نتائج بيروت.. هل يقرأ "المستقبل"؟
مع ساعات الصباح الأولى بدأت أرقام انتخاب بلدية بيروت تؤكد ما تردد في المرحلة الماضية على صعيد شعبية تيار "المستقبل". التراجع الكبير بات ملموساً ومسجلاً، رغم الفوز الباهت الذي حققته لائحة "البيارتة".
أكثر من صفعة تلقاها "المستقبل" في عاصمته السياسية، التي انطلق منها رفيق الحريري، ليبني زعامته اللبنانية. أولى الصفعات تمثلت في تراجع واضح في قدرته على الحشد، خصوصاً أن نسبة المشاركة (20 %) في الدورة الحالية، مقارنة مع نسبة 18 % في العام 2010.
أولاً، في الأرقام الرسمية، بدا واضحاً أن ثمة فئات شاركت هذا العام في الانتخابات لم تكن تشارك في الأعوام السابقة، وهو ما برز في الأرقام التي حصلت عليها لائحة "بيروت مدينتي"، وما يؤكد أن نسبة المشاركة لدى الفئات المحسوبة على "المستقبل" انخفضت بشكل دارماتيكي.
ولفهم ما حصل في بيروت، حازت لائحة "البيارتة" على معدل وسطي بلغ 43 ألف صوت (يسرى صيداني 47361 صوتاً، فيما نال زميلها على اللائحة إيلي يحشوشي 39173 صوتاً). أما لائحة "بيروت مدينتي فقد نالت معدلاً وسطياً بلغ 30 ألف صوت (إبراهيم منيمنة 31848 صوتاً، فيما نالت إيمان الحسن 28185 صوتاً).
هذه الأرقام تعني أولاً أن نسبة الإلتزام بلائحة "البيارتة" كانت ضعيفة، خصوصاً أن الفارق بين أول الرابحين وآخرهم بلغ 8 آلاف صوت، فيما بلغ في لائحة "بيروت مدينتي" 4 آلاف صوت فقط، وهو ما يعني أن لائحة "البيارتة" شهدت نسبة تشطيب أكبر ونسبة التزام أقل.
في عودة إلى أرقام العام 2010: بلغ متوسط الأصوات التي نالتها لائحة "المستقبل" نحو 63 ألف صوت، وكان الفارق بين الأول والأخير 5 آلاف صوت فقط. ويتبيّن من خلال أرقام دورتي 2010 و2016 التراجع الواضح من معدل 63 ألف صوت إلى معدل 43 ألف صوت. ما يعني تراجعاً بنسبة 20 ألف صوت.
تبدو المقارنة بين العامين 2010 و2016 ظالمة، خصوصاً أن دورة 2010 لم تشهد معركة، بل كان التنافس أشبه بنزهة. أما في العام 2016 فقد استعمل "المستقبل" كل أسلحته وصولاً إلى اعتبار المعركة إلغائية ضده، مسقطاً اتهاماته على كل من لا يصوت للائحة وبأنّه ضد رفيق الحريري.
وبعد الحملة الشرسة التي خاضها "المستقبل"، فشل في تحقيق أرقام مقاربة للعام 2010. لكن التركيز على الأصوات المسيحية والشيعية، على أحقيته، يحاول أن يخفي حقيقة أن "بيروت مدينتي" حازت وفق مصادر "المستقبل" على ما يناهز 25 % من الأصوات السنية في المصيطبة والمزرعة ورأس بيروت، فيما تراجعت قدرة "المستقبل" التجييرية إلى نحو النصف سنياً أيضاً.
وحاز محمد فتحة من لائحة "البيارتة" في الدائرة الثالثة (المزرعة، المصيطبة، رأس بيروت، ميناء الحصن، زقاق البلاط ودار المريسة)، ذات الأغلبية السنية، على 31 ألف صوت وفق معلومات "المدن"، فيما إبراهيم منيمنة نحو 19 ألف صوت. ما يؤكد أن المعركة كانت في الصناديق السنية كما في الصناديق ذات الأغلبية الشيعية والمسيحية.
إذاً، الأزمة الأولى لدى "المستقبل" أكدتها صناديق الاقتراع في الدوائر ذات الأغلبية السنية، إن على صعيد انخفاض نسبة المشاركة، أو على صعيد القدرة التجييرية أو حتى على صعيد ما نالته اللوائح الأخرى والمرشحين المستقلين، وخصوصاً مرشح "جمعية المشاريع" محمد مشاقة، الذي نال نحو 11 ألف صوت، تماماً كما نال مرشحو "الجماعة الإسلامية" في العام 2010 نسبة مقاربة جداً.
بالإنتقال إلى الصناديق المسيحية، فقد تلقى "المستقبل" صفعة أخرى، وهي التي برزت في خطاب الرئيس سعد الحريري، الغاضب من الحلفاء، خصوصاً أن لائحة "البيارتة" نالت نحو 40% فقط، مقابل 60% للائحة "بيروت مدينتي". فيما التزم "الطاشناق" بالتصويت للائحة، ما سمح بتقدم واضح لـ"البيارتة" في الدائرة الثانية (المرفأ، المدور والباشروة) حيث نالت "البيارتة" نحو 8 آلاف صوت مقابل 4 آلاف صوت لـ"بيروت مدينتي".
انتقاد الحلفاء في اللائحة ينسحب على "حركة أمل"، التي يتهمها البعض بأنها سربت نحو ألف صوت، وكذلك فعل "حزب الله" الذي دعم اللائحة المنافسة بنسبة مشابهة، ومثلهما فعل "التقدمي الإشتراكي" بنسبة مقاربة.
حتى الساعة، غضب "بيت الوسط" محصور بالحلفاء "حركة أمل" و"التيار الوطني الحر" و"القوات اللبنانية" و"الكتائب اللبنانية" و"الحزب التقدمي الإشتراكي". البعض يتحدث عن حرب إلغائية يخوضها الجميع ضد "المستقبل"، وهو ما فرض على "المستقبل" خوض المعركة بعناوين سياسية.
بعيداً عن القاء اللوم على الحلفاء، شكلت الأرقام، وخصوصاً في الصناديق السنية، عطفاً على تراجع نسبة المشاركة والقدرة التجييرية، إلى الحديث علناً في تيار "المستقبل" عن ضرورة إجراء مراجعة نقدية لكل المرحلة السابقة.
لا تخفي أوساط "المستقبل" في حديث إلى "المدن"، أن "التيار" أدرك قبل أيام أن الوضع في بيروت ليس لمصلحته، ما دفع الحريري إلى النزول بثقله على الأرض، بعدما لمس أن قيادات تيار "المستقبل" في بيروت، من وزراء ونواب وشخصيات محسوبة عليه، لم تقم بدورها في المدينة على مدار السنوات الست الماضية. وهو ما حاول الحريري في فترة بسيطة تغطيته، خصوصاً عبر وعوده الإنمائية، وتأكيد حضوره، وأنه سيحاسب المقصرين، لكن فشل هذه اللغة في إقناع "البيارتة" دفعه إلى خوض المعركة بشعارات سياسية، لأن خسارة بيروت كانت تعني إغلاق تيار "المستقبل".
ورغم توقعات "المستقبل" إلا أن الأرقام جاءت كارثية، وفق ما يؤكد أكثر من مصدر مسؤول، خصوصاً أن من حسم المعركة هو الأصوات التي تدين بالولاء الكامل لتيار "المستقبل" والمتعلقة به عاطفياً، فيما ابتعدت عنه فئات كثيرة، بعضها بسبب أزمته الإقتصادية وتقصير "المستقبل"، وبعض آخر يُعتبر أكثر نخبوية في الطائفة السنية، بسبب تقصير "المستقبل".
هذه الأرقام التي وصلت منذ ساعات إلى بيت الوسط، والتي تؤكد أن ما كان يحاول البعض نفيه في التيار، وضعت الحريري أمام خيارات صعبة للاستمرار سياسياً، خصوصاً أن سياسة المداراة والترقيع بسبب تقصير قيادات "المستقبل" باتت لا تجدي نفعاً، ودفعت أكثر من قيادي إلى الحديث علناً عن ضرورة إجراء مراجعة نقدية معمّقة مرفقة بقرارات حاسمة يجب أن تتضمن محاسبة كل من قصر في الفترة الماضية، أو حتى استعمل "التيار" لتحقيق منافع شخصية.
أكثر من صفعة تلقاها "المستقبل" في عاصمته السياسية، التي انطلق منها رفيق الحريري، ليبني زعامته اللبنانية. أولى الصفعات تمثلت في تراجع واضح في قدرته على الحشد، خصوصاً أن نسبة المشاركة (20 %) في الدورة الحالية، مقارنة مع نسبة 18 % في العام 2010.
أولاً، في الأرقام الرسمية، بدا واضحاً أن ثمة فئات شاركت هذا العام في الانتخابات لم تكن تشارك في الأعوام السابقة، وهو ما برز في الأرقام التي حصلت عليها لائحة "بيروت مدينتي"، وما يؤكد أن نسبة المشاركة لدى الفئات المحسوبة على "المستقبل" انخفضت بشكل دارماتيكي.
ولفهم ما حصل في بيروت، حازت لائحة "البيارتة" على معدل وسطي بلغ 43 ألف صوت (يسرى صيداني 47361 صوتاً، فيما نال زميلها على اللائحة إيلي يحشوشي 39173 صوتاً). أما لائحة "بيروت مدينتي فقد نالت معدلاً وسطياً بلغ 30 ألف صوت (إبراهيم منيمنة 31848 صوتاً، فيما نالت إيمان الحسن 28185 صوتاً).
هذه الأرقام تعني أولاً أن نسبة الإلتزام بلائحة "البيارتة" كانت ضعيفة، خصوصاً أن الفارق بين أول الرابحين وآخرهم بلغ 8 آلاف صوت، فيما بلغ في لائحة "بيروت مدينتي" 4 آلاف صوت فقط، وهو ما يعني أن لائحة "البيارتة" شهدت نسبة تشطيب أكبر ونسبة التزام أقل.
في عودة إلى أرقام العام 2010: بلغ متوسط الأصوات التي نالتها لائحة "المستقبل" نحو 63 ألف صوت، وكان الفارق بين الأول والأخير 5 آلاف صوت فقط. ويتبيّن من خلال أرقام دورتي 2010 و2016 التراجع الواضح من معدل 63 ألف صوت إلى معدل 43 ألف صوت. ما يعني تراجعاً بنسبة 20 ألف صوت.
تبدو المقارنة بين العامين 2010 و2016 ظالمة، خصوصاً أن دورة 2010 لم تشهد معركة، بل كان التنافس أشبه بنزهة. أما في العام 2016 فقد استعمل "المستقبل" كل أسلحته وصولاً إلى اعتبار المعركة إلغائية ضده، مسقطاً اتهاماته على كل من لا يصوت للائحة وبأنّه ضد رفيق الحريري.
وبعد الحملة الشرسة التي خاضها "المستقبل"، فشل في تحقيق أرقام مقاربة للعام 2010. لكن التركيز على الأصوات المسيحية والشيعية، على أحقيته، يحاول أن يخفي حقيقة أن "بيروت مدينتي" حازت وفق مصادر "المستقبل" على ما يناهز 25 % من الأصوات السنية في المصيطبة والمزرعة ورأس بيروت، فيما تراجعت قدرة "المستقبل" التجييرية إلى نحو النصف سنياً أيضاً.
وحاز محمد فتحة من لائحة "البيارتة" في الدائرة الثالثة (المزرعة، المصيطبة، رأس بيروت، ميناء الحصن، زقاق البلاط ودار المريسة)، ذات الأغلبية السنية، على 31 ألف صوت وفق معلومات "المدن"، فيما إبراهيم منيمنة نحو 19 ألف صوت. ما يؤكد أن المعركة كانت في الصناديق السنية كما في الصناديق ذات الأغلبية الشيعية والمسيحية.
إذاً، الأزمة الأولى لدى "المستقبل" أكدتها صناديق الاقتراع في الدوائر ذات الأغلبية السنية، إن على صعيد انخفاض نسبة المشاركة، أو على صعيد القدرة التجييرية أو حتى على صعيد ما نالته اللوائح الأخرى والمرشحين المستقلين، وخصوصاً مرشح "جمعية المشاريع" محمد مشاقة، الذي نال نحو 11 ألف صوت، تماماً كما نال مرشحو "الجماعة الإسلامية" في العام 2010 نسبة مقاربة جداً.
بالإنتقال إلى الصناديق المسيحية، فقد تلقى "المستقبل" صفعة أخرى، وهي التي برزت في خطاب الرئيس سعد الحريري، الغاضب من الحلفاء، خصوصاً أن لائحة "البيارتة" نالت نحو 40% فقط، مقابل 60% للائحة "بيروت مدينتي". فيما التزم "الطاشناق" بالتصويت للائحة، ما سمح بتقدم واضح لـ"البيارتة" في الدائرة الثانية (المرفأ، المدور والباشروة) حيث نالت "البيارتة" نحو 8 آلاف صوت مقابل 4 آلاف صوت لـ"بيروت مدينتي".
انتقاد الحلفاء في اللائحة ينسحب على "حركة أمل"، التي يتهمها البعض بأنها سربت نحو ألف صوت، وكذلك فعل "حزب الله" الذي دعم اللائحة المنافسة بنسبة مشابهة، ومثلهما فعل "التقدمي الإشتراكي" بنسبة مقاربة.
حتى الساعة، غضب "بيت الوسط" محصور بالحلفاء "حركة أمل" و"التيار الوطني الحر" و"القوات اللبنانية" و"الكتائب اللبنانية" و"الحزب التقدمي الإشتراكي". البعض يتحدث عن حرب إلغائية يخوضها الجميع ضد "المستقبل"، وهو ما فرض على "المستقبل" خوض المعركة بعناوين سياسية.
بعيداً عن القاء اللوم على الحلفاء، شكلت الأرقام، وخصوصاً في الصناديق السنية، عطفاً على تراجع نسبة المشاركة والقدرة التجييرية، إلى الحديث علناً في تيار "المستقبل" عن ضرورة إجراء مراجعة نقدية لكل المرحلة السابقة.
لا تخفي أوساط "المستقبل" في حديث إلى "المدن"، أن "التيار" أدرك قبل أيام أن الوضع في بيروت ليس لمصلحته، ما دفع الحريري إلى النزول بثقله على الأرض، بعدما لمس أن قيادات تيار "المستقبل" في بيروت، من وزراء ونواب وشخصيات محسوبة عليه، لم تقم بدورها في المدينة على مدار السنوات الست الماضية. وهو ما حاول الحريري في فترة بسيطة تغطيته، خصوصاً عبر وعوده الإنمائية، وتأكيد حضوره، وأنه سيحاسب المقصرين، لكن فشل هذه اللغة في إقناع "البيارتة" دفعه إلى خوض المعركة بشعارات سياسية، لأن خسارة بيروت كانت تعني إغلاق تيار "المستقبل".
ورغم توقعات "المستقبل" إلا أن الأرقام جاءت كارثية، وفق ما يؤكد أكثر من مصدر مسؤول، خصوصاً أن من حسم المعركة هو الأصوات التي تدين بالولاء الكامل لتيار "المستقبل" والمتعلقة به عاطفياً، فيما ابتعدت عنه فئات كثيرة، بعضها بسبب أزمته الإقتصادية وتقصير "المستقبل"، وبعض آخر يُعتبر أكثر نخبوية في الطائفة السنية، بسبب تقصير "المستقبل".
هذه الأرقام التي وصلت منذ ساعات إلى بيت الوسط، والتي تؤكد أن ما كان يحاول البعض نفيه في التيار، وضعت الحريري أمام خيارات صعبة للاستمرار سياسياً، خصوصاً أن سياسة المداراة والترقيع بسبب تقصير قيادات "المستقبل" باتت لا تجدي نفعاً، ودفعت أكثر من قيادي إلى الحديث علناً عن ضرورة إجراء مراجعة نقدية معمّقة مرفقة بقرارات حاسمة يجب أن تتضمن محاسبة كل من قصر في الفترة الماضية، أو حتى استعمل "التيار" لتحقيق منافع شخصية.