الصراع الرئاسي في قطاع الإتصالات وموظفو "الخلوي" يدفعون الثمن
كيف يبدأ الإضراب وكيف ينتهي
"يُعرف كيف تبدأ الإضرابات ولا يُعرف كيف تنتهي"، تقول مصادر في نقابة موظفي الخلوي معارضة للنقيب مارك عون، مشيرة عبر "المدن" إلى أن "إضراب الصيف الماضي الذي بدأ بسبب مطلب زيادة الرواتب، انتهى بعد أسابيع الى نفس الحل الذي طرحه وزير الاتصالات في الأيام الاولى للإضراب وتم رفضه من قبل النقيب، والذي يقوم على حصول الموظفين على قسم من رواتبهم بالفريش دولار، تبدأ في الشهر الأول بـ 5 بالمئة، وتصل تدريجياً الى 25 بالمئة، وهو ما وصلنا اليه حالياً".
اليوم، تُضرب نقابة الموظفين من جديد بسبب الترقيات التي تقول النقابة انها حصلت بطرق مشبوهة خلال فترة الانتخابات النيابية، وأنها تسببت بزيادة رواتب البعض من دون البعض الآخر، ولأجل حصول الموظفين على حقهم بالزيادة السنوية التي أقرها عقد العمل الجماعي، لكنها هذه المرة تُعاني هي نفسها من انقسامات داخلية، ناتجة عن الإنقسام السياسي الحاد بداخلها. فقطاع الإتصالات كان ولا يزال يُعتبر من القطاعات الحيوية والاكثر انتاجية في لبنان، ولطالما كان قطاعاً منتجاً ويتعرض لتجاذبات سياسية متعددة، ويتحول الى ساحة صراع ومواجهاتٍ سياسية، ربما سنرى بعضاً منها قريباً في مجلس النواب الذي يستعد لفتح ملف وزراء الاتصالات جمال الجراح، نقولا الصحناوي وبطرس حرب.
في هذا السياق يُذكر نقيب موظفي الخلوي مارك عون بتحركات النقابة السابقة، مشيراً إلى أنه "كنا كلّما طالبنا بحقّنا، اعتبرها الوزير انها تحرك سياسي، وهذا الامر غير صحيح، وأعتقد أن هذه اللعبة أصبح يعلمها جيداً كلّ من الاعلام والموظفين والرأي العام". ويضيف عبر "المدن": "كلّما طالبنا بحق الموظف، يزعم الوزير أن الأحزاب تتدخل وهي من تقف خلف هذا الامر، ومن ثم تؤخد الامور من باب طائفي: "مسيحي-مسلم". وهذه هي الطريقة الرجعية بالتفكير، فالأحزاب لم تتدخل وكذلك التيار الوطني الحر أو غيره لم يفعلوا، وأنا لا أسمح لأحد بالتدخّل، نحن نريد عقد عمل جماعي يُطبّق لكل الموظفين".
صراع سياسي داخل النقابة
ترى مصادر في نقابة موظفي الخلوي المعارضة لتوجهات مسيّريها، أنه بعد تطبيق الخطة الجديدة لأسعار الخدمات التي أوقفت، ولو جزئياً، انهيار خدمة الخليوي، انبرى نقيب الموظفين لأسباب سياسية فئوية ومعروفة الأسباب والدوافع المطلوبة منه، بتحريض الموظفين للاضراب والاعتكاف عن العمل تحت شعار تحسين الأوضاع، كاشفة أن النقيب الحالي يقود حملةً ذات أهداف تتجاوز مصالح الموظفين والعاملين في القطاع، ظاهرها المطالبة بحقوق وثقها وكرسها عقد العمل الجماعي منذ ما يناهز العشر سنوات بين الادارات الخاصة التي كانت تدير القطاع ونقابة الموظفين باشراف الوزارات المختصة، وباطنها غايات سياسية مبيّتة مرتبطة بتصفية الحسابات بين بعض الجهات الحزبية ولها علاقة مباشرة بالانتخابات الرئاسية.
لتوضيح الأمور، فإن نقيب موظفي الخلوي ينتمي الى التيار الوطني الحر، بينما معروف أن التوجه السياسي لوزير الإتصالات هو تيار المردة، والخلاف القائم بين التيارين انتقل الى قطاع الإتصالات بحسب المصادر، إذ تُشير الى أن النقيب مارك عون يستهدف اليوم من حُرم طيلة عقود من الترقيات ومُنعت عنهم المكافآت من قبل وزراء خطه السياسي، ويسعى لشق صفوف الموظفين بسبب ترقياتٍ ضرورية حصلت وتزامنت مع رفع أسعار خدمات الخلوي.
الترقيات والخلاف السياسي
لم تسلم شركات الخلوي من موجات الهجرة التي ضربت لبنان، فغادر منها ما يزيد عن 400 موظّف، وفرغت مواقع داخل الشركات، فتقدّم إليها من يناسب الشروط المطلوبة، وتم ترقية عدد من الموظفين، ينتمون الى أكثر من تنظيم سياسي، ومنهم التيار الوطني الحر.
وهنا تكشف المصادر أنها المرة الاولى التي يتم فيها ترقية من يستحق الترقية، على عكس ما يروّج له النقيب وأصدقاؤه الذين يتحدثون عن ترقيات للمحظيين، وذلك لأسباب عدة أبرزها أن عدد الشواغر كان كبيراً، وأن التيار الوطني الحر لم يعد قوياً ومسيطراً كما في السابق، مشددة على أن الامر لم يخل من تدخلات سياسية، كتلك التي قام بها وزير في حكومة تصريف الاعمال، فرض تعيين أحد الأشخاص الذي "يخصّ" ضابطاً كبيرا في قوى الأمن الداخلي، في مسؤولية أحد الأقسام داخل "ألفا"، إنما هذا الأمر يجب على النقيب ومن معه تسميته بشكل واضح، إن كانوا فعلاً يستهدفون المصلحة العامة، من دون أن يُضرب حق الذين تلقوا الترقية وهم المحرومون منها منذ سنوات بسبب التجاذبات السياسية.
تحدثت "المدن" مع احد الموظفين الذين حصلوا على ترقية مؤخراً ويرفض الكشف عن اسمه "خوفاً من الانتقام"، كونه بحسب ما يقول قد عانى سابقاً من "الظلم نتيجة الانتماءات السياسية". ويضيف: "تقدمت الى المركز الجديد بعد هجرة من كان يشغله، وأنا أملك المؤهلات اللازمة، وأعمل بشركة تاتش منذ 10 سنوات وأكثر، وأستحق الترقية منذ فترة، فلماذا لا أحصل عليها".
ويُشير الموظف الى أنه في السابق، كان يحصل فريق واحد على كل "الزبدة" من الترقيات، التي تشكل أمراً طبيعياً يحصل بشكل دائم في الشركات، واليوم يريدون تحميلنا مسؤولية ما يجري لهم في السياسة، ويُدخلون القطاع في آتون المعارك الرئاسية.
هذا الأمر يرد عليه النقيب مارك عون بالتاكيد على أن المشكلة ليست بالموظف الذي حصّل حقه بالواسطة، ولو كنا ضد هذه الطريقة، إنما هي بعدم حصول الجميع على حقوقهم. ويضيف: "كان الوزير قد وعد وصرّح على الاعلام أن الجميع سيحصل على حقوقه بعد رفع التعرفة، وزرناه كنقابة لكنه أجّل الأمر بحجّة صيانة الارسال، ولكنه لم يفعل، وعندما زرناه مرّة أخرى، لم يتغيّر شيئ ولم يقبل بل كان الردّ بالصراخ.
مطلب محقّ
تطالب نقابة الموظفين اليوم بالحصول الفوري على زيادات الرواتب المستحقة بحسب عقد العمل الجماعي، وهي تشكل زيادة 25 بالمئة على الراتب، إذ أن العقد يعطي الموظف زيادة 5 بالمئة سنوياً، وهذه الزيادات معلقة منذ العام 2018، وفي هذا المطلب، لا يعارض الموظفون بعضهم، ولا مشكلة بالسعي خلفه، لكن بحسب المصادر المعارضة، فإنه لا يجوز استثمار المطالب المحقة لتوجيه رسائل سياسية، ومن يستمع لخطابات النقيب يُدرك هذا الأمر.
بالنسبة الى وزارة الإتصالات فإن الزيادات اليوم غير متاحة لان ذلك يعني تحميل القطاع عبئاً ليس باستطاعته تحمله، وتُشير مصادر الوزارة عبر "المدن" إلى أن ما يحصل عليه الموظف اليوم لا يحصل عليه أي موظف آخر في الدولة اللبنانية، فهو يحصل على راتب معدله 2000 دولار أميركي على الأقل، يتقاضى 25 بالمئة منه "فريش" والباقي سيكون على أساس الـ 15 ألف ليرة بعد شهرين.
وتكشف المصادر لـ"المدن" أن الوزارة لن تقف متفرجة على محاولات ضرب القطاع في سياق النكايات السياسية، وهي لن تتوانى عن تسمية الأمور بأسمائها عندما يحين الوقت المناسب.
بينما نقيب موظفي الخلوي يؤكد أن "الشركات أبلغتنا أنها قادرة على دفع الزيادة، ووافقنا على مبدأ التقسيط، وقدّموا الارقام للوزارة، وطلبوا أن نتوجه للوزارة، وعندما فعلنا، قوبلنا بالرفض من قبل الوزير، ونحن نطالب بالزودات وفقا لعقد العمل الجماعي، وأعلنا الاضراب لهذا السبب، ولا تراجع عنه فهو حق، معتبرا أنه كالعادة هناك طرق قمعية يحاول الوزير القيام بها عن طريق التهديد بالراتب، ونتذكرعندما أضربت أوجيرو، صرّح حينها أيضا انه يمكن للجيش أن يستلم مباني اوجيرو، والجيش استنكر ذلك.
وحول عدم مشاركة تاتش بالإضراب، فإن ادارة تاتش بحسب عون "عم تبيّض طناجر" مع الوزير، والمدير العام "خائف على نفسه، لأجل التجديد له بعد شهرين، كاشفاً أن الادارة هي من تعمم هذه الاشاعة، فالموظفون مضربون عن العمل.