صفقات السلسلة: صيف وشتاء تحت سماء واحدة

خضر حسان
الجمعة   2018/03/02
وزير الصحة رفض إعطاء غلاء معيشة بدل السلسلة (المدن)
ينفذ موظفو المؤسسات العامة إضرابات واعتصامات متكررة للمطالبة بسلسلة الرتب والرواتب، علماً أن قانون السلسلة رقم 46 قد أقر، وحصلت الإدارات العامة والعسكريين وأساتذة التعليم الثانوي على السلسلة. فمن هي الجهات التي لم تحصل عليها بعد، وهل تستحقها فعلاً؟

الاستحقاق نص عليه القانون رقم 46 الذي أعطى جزءاً من موظفي الدولة السلسلة بآلية دفع مباشر، لكن بالنسبة للمؤسسات العامة، تولّى التعميم رقم 29 الذي أصدره رئيس الحكومة سعد الحريري في كانون الأول 2017، تحديد آلية الدفع، وهنا تكمن الأزمة.

رغم وضوح التعميم، فإن الدفع لم يحصل بعد، بل أدخل الملف في مزيد من التعقيدات. فالتعميم يميّز بين المؤسسات العامة الخاضعة لقانون العمل، وهي المؤسسات ذات الطابع الاستثماري وتعتمد على وارداتها الذاتية لتغطية نفقاتها، مثل مؤسسة كهرباء لبنان وهيئة أوجيرو والمستشفيات الحكومية وغيرها، وبين المؤسسات العامة غير الخاضعة لقانون العمل، والتي تغطّي نفقاتها من مساهمات تلحظ في الموازنة العامة للدولة، مثل مؤسسة إيدال ومجلس الإنماء والإعمار. وفي الحالة الأولى، يُعطى الموظفون السلسلة بعد التوافق على كلفتها بين وزارات الوصاية ووزارة المالية، ويصدر ذلك بمرسوم عن مجلس الوزراء. اما الحالة الثانية، فلا يعطى الموظفون سلسلة، وإنما يعطون غلاء معيشة.

تحاول نقابات موظفي الإدارات العامة الضغط عبر الإضرابات والاعتصامات المتكررة، ويبدو أن بوادر الحل تلوح في الأفق، على حد تعبير رئيس الإتحاد العمالي العام بشارة الأسمر، الذي يؤكد خلال حديث إلى "المدن"، على ان "وزارة المال طلبت من أوجيرو بعض الاستفسارات. تم تقديمها، والأمور إيجابية". وتنسجم هذه الإيجابية مع تلك المتعلقة بموظفي مؤسسة الكهرباء، ومع تلك التي يبديها المتحدث باسم موظفي المستشفيات الحكومية، بسام العاكوم، إذ يشير في حديث إلى "المدن"، إلى وجود "مؤشرات يمكن التعويل عليها للقول بأن الملف يتّجه نحو الإيجابية. فملف موظفي المستشفيات الحكومية بات في موضع النقاش لدى وزارة الصحة حول كيفية تطبيق السلسلة، وحول تعديل دوام العمل، ووزير الصحة تقدّم بمرسوم للأمانة العامة لمجلس الوزراء يتضمن أطر الحل، ويبقى ان يؤخذ رأي وزارة المال في المقترحات الواردة في المرسوم. وهذه الخطوة تأتي بعد إهمال الوزارات المعنية لمطالب موظفي 30 مستشفى حكومي".

المؤشرات الإيجابية ليست نهائية، إذ يرى الأسمر أن عرقلة الملف كانت تحصل دائماً، وقد تم مراراً "عدم الإلتزام بالإتفاقات". منتقداً إلقاء الدولة حمل السلسلة على الموظفين والناس عموماً، لأن "الدولة هي من يجب أن يتحمل مسؤولية تمويل السلسلة التي يمكن أن تموّل بوقف الهدر والتهرب الضريبي وغيرها".

قلق الأسمر يرافقه تأكيد مصادر متابعة للملف، وجود عراقيل جديدة ستخترعها الوزارات، وستحاول من خلالها "تحويل الأنظار من وجوب دفع السلسلة الى التوافق على دفع غلاء معيشة مقطوعة"، وفق مصادر لـ"المدن".

توضح المصادر أن "هناك محاولات من وزارات الوصاية ووزارة المال لإيجاد حل لملف السلسلة المتعلقة بالمؤسسات العامة الخاضعة لقانون العمل. لكن هل يتم ذلك بنية صافية؟ هناك علامات استفهام تأتي نتيجة ملاحظة مسار تعاطي الوزارات مع ملف السلسلة منذ بدايته. فالوزارات تريد أن تعرف تحديداً كلفة السلسلة في هذه المؤسسات، والدولة لم تقدّر جيّداً كلفة السلسلة عندما وافقت على القانون وأعطتها لإدارات الدولة والعسكريين والأساتذة، إذ وجدت أن الكلفة أكبر مما تم تقديره. والضرائب التي فرضت لم تحصّل الأكلاف المطلوبة. لذلك تحاول الالتفاف على القانون للحد من تكاليف السلسلة". وأبرز محاولة، هي "إقناع موظفي المؤسسات العامة بأخذ غلاء معيشة وليس سلسلة". وضمن هذه المحاولة، "هناك تخوف من إدخال موظفي المؤسسات العامة في دوامة صفقات جانبية يستفيد منها طرف على حساب طرف آخر. كأن يُعطى مبلغ مقطوع لموظفي المستشفيات، على سبيل المثال، ويتوقفون عن المطالبة بالسلسلة، لتتفرغ الدولة لإيجاد حل لموظفي أوجيرو أو مؤسسة الكهرباء".

هذا التخوف يجد ما يبرره من خلال الكشف عن "محاولة عقد صفقة في وزارة الصحة بين بعض المتنفذين في الوزارة، وبين بعض مديري المستشفيات، تقضي بموافقة الموظفين على زيادة مقطوعة تراوح بين 200 و250 ألف ليرة، مقابل السكوت عن السلسلة. لكن وزير الصحة غسان حاصباني عندما علم بهذا المخطط رفضه كلياً".