أرض نادي الغولف مهددة.. ممن ولماذا؟
أجّل مجلس الوزراء، في جلسته التي عقدت الخميس في 3 آب، طلب نادي الغولف اللبناني تجديد عقد ايجاره العقار التابع للمديرية العامة للطيران المدني، في منطقة الغبيري، الذي تبلغ مساحته 225 ألف متر مربع لقاء 1100 ليرة لبنانية سنوياً، تبعاً للعقد المبرم مع الدولة اللبنانية منذ العام 1964.
يفسر نادي الغولف قيمة الايجار الزهيدة بكونه جمعية رياضية لا تتوخى الربح. وأن إشغاله العقار هو لخدمة مرفق عام لا تتكفل الدولة اللبنانية الاعتناء به أو تقديم مساعدات له للمحافظة على المساحة الخضراء الثانية المتبقية في بيروت، بعد حرش بيروت، ولضمان استمرار لعبة الغولف الرياضية.
وتقول المسؤولة الإعلامية لنادي الغولف لينا ناصر شوقي إنه مع كل تجديد لعقار النادي تثار بلبلة كبيرة، تعود إلى محاولة جهات بلدية وسياسية وضع يدها على النادي للاستفادة منه وتشغيله. وتشير شوقي إلى أن الدولة اللبنانية لم تطالبهم يوماً بالايجار السنوي، بل النادي من يطبق ما نص عليه العقد المبرم بين الدولة اللبنانية ووزارة الأشغال العامة والمديرية العامة لطيران المدني، من جهة العناية بالأشجار والعشب والمحافظة على الأرض وحماية المطار من التمدد السكاني.
رغم ذلك، لا يمانع النادي من تغيير كلفة الايجار مع الآخذ بالاعتبار أن النادي هو جمعية غير ربحية ويحق له الاستفادة من تخفيضات الضرائب ومراعاة شروط الايجار. وقد أطلعت شوقي "المدن" على الجدول الإقتصادي لمداخيل النادي ومصاريفه في السنوات الماضية، التي تظهر في أغلبها أن النادي يسجل عجزاً سنوياً، كما هي حال العام 2015-2016، إذ كانت المداخيل 2.7 مليون دولار مقابل 2.9 مليون دولار للمصاريف. فـ"كيف يمكن للدولة زيادة الايجار من دون تقديم أي خدمات في المقابل؟".
أي دور لبلدية الغبيري؟
منذ أشهر تسعى بلدية الغبيري إلى وضع يديها على الممتلكات العقارية التابعة لها والواقعة في نطاق الغولف. وكان آخرها في آذار 2017، عندما استردت موقف سيارات مساحته 5200 متر مربع كان يستخدمه النادي. وقد نتج عن هذه القضية مفاوضات بين البلدية والنادي، قضت بحصول البلدية على الموقف ومبلغ سنوي يصل إلى 200 ألف دولار، كقيمة تأجيرية يدفعها النادي للبلدية مقابل العقارات التي يشغلها.
وحتى الساعة لم تقم البلدية بتشغيل الموقف أو تأجيره، مع توارد معلومات أن هناك نية لإقامة مشاريع (مواقف سيارات، متنزهات، مشاريع سكانية). ما يقلق القيمون على النادي من محاولة البلدية الانقضاض على العقار والقضاء على المساحة الخضراء ولعبة الغولف.
ويقول رئيس بلدية الغبيري معن خليل، لـ"المدن"، إن البلدية يحق لها الاستفادة من أراضيها. وفي حال قامت وزارة الأشغال بفتح باب المناقصات لتلزيم الغولف، فإن البلدية ستشارك، وهي مستعدة لدفع مبالغ طائلة لاستئجار الأرض والاستفادة منها.
وتشير معلومات لـ"المدن" إلى أن جهات سياسية ذات نفوذ واسع في منطقة الغبيري تسعى إلى الحصول على الأرض بأي ثمن كان. لكن خليل ينفي أن يكون هدف البلدية تنفيذ أجندات أي من الأحزاب. فـ"العقار يقع ضمن نطاق العمل البلدي للغبيري ويحق لنا الاستفادة منه، لاسيما أن سكان المنطقة بحاجة إلى مساحات خضراء".
أما عن مدى جدية البلدية في المحافظة على هذه المساحة الخضراء في حال الحصول عليها، فيقول خليل "إذا كانت عروض المناقصات خارج نطاق الاهتمام البلدي للغبيري لن نشارك، بل سنسعى إلى طرح مشاريع أخرى لإستثمار الأرض بما يتلاءم مع اهتمامات سكان الغبيري"، من دون أن يتعهد بالمحافظة على الأرض وعلى اللعبة التي بدأت بالانقراض.
قانونياً: "الإحراج للإخراج"!
يشير مصدر قانوني لـ"المدن" إلى أن ما يحصل هو محاولة لإحراج نادي الغولف وزيادة الأعباء عليه لإخراجه وتعمد إقفاله في وجه أعضائه. فـ"لماذا قررت الدولة اليوم أن تحصّل من النادي ايجاراً مرتفعاً بعد تركه لخمسين عاماً من دون استراتيجية لدعمه؟".
ورغم أن النادي مساحة عامة يحق لعموم المواطنين الاستفادة منها، يسأل المصدر: "لماذا لا يسري هذا الموضوع على المنشآت العامة كلها، خصوصاً تلك المحتلة من جهات معروفة. فما الذي يضمن أن تحافظ الدولة أو من يريد تملك هذه الأرض عليها؟ التجارب في لبنان لا تطمئن". ويأمل المصدر أن لا يرضخ مجلس الوزراء ووزارة الأشغال للشروط التعجيزية التي تحاول جهات سياسية فرضها من أجل الانقضاض على النادي. ويسأل: "هل ينقص بيروت مزيداً من الأبنية؟".
نادي الأغنياء؟
يضم النادي نحو 900 عائلة مشتركة كأعضاء، مقابل اشتراك سنوي يبلغ للثنائي 2500 دولار، وللأطفال 300 دولار، شرط أن يلتزم أعضاء النادي بدفع اشتراك أولي عند التسجيل قميته 15 ألف دولار، كمساهمة في دعم النادي.
ويحق للأعضاء الاستفادة من مجمل الخدمات التي يقدمها النادي، وأهمها التدرب على ممارسة الغولف وغيرها من النشاطات الرياضية (التنس، السباحة واستعمال المطعم الموجود في داخله..). ويحق لجميع المواطنين ومحبي ممارسة الغولف التدرب واللعب مقابل مبلغ يراوح بين 20 و40 دولاراً. ويُشغّل النادي نحو 120 موظفاً. وقد سعى النادي إلى إدخال لعبة الغولف إلى المدارس وتنظيم مباريات بينها، تؤهل كل تلميذ الحصول على بطاقة مجانية للعب الغولف في النادي.