صواريخ روسية بالية لايران
تباهي المسؤولين الايرانيين باقتراب موعد تسلمهم منظومة الدفاع الجوي “اس ٣٠٠” من روسيا، مقابل مبلغ باهظ بلغ ٨٠٠ مليون دولار، يذكّر بالبنادق الفاسدة التي ابتاعها العرب لتحرير فلسطين في العام ١٩٤٨. عامذاك، تظاهرت اسرائيل وكأنها في خطر، واتهمت خمس دول عربية باجتياحها ومحاولة القضاء عليها، واستدرت عطف الدول للحصول على اموال منقطعة النظير واسلحة فائقة التطور. كل الاستعدادت الاسرائيلية في الخفاء قابلها تباه عربي في العلن وأسلحة بالية، والنتيجة كانت واضحة: نكبة العرب.
ولفهم مدى تواضع منظومة الدفاع الصاروخية الروسية “اس ٣٠٠”، يكفي ان نعرف ان اليونان ابتاعت هذه المنظومة من روسيا قبل ١٨ عاما، اي في العام ١٩٩٨. ومنذ اليوم الاول لاعلان روسيا نيتها بيع ايران المنظومة نفسها في العام ٢٠٠٧، اجرت المقاتلات الاسرائيلية سلسلة من التدريبات عليها فوق جزيرة كريت اليونانية. وكانت آخر جولة تدريب اسرائيلية ضد منظومة “اس ٣٠٠” اواخر العام الماضي.
منظومة “اس ٣٠٠” مرّ عليها زمن واصبحت من الاسلحة القديمة في عالم الحروب، فوضعتها روسيا خارج الخدمة، واستبدلتها بمنظومة محدثة هي “اس ٤٠٠”. وبعدما وضعت روسيا النسخة المحدثة في الخدمة، سمحت ببيع النسخة الاقدم، وهو تقليد تقوم به الدول الكبرى باحتفاظها بأحدث التقنيات، خوفا من ان تتسرب، في حال زودتها لدول حليفة، الى دول عدوة.
مثلا، ترفض أميركا تزويد اسرائيل بأحدث تقنياتها العسكرية، وهو ما حدا باسرائيل في الثمانينات الى محاولة التجسس على اقرب حلفائها، أي اميركا، فانكشفت المحاولة، وتحولت الى فضيحة، ورمت أميركا الجاسوس جوناثان بولارد في السجن، ورفض رؤساء اميركا المتعاقبون الافراج عنه على الرغم من استجداء اسرائيل المستمر على مدى عقود.
في الحالة الروسية، افرجت موسكو عن تقنية “اس ٣٠٠” في منتصف التسعينات، وراحت تسعى لتسويقها لدى دول العالم لتكتسب منها، فابتاعتها اليونان في العام ١٩٩٨، وتتدرب على تجاوزها اسرائيل منذ العام ٢٠٠٧.
وبينما يتباهي مسؤولو ايران بمنظومة “اس ٣٠٠”، على غرار تباهيهم بأسلحة بالية منذ زمن الشاه يعيدون طلاءها وتقديمها في الاستعراضات العسكرية، تصرخ اسرائيل بوصفها ضحية التسليح الايراني، وتستدر عطف العالم لتزويدها بأحدث انواع السلاح والمال، وهي شبه متأكدة من مقدرتها على اختراق “اس ٣٠٠” وربما تدمير القوة العسكرية الايرانية عن بكرة ابيها.
ايران كعرب ٤٨، تتباهى بقوة كاذبة، فيما اسرائيل ٢٠١٦ كاسرائيل ٤٨، تتظاهر بضعفها فيما هي اقوى بما لا يقاس من خصومها.
واذا لم تكن صواريخ ايران الروسية البالية قادرة على مواجهة اسرائيل، فهي صواريخ موجهة ضد من؟
الاجابة هي ان ايران ومواردها وتقنياتها العسكرية وصواريخها موجهة الى صدور العرب، تغير عليهم على الحدود العراقية بمقاتلات “اف ٤” التي يستخدمها الجيش الاميركي اليوم كاهداف لتدريب طياريه. كما ترسل ايران طائراتها من دون طيار “درون”، وهي ذات مدى يرتبط بمقدرة مشغلها على رؤيتها لأنها لاسلكية وتفتقر الى تكنولوجيا العمل بالاقمار الاصطناعية، لتتجسس على “الجيش السوري الحر” وكشف مواقعه.
ثم يطل علينا مسؤولو ايران ليتحدثوا عن تفوقهم المزعوم في التكنولوجيا والصناعة العسكرية.
اما حصيلة الاراضي التي “حررتها” ايران باستخدامها تقنيتها المتواضعة واسلحتها البالية، فهي — حسب المسؤولين الايرانيين — اربع عواصم عربية، فيما لم تطلق ايران طلقة واحدة ضد اسرائيل.
منظومة الدفاع الجوي “اس ٣٠٠” التي ستحصل عليها ايران هي عبارة عن صواريخ روسية بالية تدغدغ غرور الجمهورية الاسلامية ولا تعطيها اي تفوق عسكري، على غرار بنادق العرب الفاسدة التي سمحت للمسؤولين العرب ان يحلفوا على شواربهم انهم سيحرروا فلسطين، فلا ايران تفوقت عسكريا ولا مسؤولو العرب في ١٩٤٨ حرروا فلسطين.