رئيس للجمهورية (علي علوش)
طرأت تطورات كثيرة على موقف المملكة العربية السعودية من لبنان. منذ أيام، تشهد الكواليس السياسية الداخلية والديبلوماسية حركة مكثفة، سعيًا في ترتيب الوضع وإعادة العلاقات الديبلوماسية إلى ما كانت عليه. ويتدرّج الموقف السعودي حسب تطورات كبيرة، أبرزها حال الجفاء مع الولايات المتحدة الأميركية، والوضع في أوكرانيا، إضافة إلى المفاوضات الإيرانية- الأميركية المستمرة لإبرام الاتفاق النووي، وإدخال طهران مجدداً إلى سوق النفط العالمي. ويحدث ذلك في ظل غض نظر أميركي عن الاعتداءات المستمرة التي تستهدف مصافي النفط في السعودية ومواقع ومقرات أخرى.

السعودية وأمنها القومي
بناء عليه، لا يمكن أن تظل السعودية متفرجة. فهي تنظر إلى الوقائع اللبنانية والسورية والعراقية واليمنية، بوصفها دولًا متقدمة في دفاعها عن أمنها القومي. وهذا يقتضي عدم تنازلها وتسليمها في أي من الملفات. وتشير مقاربات إلى أن إنجاز الاتفاق النووي يتيح لطهران أن تتسلم هذه الدول الأربع، التي كانت قد ادعت أنها تسيطر عليها.

وتفرض هذه الوقائع تزايد الاهتمام السعودي الذي يشمل لبنان في مجالات مختلفة، سياسية، انتخابية، وتقديم المزيد من المساعدات الانسانية وتعزيزها. وهذا ما تركز البحث عليه في اجتماعات متكررة بين الفرنسيين والسعوديين.

وتترتب على ذلك خطوات مرتقبة: عودة السفير السعودي في شهر رمضان، للإشراف على توزيع المساعدات، ومواكبة الانتخابات النيابية. ولبنان مقبل على استحقاقات أخرى بعد الانتخابات، أبرزها تشكيل الحكومة وانتخاب رئيس للجمهورية. ولا يمكن للسعودية إلا أن تكون حاضرة بقوة في هذا المجال. فللسعودية القرار والتأثير الأساسي في جوانب رئيسية حول الوجهة التي لا بد من اعتمادها، خصوصًا في حال استمرار "الحرب السياسية الباردة" بين طرفين لبنانيين. فهي تسعى إلى تثبيت وضع حلفائها وجمعهم انتخابيًا وسياسيًا. وهذا ما بُحث في لقاء عقد قبل حوالى أسبوعين بين الرئيس فؤاد السنيورة ومسؤول سعودي رفيع في باريس. إضافة إلى زيارة وائل أبو فاعور وملحم الرياشي إلى السعودية والبحث في الوضع الانتخابي.  

حلف انتخابي واسع
وبناءً على ما تراكم، يمكن تطوير علاقات مع قوى أخرى قد تكون مستقلة ولا تلتقي مع القوى الأساسية، كالسنّة والحزب التقدمي الاشتراكي والقوات اللبنانية. وذلك لتشكيل بنية سياسية قادرة على التأثير في مسارات التصويت. أو في حال اتجاه لبنان إلى طاولة حوار برعاية إقليمية ودولية للبحث عن تسوية شاملة.

فحينذاك تكون السعودية حاضرة بقوة، ولها قرار أساسي في تسمية رئيس الحكومة المقبل وآلية تشكيلها، وكذلك في انتخاب رئيس للجمهورية. وهنا لا يمكن إغفال مكامن القوة التي عملت السعودية على تعزيزها من خلال العلاقة مع البطريرك الماروني بشارة الراعي، والتكامل مع دول عربية أخرى كمصر مثلًا. وهذا وسط معلومات تفيد بأن الخلية الفرنسية- السعودية قد تتوسع لتضم وفدًا مصريًا ومن دول خليجية أخرى.

مسار متدرج
وتدرج السياق الذي أفضى إلى هذا كله، منذ اللقاء بين الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون وولي العهد السعودي محمد بن سلمان. واستمر في المبادرة الكويتية التي يتمسك بها رئيس الحكومة نجيب ميقاتي ويلتزم بنودها. وذلك بعد تلمسه جملة معطيات من الفرنسيين وغيرهم، حول عودة السفير السعودي إلى لبنان. ومرّ التدرج في اجتماع وزراء الخارجية العرب في الكويت، وزيارة أمين عام الجامعة العربية أحمد أبو الغيط.

كل ذلك لا يمكن أن ينفصل عن التطورات الإقليمية، من زيارة رئيس النظام السوري بشار الأسد إلى دولة الإمارات، أو الاجتماع الثلاثي في شرم الشيخ، بين الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي وولي عهد دولة الإمارات محمد بن زايد ورئيس الوزراء الإسرائيلي نفتالي بينيت. فهذه كلها مؤشرات تدل على أن ما يجري هو الاستعداد لما تحمله المرحلة المقبلة من تطورات، لا سيما في ضوء المعلومات عن اقتراب توقيع الاتفاق النووي.