"ميديا بارت": الشواطئ الجزائرية نقطة انطلاق للمهاجرين السوريين
والحراق هو المهاجر غير الشرعي المنطلق من دول شمال أفريقيا. وارتبطت بهم هذه التسمية لقياهم بإحراق أوراقهم الثبوتية فور بلوغهم القارة الأوروبية بحراً. وتوسع التعبير ليشمل "حرق الحواجز والقوانين" الرادعة لهجرتهم.
وجمعت إبراهيم شهادات لسوريين استقروا في مدينة وهران، متوقفة عند ظروف اقامتهم وسعيهم للهجرة. وسرد لها سامر وأنس، جانباً من معاناتهما ومعاناة أقرانهما خصوصاً حكاية أحد السوريين الذي أرسل أبناءه الثلاثة في رحلة غير شرعية كلّفته كل ما يملك: 1500 يورو. قصة هذا الرجل انتشرت في أوساط الجالية السورية في وهران لنهايتها المأساوية، حيث فقد اثنين من ابنائه ولم تنجُ إلا ابنته الصغرى ذات السنوات الست.
وتناول أنس في شهادته جشع المهربين الذين يتقاضون من السوريين أضعاف ما يدفعه المهاجرون الجزائريون. وفي أحيان أخرى يقع السوريون فريسة للنصابين الذين يختفون بعد تقاضيهم الأموال اللازمة بدعوى تأمين انتقالهم إلى أوروبا.
ولم يكشف التحقيق عن وجهي سامر وأنس، ولا عن أسميهما الكاملَين، فحلم الهجرة يراودهما، على عكس أحمد الذي احتلت شهادته المساحة الأكبر من التحقيق.
هذا الشاب السوري الذي استقر كلاجئ في هولندا، أكد على كلام أنس: خلال محاولته الأولى للهرب مع شقيقه يوسف في آب/أغسطس الماضي، انطلاقاً من ولاية الطارف، التقيا بسبعة سوريين ويمنيين اثنين و17 جزائرياً، توزعوا على أربعة قوارب. اكتشف أحمد أن كل جزائري دفع 1500 يورو لقاء هذه الرحلة فيما توجب عليه تسديد 4200 يورو.
ورغم أنه فشل مع شقيقه في بلوغ الشواطئ الأوروبية، لكنه على الأقل لم يقع في أيدي خفر السواحل الذين انشغلوا بملاحقة قارب من القوارب الأربعة ما أتاح له الإفلات والعودة إلى الشواطئ الجزائرية.
محاولة الهجرة كررها أحمد وشقيقه في تشرين الأول/أكتوبر من العام ذاته بعدما سددا سويةً للمهرب ذاته 1400 يورو. نقطة انطلاقهما هذه المرة كانت شواطئ سكيكدة، حيث توزع 10 أفراد من بينهم خمسة سوريين، على قاربين. قبل الانطلاق طُلب من أحمد وشقيقه عدم الصعود إلى القارب نفسه "كي لا يلحظ خفر السواحل أعداد السوريين المهاجرين إذا ما وقعوا في قبضتهم".
تمكن قارب أحمد من بلوغ الشواطئ الأوروبية، على عكس القارب الآخر غير المزود بـ"GPS". مأساة أحمد ليست في افتراقه عن شقيقه، بل في فقدان أثره بعد محاولة يوسف الهجرة للمرة الثالثة في كانون الأول/ديسمبر الماضي.
والحال أن محاولات أحمد لتقفي أثر شقيقه باءت جميعها بالفشل، حيث رفضت السلطات الإيطالية والجزائرية تقديم المساعدة اللازمة لتحديد مصير القارب. وأضاف أحمد أنه عاد واصطدم بالمعضلة نفسها عند رفض السلطات التونسية التعاون لمعرفة ما آل إليه مصير ركاب القارب الـ14، رغم ورود معلومات تفيد بتواجدهم في مركز الإيواء والتوجيه في مدينة العوينة التونسية. ولم يجد أحمد سبيلاً إلا اللجوء إلى وسائل التواصل الاجتماعي لعرض حكايته.
وختم الشاب حديثه إلى "ميديا بارت" متناولاً ظاهرة السوريين الذين يقصدون أوروبا انطلاقاً من الشواطئ الجزائرية. برأيه، هم إما من "عابري السبيل" الذين يقصدون الجزائر بنيّة مسبقة التوجه إلى أوروبا بحراً، أو ممن فشلوا في الاستقرار هناك ما يدفعهم لمغادرتها على نحو غير شرعي.
المغردون تفاعلوا على نحو محدود مع تحقيق ميديا بارت. لكن معظم التعليقات والتغريدات ألقت باللوم على السلطات الجزائرية، ليس لتقصيرها في منع ظاهرة "الحراقين" بل في تقاعسها عن استقبال "أشقائهم"، حتى تساءل احدهم "أليست الجزائر بلداً مسلماً؟"، فيما صوبت تغريدات أخرى سهامها باتجاه المهاجرين: "هم المسؤولون عما يلحق بهم من عبودية لقبولهم تسديد ثمن الرحلة".