الضم والأبارتهايد هما الهدف الاسرائيلي!
فور توقيع الاتفاقيات الائتلافية بين حزب الليكود وأحزاب "الصهيونية الدينية" بزعامة بتسلئيل سموتريتش، و"عوتسما يهوديت" ("قوة يهودية") بزعامة إيتمار بن غفير، و"نوعام" بزعامة آفي ماعوز (والتي تشكّل ثالوث أحزاب إسرائيلية يمينية متطرفة خاضت الانتخابات للكنيست الخامس والعشرين يوم 1 تشرين الثاني/ نوفمبر 2022 ضمن قائمة تحالفية باسم "قائمة الصهيونية الدينية")، أشير في أبرز عناوين وسائل الإعلام الاسرائيلية إلى تداعيات هذه الاتفاقيات على راهن مشروع الاستيطان الإسرائيلي في الأراضي المحتلة منذ 1967، والذي يعوّل عليه اليمين المتطرف لدفن ما يسمى بـ "حل الدولتين" بادعاء أن هذا الحلّ يؤدي إلى قيام دولة فلسطينية مستقلة، وكذلك تمهيدًا لضم ما يعرف بمناطق ج في الضفة الغربية إلى إسرائيل وحصر نفوذ السلطة الفلسطينية التي تجسّد "الحكم الذاتي الفلسطيني" في مناطق أ وب. ووقعت هذه الاتفاقيات في مطلع كانون الأول/ ديسمبر 2022، وفي يوم 28 من الشهر نفسه وضع رئيس الحكومة الإسرائيلية المُكلّف، بنيامين نتنياهو، لمسات أخيرة على ائتلافه المُكوّن من أحزاب تيار الصهيونية الدينية المذكورة، وأحزاب اليهود الحريديم المتزمتين دينيًا، حيث تم تحديد الخطوط الأساسية التوجيهية للحكومة التي تشدّد، من بين أمور أخرى، على "حقّ الشعب اليهودي الحصري وغير القابل للتصرّف في جميع أنحاء أرض إسرائيل"، وتشمل تعهّدات بتعزيز الاستيطان في "الجليل والنقب والجولان ويهودا والسامرة (الضفة الغربية)". وغداة ذلك اليوم، أدّت الحكومة الإسرائيلية الجديدة اليمين القانونية في الكنيست. وفي الاتفاقيتين الائتلافيتين المنفصلتين مع حزبي "الصهيونية الدينية" و"عوتسما يهوديت"، التزم حزب الليكود من حيث المبدأ، بفرض السيادة الإسرائيلية على مناطق يهودا والسامرة، مع مراعاة اعتبارات رئيس الحكومة في ما يتعلق بـ "التوقيت وتقييم المصالح الوطنية والدولية لدولة إسرائيل". وفي هذا الاتفاق تعهّد نتنياهو أيضًا بشرعنة البؤر الاستيطانية التي تعتبرها الحكومة الإسرائيلية حاليًا غير قانونية.
وشملت التعيينات الرئيسية في الائتلاف الحكومي تعيين عضو الكنيست عن حزب الليكود يوآف غالانت، وهو لواء سابق في الجيش الإسرائيلي، وزيرًا للدفاع. وسيكون إلى جانبه في وزارة الدفاع بتسلئيل سموتريتش من حزب اليمين المتطرف "الصهيونية الدينية"، الذي يدعم فرض السيادة الإسرائيلية في جميع أنحاء الضفة الغربية بدون حقوق متساوية للفلسطينيين، ومُنح صلاحيات واسعة النطاق في ما يتعلق بـ "الشؤون المدنية للمستوطنات اليهودية" والفلسطينيين في الأراضي المحتلة. فيما إيتمار بن غفير رئيس حزب "عوتسما يهوديت"، الشبيه من ناحية أيديولوجية بحزب "الصهيونية الدينية"، منصب وزير الأمن القومي مع سلطة غير مسبوقة على الشرطة. وتمّ في الكنيست تسريع سنّ القوانين التي تمكّن سموتريتش وبن غفير من تولي هذين المنصبين الموسعين.
ولا شك في أن الصلاحيات الواسعة التي حاز عليها سموتريتش كمندوب عن "الصهيونية الدينية" تنطوي على دلالة خاصة، في كل ما يرتبط بالاحتلال في أراضي 1967 وبراهن مشروع الاستيطان في هذه الأراضي ومستقبله.
ولعلّ أوّل ما تتعيّن الإشارة إليه هو أن هناك إجماعًا لدى مؤسسات حقوق الإنسان الإسرائيلية على أن الاتفاقية الائتلافية بين الليكود وحزب "الصهيونية الدينية" تنطوي على أبعاد بعيدة المدى في كل ما يتعلّق بالاحتلال الإسرائيلي في أراضي 1967، بما في ذلك جعل القانون الإسرائيلي ساريًا على المستوطنين، وتعميق الفوقية اليهودية في الضفة الغربية التي ترسّخ نظام الأبارتهايد، على حدّ ما جاء مثلًا في بيان صادر عن "جمعية حقوق المواطن في إسرائيل". وبموجب هذا البيان، تنصّب الاتفاقية رئيس "الصهيونية الدينية" سموتريتش حاكمًا شبه مطلق في كل ما يرتبط بالضفة الغربية، وتتسبّب بتحييد كل التوازنات والكوابح القليلة القائمة والتي تهدف إلى الدفاع عن حقوق الفلسطينيين الخاضعين للاحتلال الإسرائيلي. وكي يتنصّل رئيس الحكومة من حملات النقد التي قد يجرّها مُجرّد تعيين سموتريتش وزيرًا للدفاع- كما طالب- فقد التجأ إلى سحب ما يعرف بصلاحيات وزير الدفاع المتعلقة بالمستوطنين الإسرائيليين في أراضي 1967 ونقلها إلى حزب "الصهيونية الدينية" بما من شأنه أن يخدم أجندة ضمّ تلك الأراضي.
ولتقديم نموذج على ما نقصد، يكفي أن نتوقف عند قرارين اتخذتهما الحكومة الإسرائيلية بهذا الشأن خلال الفترة القصيرة التي انقضت منذ بداية ولايتها القانونية في أواخر كانون الأول/ ديسمبر 2022.
القرار الأول: هو ذلك الذي صادقت عليه الحكومة يوم 18 حزيران/ يونيو 2023 وينص، عمليًا، على منح سموتريتش، بصفته يشغل أيضًا منصب وزير ثانٍ في وزارة الدفاع الإسرائيلية، السيطرة الكاملة على الموافقة على تخطيط أعمال البناء في مستوطنات الضفة الغربية. ووفقًا للقرار الجديد، وهو تعديل لقرار حكومي صدر عام 1996، سيتم تقليص مراحل المصادقة العديدة، التي كانت مطلوبة حتى الآن من وزير الدفاع للموافقة على المخططات الرئيسية لتخصيص الأراضي، إلى موافقة واحدة مطلوبة فقط، وستأتي هذه الموافقة الآن من سموتريتش في دوره الثانوي كوزير في وزارة الدفاع. وقد أشاد زعماء المستوطنات بسموتريتش ونتنياهو لدفعهما بهذا التغيير قدمًا والموافقة عليه، ورحبوا بعملية المصادقة، وأكدوا أنها ستجعل الموافقة على التخطيط في الضفة الغربية روتينية وأشبه بالتخطيط داخل "الخط الأخضر". في المقابل شجبت مجموعات معارضة للاستيطان القرار، وأكدت أنه يشكّل ضمًّا فعليًا للضفة الغربية، وسيسمح بتوسيع المستوطنات من دون رادع.
وبحسب التعديل، تم محو بند رئيسي في قرار سابق للحكومة بهذا الشأن، يتطلب موافقة وزير الدفاع قبل أن تتمكن لجنة التخطيط من عقد جلسات استماع بشأن المخطط الرئيسي المقترح لاستخدام الأراضي. وفي السابق، كانت هناك خمس مراحل على الأقل في عملية التخطيط تتطلب تفويضًا من وزير الدفاع. ومن الناحية العملية، كانت هذه العملية تعني أن التخطيط لتوسيع المستوطنات أو شرعنة البؤر الاستيطانية غير القانونية يتطلب مشاركة المستوى السياسي في كل مرحلة. وبموجب القرار المعدل، يحتاج الوزير فقط إلى إعطاء موافقته مرة واحدة أو مرتَين كحدّ أقصى في أوضاع معينة من أجل المضي قدمًا، وهذا يعني أن العملية يمكن أن تتقدم بسرعة أكبر.
وقالت حركة "السلام الآن" إن هذا القرار سياسي ويهدف إلى القضاء على إمكان حل الدولتَين، وأكدت أن إسرائيل تتجه نحو الضم الكامل للضفة الغربية، ولا تنوي السماح لأي اعتبارات أمنية أو دبلوماسية بأن تمنع ذلك.
وكان سموتريتش قد أكد قبل اتخاذ القرار أن اللجنة العليا للتخطيط والبناء في الإدارة المدنية الواقعة تحت سلطته ستُجري، الأسبوع المقبل، مداولات بشأن الموافقة على بناء نحو 4560 وحدة سكنية جديدة في مستوطنات الضفة الغربية. وقال سموتريتش إن هذه الوحدات، إلى جانب مشاريع التخطيط الأُخرى التي تم تطويرها في وقت سابق من هذا العام، جعلت الأشهر الستة منذ إقامة هذه الحكومة تسجّل رقمًا قياسيًا في معدل تخطيط البناء في المستوطنات خلال العقد الماضي.
وقالت صحيفة "هآرتس"، في مقال افتتاحي أنشأته يوم 19 حزيران/ يونيو 2023 تحت عنوان "بتسلئيل سموتريتش وزير الأبارتهايد"، إنه بينما يتوجه الانتباه العام نحو قوانين الانقلاب القضائي، ويتم توجه قوة الاحتجاج والمعارضة إلى كبح هذا الانقلاب، يوسع المستوطنون مشروعهم الاستيطاني ويستعدون لضم الأراضي المحتلة، ويمحون "الخط الأخضر" والذي وصفته بأنه "خط السيادة الإسرائيلية الذي يستند إليه حل الدولتَين لشعبَين".
ورأت الصحيفة أن ما صادقت عليه الحكومة هو قرار يقصّر عملية الحصول على موافقة على البناء في المستوطنات، ونقل صلاحية الموافقة على عمليات البناء إلى سموتريتش الوزير في وزارة الدفاع. وأشارت إلى أن المستوطنين نجحوا، بعد 27 عامًا، في تغيير نهج الآليات المتبعة، وأن الحكومة قرّرت منح مستوطن مسياني، من مؤيدي "أرض إسرائيل الكاملة"، والفوقية اليهودية، القدرة على تسريع البناء في المستوطنات.
وبرأي "هآرتس"، مع أن البناء في المستوطنات لم يتوقف إلا أن كل عملية بناء كانت تحتاج إلى موافقة المستوى السياسي، الذي شكّل برأيها آلية تسمح أحيانًا بوقف البناء، وخصوصًا في حال التعرّض إلى ضغوط دولية. غير أن هذا التغيير سيزيل القيود، ويسرّع من البناء، ويعطي سموتريتش صلاحية الموافقة على التخطيط بدلًا من وزير الدفاع كما وعد في الاتفاقيات الائتلافية، عندما باع نتنياهو الدولة لإقامة حكومة بأي ثمن. ومعنى هذا أن مجلس التخطيط الأعلى يستطيع مناقشة الخطط الهيكلية من دون موافقة المستوى السياسي لكل مرحلة. بكلمات أُخرى، سيقرّر المستوطنون بأنفسهم، وستقف الدولة معهم لاحقًا. وخلصت الصحيفة إلى القول: أدرك سموتريتش والمستوطنون جيدًا أن اعتماد نتنياهو المطلق على اليمين المتطرف هو فرصة تاريخية بالنسبة إليهم، وهم يحاولون استغلال كل لحظة للسيطرة على مزيد من الأراضي الفلسطينية للبناء، ولتغيير الواقع على الأرض بصورة لا عودة فيها، وتأسيس دولة الأبارتهايد الكبرى من البحر إلى نهر الأردن. إن الأزمة التي تعاني جرّاءها إسرائيل أعطت المستوطنين ومشروعهم المدمّر فرصة من ذهب. ويتعين على الجميع إدراك أن الانقلاب القضائي هو فقط أداة، بينما الضم والأبارتهايد هما الهدف.
أمّا القرار الثاني فهو مصادقة الكنيست الإسرائيلي يوم 21 آذار/ مارس 2023 بالقراءتين الثانية والثالثة على إلغاء بنود من "قانون الانفصال [فك الارتباط] عن قطاع غزة وشمال الضفة الغربية" الذي جرى سنّه عام 2005، وهو ما يمهّد لإعادة إقامة 4 مستوطنات في شمال الضفة أُخليت قبل 18 عامًا. ويلغي القانون قرار الانفصال عن مستوطنات "غانيم" و"كديم" و"حومش" و"سانور"، التي تم تفكيكها عام 2005، وينص على إلغاء العقاب الجنائي المفروض على المستوطنين الذين يدخلون إلى هذه المستوطنات أو يقيمون بها. وهو القانون الذي دانته حتى الولايات المتحدة على لسان نائب الناطق بلسان وزارة الخارجية الأميركية فيدانت باتل، الذي قال إن واشنطن منزعجة للغاية من هذا التحرّك للكنيست، وأن تعديل القانون استفزازي بشكل خاص، ويؤدي إلى نتائج عكسية لجهود استعادة الهدوء، كما شدّد على أن الولايات المتحدة قلقة بشدة حيال تبنّي الكنيست لهذا القانون، مشيرًا إلى أن حكومة أريئيل شارون كانت قدمت في صيف 2005 التزامات لواشنطن تعهدت فيها بمنع التراجع عن قانون الانفصال عن قطاع غزة وعن هذه المستوطنات الأربع في شمال الضفة.
ويهدف هذا القانون الذي قدمه أساسًا يولي إدلشتاين، وهو رئيس الكنيست السابق من حزب الليكود وعضو الكنيست الحاليّ ورئيس لجنة الخارجية والأمن البرلمانية، إلى إلغاء بنود في القانون المذكور كانت تحظر على المستوطنين دخول نطاق المستوطنات الأربع المذكورة، على نحو يفتح المجال أمام إعادة توطينها من جديد.
وكان إلغاء هذه البنود جزءًا من الشروط التي وضعتها أحزاب اليمين الدينيّ المتطرف لقاء الانضمام إلى ائتلاف حكومة بنيامين نتنياهو الحالية.
ويُعدّ القانون عنصرًا حيويًا في مسعى الحكومة الإسرائيلية الذي يرمي إلى إضفاء الشرعية على بؤرة حومش الاستيطانية غير القانونية، والتي حاول المستوطنون مرارًا إعادة بنائها. وقالت جمعيات إسرائيلية متخصصة في مراقبة الاستيطان في الأراضي المحتلة ومعارضون لمشروع القانون إنه سيُستخدم من أجل توسيع النشاط الاستيطاني في المنطقة بشكل عام، وسيؤدي إلى ضم فعلي لأجزاء كبيرة من أراضي الضفة الغربية.
وجاءت مصادقة الكنيست بعد أن وافقت الحكومة على تشريع 9 بؤر استيطانية غير قانونية، وعقب مصادقتها على خطط لبناء أكثر من 7000 وحدة سكنية جديدة في المستوطنات. وفي كانون الثاني/ يناير 2023، بلّغت الحكومة المحكمة الإسرائيلية العليا بأنها تراجعت عن التزامها السابق بإخلاء حومش، وبدلًا من ذلك هي تسعى لتشريع البؤرة الاستيطانية من خلال إلغاء المادة ذات الصلة من قانون الانفصال الذي أُقرّ في عام 2005. وقد ورد ذلك في إطار ردّ الحكومة على طلب التماس قدمته إلى هذه المحكمة منظمة "يش دين" المناهضة للاستيطان، وطالبت فيه بإزالة البؤرة الاستيطانية والسماح للسكان الفلسطينيين في قرية برقة المجاورة بالوصول إلى أراضيهم الخاصة التي أقيمت البؤرة الاستيطانية في داخلها.
من الجدير أن يُقال عند هذا الحدّ بأن حزب الليكود نفسه يبدو جاهزًا تمامًا، ومنذ فترة طويلة، لاتخاذ مثل هذه الخطوة حتى من دون اشتراطها من طرف أحزاب اليمين الدينيّ المتطرف. ولعل من أقرب العلائم على هذه الجهوزيّة، إذا ما شئنا تذكير من يحتاج إلى إنعاش الذاكرة، مصادقة مركز هذا الحزب بالإجماع في نهاية عام 2017 على فرض "السيادة الإسرائيلية على مناطق المستوطنات اليهودية في يهودا والسامرة (الضفة الغربية)". ففي إثر تلك المصادقة، قال رئيس مركز الحزب، الوزير حاييم كاتس، إن هذه المناطق هي جزء لا يتجزأ من أرض إسرائيل وستظل تحت سيادة دولة إسرائيل إلى أبد الآبدين. وشارك في جلسة المركز آنذاك أغلبية وزراء الليكود ولكن رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو تغيّب عنها. وقال الوزير جلعاد إردان في حينه إن هناك الآن رئيسًا أميركيًا (يقصد دونالد ترامب) يدرك بكل جلاء أن الاستيطان اليهودي في أراضي 1967 ليس عقبة أمام السلام بل إن العقبة كامنة في الرفض والتحريض الفلسطينييْن، ودعا إلى عدم تفويت هذه الفرصة. وأشاد حزب "البيت اليهودي" بهذا القرار، كما أشاد به رئيس الكنيست في ذلك الوقت يولي إدلشتاين مشيرًا إلى أن إعلان الرئيس الأميركي ترامب الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل هو بداية حقبة جديدة في تاريخ الصراع مع الفلسطينيين.
وفي إطار التعقيب على ذلك قال رئيس حزب العمل وتحالف "المعسكر الصهيوني" في حينه، آفي غباي، إن منتسبي الليكود من مستوطنات الضفة الغربية استكملوا الاستيلاء على هذا الحزب وهم يوضحون الفارق بين "مبدأ ضم ملايين الفلسطينيين وموقف ’المعسكر الصهيوني’ المنادي بالانفصال عنهم"، على حدّ تعبيره. كما نوهت حركة فتح بأن هذا القرار يؤدي إلى إنهاء بقايا "عملية السلام"، وشدّدت على أن هذه الخطوة هي بمثابة نسف لكل الاتفاقيات الموقعة واستفزاز لا يمكن السكوت عنه، كما أنها تشكل انتهاكًا صارخًا لقرارات منظمة الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي.
في ذلك الوقت تعالت أيضًا أصوات، حتى من جانب بعض المؤيدين لليكود، اعتبرت قرار مركز الحزب بمثابة حدث مفصليّ، كونه يرمز إلى تحوّل الليكود إلى فرع من تيار "الصهيونية الدينية" الذي يتبنى مقاربة مسيانية. ووفقًا لما قاله بعض هؤلاء، وظهر على صفحات جريدة "يسرائيل هيوم"، على ناخبي الليكود المعتدلين الذين ينتخبونه من أجل المحافظة على الوضع القائم، الستاتيكو، إلى أن يجري التوصل إلى تسوية للانفصال عن الفلسطينيين، أن يفهموا أن هذا الحزب لم يعد يشكل خيارًا بالنسبة إليهم، فقد تحوّل برأيهم من حزب يميني براغماتي إلى حزب يميني متطرف، يفضّل "سلامة أرض إسرائيل" على "سلامة شعب الدولة".
في ضوء هذا، يمكن القول إن القانون الجديد الذي يهدف إلى إلغاء الأقسام المتعلقة بشمال الضفة الغربيّة من "قانون الانفصال"، مُضافًا إلى ما سبقه من نصوص وقرارات اتخذها الليكود، يُقدّم أكثر من علامة يمكن الاهتداء بها في طريق البحث في التحولات التي طرأت على هذا الحزب وجعلته أكثر يمينية وتدّينًا مما كان عليه حتى الآن.
لا يتوقف الأمر عند هذا الحدّ، فبعد أن حدث ما حدث في ما يتعلّق بالاستيطان الكولونيالي في أراضي 1967، شرع الوزيران سموتريتش وبن غفير أيضًا في المطالبة بترجمة قوتهما السياسية داخل الحكومة إلى تغيير ملموس في ما توصف بأنها "الرؤية الأمنية الإسرائيلية في الضفة الغربية"، وهو ما يستلزم أن نتوقف عنده في مقال لاحق.