صيدا.. "المستقبل" يعوض نكسة بيروت
لا يمكن اعتبار نتيجة صيدا انكساراً لـ"المستقبل". ثمة أكثر من مؤشر وعامل رئيسي يمكن الإستناد إليه لتبيان الفرق بين معركة بيروت ومعركة صيدا ونتائج كل منهما.
أولاً في المزاج السياسي العام، بدا أن "المستقبل" لم ينجح في مخاطبة الشارع البيروتي، ولم يفلح في تحديد سبب التراجع المخيف، خصوصاً أنه غير محصور في قضية أو إشكالية بحد ذاتها.
الأمر في صيدا مختلف. الأرقام التي توقعها أصابت، وحتى نسبة التراجع. لكن الأهم أن مجدليون أدركت مسبقاً من هي الفئات التي خسرها "المستقبل".
لم يتغير وفق أرقام صناديق الأقتراع في صيدا المزاج الصيداوي العام. حقق "المستقبل" معدلاً يفوق 15 ألف صوت، في انتظار الأرقام النهائية، فيما حقق في العام 2010 في الانتخابات البلدية، نحو 19 ألف صوت.
الفارق بين العام 2009 والعام 2010 بالنسبة إلى "المستقبل" (نحو 3500 صوت)، ينقسم إلى ثلاث فئات رئيسية، منها من ابتعد عن "المستقبل" سياسياً، ومنها من التزم منزله، ومنها من لم يساعد الواقع المالي للتيار باستقدامه من الخارج، وهو السبب الذي ساهم في انخفاض نسبة الإقتراع من 56 % في العام 2010 إلى 44 % في العام 2016.
الفئة الأولى، وفق ما يردد قادة "المستقبل" منذ أسابيع، هي الفئة التي باتت تعرف بالمصروفين من شركة "سعودي أوجيه"، التي انقسمت إلى أكثرية التزمت منازلها، وأقلية صبت في صناديق لائحة "أحرار الشام" برئاسة علي الشيخ عمار، من منطلق "النكاية"، التي كانت سبباً في تأجيل زيارة الرئيس سعد الحريري إلى ما بعد اقفال الصناديق.
الفئة الثانية، هي الفئة "الأسيرية" الهوى التي مثلتها "أحرار الشام". لكن قراءة "المستقبل" تبين أن هذه الفئة تاريخياً لم تكن حريرية، بل كانت أكثر قرباً من "الجماعة الإسلامية"، على الرغم من انها تضم بعض الشخصيات التي كانت مقربة من مجدليون.
وفي قراءة لـ2500 صوت التي نالها عمار، يعتبر "المستقبل" أنها سحبت من رصيد "الجماعة"، وبالتالي من رصيد لائحة "انماء صيدا"، خصوصاً أن العام 2010 شهد تحالفاً بين "التيار" و"الجماعة" ورئيس البلدية السابق عبدالرحمن البزري.
الفئة الثالثة، يقول "المستقبل"، إنها أدت عملياً إلى تراجع نسبة التصويت بين العام 2010 والعام 2016، هي التي لم يستقدمها التيار من السعودية ودول الخليج، هذا العام بسبب الشح المالي الذي يعاني منه.
إضافة إلى عامل استقدام المناصرين من الخليج، لا يخفي البعض الإختلاف الواضح في طبيعة المعركة، وهو ما أدى إلى انخفاض نسب الإقتراع أيضاً، خصوصاً أن العام 2010 شهد معركة كسر عظم سياسية، بما أنها المعركة الأولى منذ اغتيال الرئيس رفيق الحريري، وأتت بعد 7 أيار مباشرة، وكان الهدف منها سحب ورقة المجلس البلدي من يد رئيس "التنظيم الناصري" أسامة سعد.
وبعيداً من أرقام "المستقبل" وما حققه، ثمة ضرورة أخرى في قراءة الأرقام التي نالتها لائحة "صوت الناس" التي شكلها "الناصري"، ونالت نحو 7500 صوت، مقابل 9000 صوت في العام 2010، ما يعني تراجعاً في قدرة التنظيم التجيريية بمعدل 1500 صوت، وهو العامل الذي ساهم أيضاً في انخفاض نسبة الإقتراع.
أرقام "الناصري" أيضاً تعكس مدى الإختلاف بين معركة صيدا ومعركة بيروت، التي شهدت بروز لائحة منافسة (بيروت مدينتي) نجحت في تحقيق نتائج لافتة ومتقاربة للمرة الأولى في العاصمة، على عكس عاصمة الجنوب التي أفرزت تراجعاً للمنافس التقليدي لـ"المستقبل" فيها.