"المستقبل": بعد الأسد..سنحتضن "حزب الله" بالحوار
على الرغم من القصف السياسي، والتباعد الإستراتيجي في التوجهات، إلّا أن "حزب الله" وتيار "المستقبل" يستمران في عقد جلسات الحوار في ما بينهما. لا يمرّ يوم من دون أن يهاجم أحدهما الآخر، قبل أن يذيل هجومه بختم التمسك بلازمة الحوار.
في الأسابيع الماضية حقق الحوار كل ما يمكن أن ينجزه داخلياً. إنتشرت الخطط الأمنية في كل المناطق، فيما الملفات الأخرى الخلافية أقليمياً، ورئاسياً، مؤجلة إلى مرحلة أقليمية ودولية سانحة. هذا الواقع الحواري، يدفع كثراً إلى وضع علامات إستفهام حول جدوى إستمرار الحوار في ظل هذا الإشتباك السياسي، فيما يطالب البعض بفرط عقده والعودة إلى المتاريس، على الرغم من تمسك القيادات به، من دون توضيح أسباب ذلك، بإستثناء تكرار لازمة سحب الإحتقان.
يعيد "المستقبل"، وفق مصادره دوما تحديد خطوط الحوار. تقول المصادر لـ"المدن" إن أفق الحوار سدّت أمام "حزب الله"، فهو صاحب مشروع يتسبب بالتوتر وهو الذي يملك السلاح ويشارك في حروب خارجية، وبالتالي بعد تنفيذ الخطط الأمنية وإن كانت شكلية في عدد من المناطق، وإعلامية في عدد آخر، إلّا أنها أرست إيجابية معيّنة على الشارع اللبناني، وخففت الإحتقان، لكنها لم تنجز المعجزات، وتضيف إن الحوار لم يحدد بوظيفة أساسية ينتهي بتنفيذها، بل إن تخفيف الإحتقان هو من أجل الجلوس الى الطاولة والتشاور في أية أمور سواء كانت خلافية أو غير خلافية، المهم من ذلك هو الإلتقاء والتشاور، ويأتي هذا بطلب إقليمي ودولي.
وعلى الرغم من استخفاف البعض بمبدأ تخفيف الإحتقان، إلا أن كثراً يعتبرون أن أهمية هذا الحوار تكمن في أنه الحوار الوحيد بين السنة والشيعة في مناطق التوتر بين المذهبين، أي انها الطاولة الوحيدة التي يجتمع عليها سنة وشيعة ويتحاورون، مما يعني أن الجلسات المستمرة بين الخصمين الأساسيين نجحت في كسر الجليد، وبالتالي يمكن البناء على هذا الأمر المهم والمتواضع في آن لمرحلة لاحقة، خصوصاً أن أياً من الطرفين لا يستطيع الخروج عن الآخر، ولا بد من العيش معاً.
يذهب تفاؤل المستقبل وطموحه إلى ما هو أبعد من ذلك. ينطلق أحد المقربين جداً من الرئيس سعد الحريري منذ ذلك، ليقول لـ"المدن" إن الهدف من الحوار هو إحتضان "حزب الله" في مرحلة ما بعد بشار الأسد. ويلفت إلى أن تيار "المستقبل" يسعى إلى تحضير الأجواء لمرحلة ما بعد إنتهاء موجة الحروب هذه، لأن اليقين يقول إن "حزب الله" سيخرج من الميدان السوري عائداً يوماً ما إلى لبنان، "فماذا بالإمكان أن نفعل معه؟ خصوصاً أنه لا يمكننا معاداته ولا إلغاءه، والواقع يحتّم أننا سنعيش سوياً، وحينها سيعود "حزب الله" إلى الحياة السياسية الطبيعية في لبنان، وسنكون شركاء في إدارة الدولة وإن كنا خصوماً في السياسة، لكن الندّية ستكون غالبة".
يدعم ما تقوله المصادر بإحدى تغريدات الحريري مؤخراً على موقع تويتر، والتي وجهها إلى الأمين العام لـ"حزب الله" حسن نصر الله، بالقول: "آن الأوان لساعة وعي يا سيد"، وكأنها إشارة مبطّنة، خصوصاً أن "المستقبل" وفق ما يؤكد أحد قيادييه البارزين أصبح يتعامل إنطلاقاً من الجو العربي والدولي وكأن الأسد أصبح في آخر مراحله، وبالتالي على الجميع التعاطي مع الأمور وفق منطق ما بعد الأسد، لذلك توجه الحريري إلى نصر الله بهذا الكلام.
الواضح أن لدى "المستقبل" موقفين متوازيين إزاء "حزب الله"، ففي سوريا يريد له الهزيمة والعودة مكسوراً إلى لبنان. هذا الأمر أصبح بحكم المؤكد بالنسبة للمستقبل. أما في لبنان فهو حريص على الحوار معه، لأنه لا يمكن للبلد أن يستمرّ من دونه، شرط أن يعود حزباً سياسياً كما كل الأحزاب من دون قوة السلاح، ولا يمكن الوصول إلى الغاية الثانية من دون الأولى.