الصحف الفرنسية تفتح "بازار" اللاجئين.. وتفاقم المخاوف منهم
تضاعف التأييد الفرنسي للاحجام عن استقبال المزيد من اللاجئين السوريين، نتيجة رفع وسائل الاعلام من نسبة المخاوف لدى الفرنسيين. فتغطية الصحافة الفرنسية لأزمة اللاجئين السوريين، عكست الانقسام المستشري في الاوساط السياسية. واتخذت كل جريدة موقعها في صفوف المحورين، اليميني واليساري.
خرجت "لو موند"، الاثنين بعنوان ينتقد الاجراءات، على قاعدة أن "القوانين الاوروبية تتيح للاجئين التحرك بحرية"، مع صورة لعناصر امن يمنعون اللاجئين من التقدم. فيما اختارت "لو فيغارو" اليمينينة مشهدا مشابها للاجئين مع عبارة "ألمانيا تستعيد السيطرة على الحدود"، في اشارة الى الاجراءات التي اتخذتها ألمانيا لمنع تدفق الاجئين عبر حدودها مع النمسا.
وفيما خففت الصحيفتين من حجم "التخويف"، فإن غلافminute ، المجلة الاسبوعية ذات الميول اليمينية المتشددة، كان الأكثر تعصباً بين اقرانها. عبارة "لقد أتوا، ماذا نفعل؟" عبرت عن رغبة المجلة في زرع الخوف والكراهية في قلوب الفرنسيين تجاه القادمين، مستكملة الكلام عن الأمراض التي ينقلها هؤلاء معهم من بلادهم.
وليس التخويف، الا سياسة تتماهى مع راي عام فرنسي، يتخوف، وتتضاعف محاذير استقبال اللاجئين السوريين لديه. من يتصفح مواقع التواصل الفرنسية اليوم، يمكنه بسهولة استحضار حادثة "شارلي ايبدو" بوصفها نتيجة لسياسات الاستقطاب والانصهار على مدى سنوات. تعززت المخاوف، وتضاعفت مشاعر عرقية ودينية، على غرار الكثير من الدول الاوروبية، باستثناء المانيا طبعاً، وذلك إثر قرار برلين فتح حدودها قبل اسبوعين، لتعود وتتشدد باجراءاتها خلال اليومين الماضيين، ما يضع اتفاقية "شنغن" على المحك.
وفي هذه الازمة، لا مساحة للغة الانسانية، حين تصل الامور الى المسّ بالمشاعر القومية. ربما لا يكون الرسم الذي نشرته مجلة "شارلي ابدو" الفرنسية الساخرة، بتناولها مشهد جثة الطفل الكردي ايلان ممدا على شاطىء تركي، عبر رسمتين اثنين، اختلف القارؤون على تفسيرهما، الا جزءاً من حالة رفض عامة، تحاكي مشاعر الكثير من الفرنسيين، بتوصيف الرسم الثاني على انه "البرهان أن أوروبا للمسيحين".
كثرة التفسيرات التي أعطيت للرسومات قد لا تخفي مضمونها الحقيقي، والذي يرجح ان يكون نقدياً لتوجهات اليمين الفرنسي في بادئ الامر، ومنه لباقي الدول الأوروبية، نتيجة تعاملها السيئ مع اللاجئين. فاستعمال المسيح والدلالة الدينية لاوروبا، يُقرأ عل انه استفزاز لكثير ممن يؤمنون بعلمانية الدول الاوروبية، لدفعه للضغط اكثر لاستقبال اللاجئين.
حالها كحال "شارلي ايبدو"، لم تسلم جريدة "le monde" اليسارية ايضا من الانتقادات، وذلك بعيد نشرها صورة ايلان المشهورة والى جانبها اعلان لعارضة ممددة على الشاطىء في عددها الصادر يوم 3 أيلول / سبتمبر الحالي. الأمر الذي عادت واعتذرت عنه الجريدة وارجعته الى خطأ في تصميم العدد.
والى جانب العناوين والرسوم، لم تختفِ المخاوف في مضمون المقالات المنشورة. احدى المقالات في "لو موند"، تناولت الافضلية الواضحة لالمانيا على فرنسا في جذب اللاجئين وطالبي اللجوء، مع تذكير بمحطات فرنسا في استضافة الهاربين من الحروب تاريخياً. بأسلوب مستفز لحسن الضيافة لدى الفرنسيين، انطلق المقال من سؤال "هل فرنسا لا تزال تعد ملاذا؟" ليسرد تاريخيا دورها، ومن ثم أرقاما حول تقدم ألماني في هذا المجال والتشديد على اختيار العديد من السوريين لالمانيا كملاذ للجوء بدل فرنسا.
المقال في رسالته الواضحة التي تدعو الفرنسيين الى"العودة الى مبادئهم الانسانية"، هو مثال للمنافسة السياسية في الجرائد الفرنسية والذي تعد قضية الاجئين من ابز نقاطه.
ارتباط مأساة اللاجئين بالقرار السياسي الاوروبي تجاه الحرب السورية، كان هو ايضا محط نقاش. فبحسب الكاتب الفرنسي Nicolas Hénin، لا يمكن فصل مشاهد الاسى والموت التي يعيشها اللاجئون عن الوضع في سوريا، ومن هنا ينطلق الكاتب في كلامه من تنويه لتوصيف فرنسوا هولاند للأزمة. "فالأسد مسؤول عن الجرائم، عن الدمار والتهجير واستمرار الحرب"، على حد قول هولاند وموافقة Hénin ، ولذلك فإن الحل بحسب الكاتب ليس فقط الاستضافة، إنما التفكير جدياً بحظر جوي ومناطق آمنة في سوريا.
الانقسام المحلي حول القضية، كان نقطة خلاف في التغطية أيضا. فكل جريدة حاولت البحث عن نقاط ايجيابية تخدم موقفها من الأزمة. "لوفيغارو" تحدثت عن محافظ Beziers الذي اعتبر ان اللاجئين غير مرحب فيهم في منطقته، فيما سلطت humanite الشيوعية الصيت الضوء على عدد كبير من المحافظين الذين يرحبون بتواجد اللاجئين في مناطق حكمهم. وتحت عنوان "المسؤولون المنتخبون يرحبون باللاجئين"، ظهر جليا ان الجريدة توجه رسالة مفادها الرأي الفرنسي الممثل ديموقراطياً عبر الانتخابات بالهاربين من حروبهم.
خرجت "لو موند"، الاثنين بعنوان ينتقد الاجراءات، على قاعدة أن "القوانين الاوروبية تتيح للاجئين التحرك بحرية"، مع صورة لعناصر امن يمنعون اللاجئين من التقدم. فيما اختارت "لو فيغارو" اليمينينة مشهدا مشابها للاجئين مع عبارة "ألمانيا تستعيد السيطرة على الحدود"، في اشارة الى الاجراءات التي اتخذتها ألمانيا لمنع تدفق الاجئين عبر حدودها مع النمسا.
وفيما خففت الصحيفتين من حجم "التخويف"، فإن غلافminute ، المجلة الاسبوعية ذات الميول اليمينية المتشددة، كان الأكثر تعصباً بين اقرانها. عبارة "لقد أتوا، ماذا نفعل؟" عبرت عن رغبة المجلة في زرع الخوف والكراهية في قلوب الفرنسيين تجاه القادمين، مستكملة الكلام عن الأمراض التي ينقلها هؤلاء معهم من بلادهم.
وليس التخويف، الا سياسة تتماهى مع راي عام فرنسي، يتخوف، وتتضاعف محاذير استقبال اللاجئين السوريين لديه. من يتصفح مواقع التواصل الفرنسية اليوم، يمكنه بسهولة استحضار حادثة "شارلي ايبدو" بوصفها نتيجة لسياسات الاستقطاب والانصهار على مدى سنوات. تعززت المخاوف، وتضاعفت مشاعر عرقية ودينية، على غرار الكثير من الدول الاوروبية، باستثناء المانيا طبعاً، وذلك إثر قرار برلين فتح حدودها قبل اسبوعين، لتعود وتتشدد باجراءاتها خلال اليومين الماضيين، ما يضع اتفاقية "شنغن" على المحك.
وفي هذه الازمة، لا مساحة للغة الانسانية، حين تصل الامور الى المسّ بالمشاعر القومية. ربما لا يكون الرسم الذي نشرته مجلة "شارلي ابدو" الفرنسية الساخرة، بتناولها مشهد جثة الطفل الكردي ايلان ممدا على شاطىء تركي، عبر رسمتين اثنين، اختلف القارؤون على تفسيرهما، الا جزءاً من حالة رفض عامة، تحاكي مشاعر الكثير من الفرنسيين، بتوصيف الرسم الثاني على انه "البرهان أن أوروبا للمسيحين".
كثرة التفسيرات التي أعطيت للرسومات قد لا تخفي مضمونها الحقيقي، والذي يرجح ان يكون نقدياً لتوجهات اليمين الفرنسي في بادئ الامر، ومنه لباقي الدول الأوروبية، نتيجة تعاملها السيئ مع اللاجئين. فاستعمال المسيح والدلالة الدينية لاوروبا، يُقرأ عل انه استفزاز لكثير ممن يؤمنون بعلمانية الدول الاوروبية، لدفعه للضغط اكثر لاستقبال اللاجئين.
حالها كحال "شارلي ايبدو"، لم تسلم جريدة "le monde" اليسارية ايضا من الانتقادات، وذلك بعيد نشرها صورة ايلان المشهورة والى جانبها اعلان لعارضة ممددة على الشاطىء في عددها الصادر يوم 3 أيلول / سبتمبر الحالي. الأمر الذي عادت واعتذرت عنه الجريدة وارجعته الى خطأ في تصميم العدد.
والى جانب العناوين والرسوم، لم تختفِ المخاوف في مضمون المقالات المنشورة. احدى المقالات في "لو موند"، تناولت الافضلية الواضحة لالمانيا على فرنسا في جذب اللاجئين وطالبي اللجوء، مع تذكير بمحطات فرنسا في استضافة الهاربين من الحروب تاريخياً. بأسلوب مستفز لحسن الضيافة لدى الفرنسيين، انطلق المقال من سؤال "هل فرنسا لا تزال تعد ملاذا؟" ليسرد تاريخيا دورها، ومن ثم أرقاما حول تقدم ألماني في هذا المجال والتشديد على اختيار العديد من السوريين لالمانيا كملاذ للجوء بدل فرنسا.
المقال في رسالته الواضحة التي تدعو الفرنسيين الى"العودة الى مبادئهم الانسانية"، هو مثال للمنافسة السياسية في الجرائد الفرنسية والذي تعد قضية الاجئين من ابز نقاطه.
ارتباط مأساة اللاجئين بالقرار السياسي الاوروبي تجاه الحرب السورية، كان هو ايضا محط نقاش. فبحسب الكاتب الفرنسي Nicolas Hénin، لا يمكن فصل مشاهد الاسى والموت التي يعيشها اللاجئون عن الوضع في سوريا، ومن هنا ينطلق الكاتب في كلامه من تنويه لتوصيف فرنسوا هولاند للأزمة. "فالأسد مسؤول عن الجرائم، عن الدمار والتهجير واستمرار الحرب"، على حد قول هولاند وموافقة Hénin ، ولذلك فإن الحل بحسب الكاتب ليس فقط الاستضافة، إنما التفكير جدياً بحظر جوي ومناطق آمنة في سوريا.
الانقسام المحلي حول القضية، كان نقطة خلاف في التغطية أيضا. فكل جريدة حاولت البحث عن نقاط ايجيابية تخدم موقفها من الأزمة. "لوفيغارو" تحدثت عن محافظ Beziers الذي اعتبر ان اللاجئين غير مرحب فيهم في منطقته، فيما سلطت humanite الشيوعية الصيت الضوء على عدد كبير من المحافظين الذين يرحبون بتواجد اللاجئين في مناطق حكمهم. وتحت عنوان "المسؤولون المنتخبون يرحبون باللاجئين"، ظهر جليا ان الجريدة توجه رسالة مفادها الرأي الفرنسي الممثل ديموقراطياً عبر الانتخابات بالهاربين من حروبهم.