جنبلاط يعيد التوازن الى دروز سوريا
بين النقاط يسير رئيس "اللقاء الديمقراطي" النائب وليد جنبلاط. كل نقطة تشكّل لغماً يعطّله زعيم المختارة بهدوء ومثابرة، ويتابع تطورات الأمور في سوريا، لا سيما في المناطق الدرزية وفي علاقات أبناء الدروز مع جيرانهم السوريين.
عمله المتواصل في منع زرع الشقاق بين الدروز وجيرانهم يهدف إلى تحقيق نقطتين أساسيتين واستراتيجيتين، أولاً يجنّب الدروز اقتتالاً لا جدوى منه مع بقية الشعب السوري، وهذا إن حصل يحولهم وقوداً في الآلة الحربية للنظام، مما يمنع التقسيم ويحافظ على الحدود الجوارية، أما الثانية فهي في حال استطاع تحييد الدروز، وخصوصاً السويداء، عن الحرب، يعني ذلك تحييد الثورة السورية عن معارك هناك لصب الجهود أكثر باتجاه دمشق.
يحاول جنبلاط استنساخ الوضع الدرزي في لبنان على دروز سوريا، لناحية التمسّك بعروبتهم ومواطنيتهم، ورفضهم أي مبدأ تقسيمي يتفق عليه النظام السوري والإسرائيلي، كما أصبح واضحاً بالنسبة لجنبلاط، خصوصاً بعد أن حاول البعض تذكيته من خلال الإستثمار في حادثة قتل أحد الجرحى السوريين داخل سيارة اسعاف إسرائيلية في مجدل شمس، وما تبعها من تحركات لدروز إسرائيل تطالبهم بالتدخل أو بفتح الحدود أمام دروز سوريا، الأمر الذي يرفضه جنبلاط ويعتبره لعبة جهنمية تقضي على الدروز وعلى وحدة سوريا، من هنا تبرز تأكيداته ودعواته إلى ضرورة الحياد وعدم الإنخراط في الصراع مع النظام.
بالتوازي كان البيان الصادر عن مشايخ راشيا ووادي التيم يستنكر حادثة التعرض للجرحى السوريين، معتبراً أن "ما قام به البعض من مواطني الجولان المحتل باعتدائهم على أحد الجرحى من الثوار السوريين، وأدى الى وفاته، هو عمل مشين يتنافى مع أدبيات وأخلاقيات وتاريخ بني معروف وبالتالي يجب مساعدة الجريح والمقهور". ودعا البيان أهالي الجولان المحتل الى شجب هذا العمل، وإدانة مرتكبيه ومحاسبتهم، لأنه يقدم خدمة لأعداء العرب والمسلمين، ويذكي نار الفتنة بين أهل الوطن والمصير الواحد.
على هذه القاعدة يحاول جنبلاط إرساء الرأي العام الدرزي، لا سيما بعد تقديم شواهد كثيرة له تدين النظام السوري، وتؤكد مدى تعاطيه وفق مصالحه، مع أبناء الطائفة الدرزية، خصوصاً لجهة فرض شروطه وابتزاز أبناء الدروز لاستدراجهم إلى القتال في صفوفه مخيّرهم بين مواجهة داعش أو الإنخراط في مخططه.
يستمر جنبلاط في مساعيه، لا سيما بعد الزيارة إلى الأردن حيث التقى خلالها كبار المسؤولين وعلى رأسهم الملك عبد الله الثاني وبحث كيفية حماية السويداء والمناطق الدرزية وتحييدها عن أي صراع أو قتال، بالإضافة إلى محاولة تأمين خط آمن من المملكة الأردنية إليها لمدها بكل الإحتياجات الطبية والغذائية للمدنيين في حال فرض النظام الحصار على المحافظة نتيجة رفضها القتال معه.
وعلمت "المدن" أن وزير الصحة وائل أبو فاعور الذي زار تركيا بعيد حادثة قلب لوزة في جبل السماق في ريف إدلب، بتكليف من جنبلاط وأجرى لقاءات إيجابية مع ممثلين عن المعارضة السورية والفصائل المسلّحة، يستعد لزيارة أنقرة مجدداً الأسبوع المقبل من أجل استكمال البحث في سبل تأمين حماية الدروز في مناطقهم وعدم تعرض أحد لهم.
حتى الآن استطاع الدروز تحييد انفسهم نوعاً ما عن الدخول في الصراع مع أي من الأطراف، على الرغم من أن هناك آراء متعددة في صفوفهم، فهناك من يؤيد النظام والقتال معه، وهناك من يؤيد المعارضة ويدعو إلى ضرورة مقاتلة النظام، فيما هناك طرف آخر يريد الحياد، ولكل طرف من هؤلاء فعالية وأرجحية وهذا ما يحيد المناطق الدرزية، والتي يحسن جنبلاط السير بين نقاطها للإبقاء على هذا التحييد وحفظ سلامة بني معروف.