أزمة النفايات تعمق أزمة "المستقبل" مع شارعه
يعاني تيار "المستقبل" من أزمة واضحة مع شارعه. منذ أن إندلعت أزمة النفايات فشل "التيار" في إقناع جمهوره بأي من الأفكار المتداولة في أقليم الخروب وصيدا والبقاع وصولاً الى عكار. وعلى وقع استمرار أزمة "المستقبل" المالية، يستمر الفشل في الحوار مع الشارع في البقاع وعكار تحديداً لتمرير خطة وزير الزراعة أكرم شهيب لحل أزمة النفايات، ما يطرح أكثر من سؤال بشأن علاقة الشارع بـ"التيار"، خصوصاً أن رئيس "اللقاء الديمقراطي" النائب وليد جنبلاط نجح في التحدي الأصعب في الناعمة وفي إقناع البلديات والفعاليات بإعادة فتحه لمدة سبعة أيام فقط.
في عطلة نهاية الأسبوع بدا أن "المستقبل" أمام تحد عكاري وبقاعي. في كلا المنطقتين تلحظ خطة شهيب إقامة مطمرين، الأول عند الحدود اللبنانية – السورية بقاعاً، والثاني في مكب سرار العشوائي. وفي المنطقتين لا تزال حركة الإعتراض تكبر من دون أن يفلح "المستقبل" في اقناع الفعاليات السياسية والدينية والشعبية بضرورة الخطة وعدم خطورتها على السلامة الصحية.
في سرار، بدا لافتاً فشل "المستقبل" في تقديم رؤية متكاملة على الرغم من الإجتماعات المتكررة والزيارات، خصوصاً أن وجود المكب العشوائي وتحويله الى مطمر صحي يعتبر نقطة إيحابية يعول عليها. والفشل هذا أدى اضافة الى الرفض الشعبي الى مبادرات لتطويق أي محاولة لفتح المطمر بالقوة، وذلك عبر لجوء البلديات المعترضة الى القضاء تفادياً لتكرار سيناريو الناعمة، بالتزامن مع تهديد بارز لرئيس بلدية عندقت عمر مسعود ضد نواب ووزراء "المستقبل" من نقمة أهالي عكار عليهم.
الخلافات السياسية والنكايات أيضاً كان لها حضور في أزمة "المستقبل" وشارعه، خصوصاً أن التحرك الأخير تخلله هجوم عنيف من قبل النائب خالد الضاهر، الذي علقت عضويته سابقاً من كتلة "المستقبل"، ضد وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق.
وفيما يبدو جلياً عجز "المستقبل" ليس عن إقناع شارعه فحسب بل على الحوار معه أيضاً، فتح الإستثمار السياسي داخل شارع "المستقبل" على مصراعيه، إن على الصعيد السياسي حيث يقدم "المستقبل" التنازلات تلو التنازلات، أو حتى على صعيد الخدمات التي يقدمها "المستقبل" لأبناء بيئته بنتيجة الأزمة المالية التي يعانيها.
وتعليقاً على ما يجري، يؤكد الضاهر لـ''المدن'' أن "ما وصلت إليه الحكومة ووزير الداخلية لحل أزمة النفايات هو إهانة لأهل عكار، وذلك عبر أسلوب الترهيب والترغيب من خلال الضغط على الأهالي للقبول بإنشاء المطمر من دون إعلان رسمي بإنشاء مطمر حديث يتمتع بمواصفات صحية". وأشار إلى أن "أهالي عكار على استعداد لتحمل مسؤوليتهم تجاه الأزمة التي يواجهها البلد، ولكن ضمن خطة منطقية لأنه من الواضح أن الحل المطروح يحمل أعباء تنفيذه المناطق السنية فقط". وأكد أن عكار "مشكلتها ليست مع ١٤ أو ٨ إنما مع الحكومة غير القادرة على تأمين أي شيء لعكار".
على الضفة الأخرى، يؤكد عضو كتلة "المستقبل" النائب معين مرعبي عبر "المدن'' أن ما يعنيه هو خطة إنماء عكار ويليها خطة النفايات، مشيراً إلى أنهم "مع الخطة ضمن الشروط الصحية ومستعدون للبحث بالخطة، ولكن عندما ترتاح عكار من مصائبها".
وإن كان الوضع العكاري، تختلط فيه المزايدات السياسية بالواقع مع الشارع، كان لافتاً المشهد البقاعي، الذي لم يقتصر فحسب على استمرار الرفض بل تعداه الى انتقاد مباشر لأداء "المستقبل" ونوابه، من قبل الفعاليات الدينية والشعبية على حد سواء، وذلك خلال الإجتماع الأخير الذي عقد في مقر أزهر البقاع بحضور مفتي المنطقة خليل الميس وشباب الحراك الرافضين للمطمر ونواب "المستقبل" الذين غلب صمتهم على الإجتماع، باستثناء النائب عاصم عراجي الذي أشار إلى ضرورة البحث والنقاش من المنطلق العلمي، لكن الموقف الأبرز كان للميس الذي أكد للحاضرين وفق معلومات "المدن" أن إنتخاب الأهالي للنواب لا يعني أنهم استقالوا من دورهم.
ثمة أزمة واضحة بين الشارع وتيار "المستقبل" ساهمت أزمة النفايات في كشفها. هذا الشرخ بدأ يقلق البعض ضمن تيار "المستقبل" وخارجه، والمقارنة بين مطمر الناعمة وقدرة جنبلاط على اعادة فتحه على الرغم من الإعتراضات الشعبية، وفشل "المستقبل" تحضر دوماً في الأروقة السياسية، للدلالة على أن "المستقبل" دخل فعلياً في مرحلة يجب فيها مراجعة حساباته.