"السياحة العلاجية": بعض المستشفيات "فنادق 5 نجوم"
يعتمد الاقتصاد اللبناني بشكل أساسي على قطاع السياحة والخدمات، ولا تنحصر السياحة بصورتها الترفيهية، وانما تضم السياحة العلاجية أيضاً. وتساهم السمعة الجيدة للقطاع الطبي في لبنان، بإزدهار هذا النوع من السياحة، بالإضافة الى مسارعة بعض المستشفيات ومراكز العلاج الى تخصيص أسرّة وأجنحة، لا تُفتح أمام أي مريض "عادي". كما يساهم ارتفاع معدل الاقبال على العمليات التجميلية في تعزيز هذه السياحة.
وبالرغم من عدم القدرة على تصنيف القادمين الى لبنان بين سياح عاديين أو مرضى، نظراً الى ان "غالبية الافراد لا يرغبون بالإفصاح عن سبب مجيئهم، كما أن الاطباء يتحفظون جداً عن إعطاء المعلومات في هذا الشأن، خصوصاً أن معظم الخاضعين لعمليات التجميل يأتون من دول الخليج"، يبقى تصنيف بعض المستشفيات كـ"فنادق 5 نجوم" أمراً صحيحاً، بحسب نقيب المستشفيات الخاصة سليمان هارون. اذ يشير هارون لـ "المدن" الى ان "هناك بعض المستشفيات يقوم بجهد كبير لاستقبال فئات معينة من الناس ويخصص لهم أجنحة خاصة، ولكن هذا لا ينطبق على جميع المستشفيات، إذ أن غالبيتها تستقبل الجميع في الغرف نفسها". وخلال مشاركته في مؤتمر السياحة العلاجية الذي انعقد في "فندق لو غراي" في وسط بيروت، رأى هارون ان "بإمكان المستشفيات اللبنانية إستيعاب نحو 200 ألف حالة إستشفائية سنوياً"، وأضاف انه بالإمكان "إستقبال عدد أكبر من السياح عبر تنظيم حالات الدخول والعمليات"، وأشار الى ان "كلفة الطبابة في لبنان متدنية بالمقارنة مع الدول الأخرى، لكنها قد تكون مكلفة على المواطن اللبناني نظراً لتدني مستوى الدخل الفردي".
في الاطار نفسه، يؤكد مدير العناية الطبية في وزارة الصحة جوزيف الحلو لـ "المدن"، ان لبنان "معروف تاريخيا بالسياحة الصحية، فكل العرب يأتون إلينا لتلقي العلاج، وقد تكون نسبة الوافدين قد تدنت في الوقت الراهن نظراً للظروف التي يمر بها البلد"، ولم ينفِ الحلو "تخصيص عدد من المستشفيات الخاصة لجزء من أقسامها للسياحة العلاجية".
انتشار ظاهرة تخصيص أسرّة وأجنحة في المستشفيات الخاصة، يدل على ارتفاع حجم السياحة العلاجية، حتى في ظل غياب الإحصاءات الدقيقة. لكن ظاهرة التخصيص هذه غير مقبولة لدى وزارة الصحة، التي تحاول تطوير السياحة العلاجية وفق "ضوابط تساهم في تطوير هذه السياحة، وذلك من خلال إقفال المراكز غير المؤهلة والتي لا تستوفي الشروط اللازمة، مما يساهم في دعم السياحة العلاجية"، كما قال وزير الصحة وائل أبو فاعور في كلمته في المؤتمر. ولفت أبو فاعور الى ان "حجم السياحة العلاجية في الدول العربية بلغ 9 مليارات دولار، لذا يجب أن تكون هناك خطة منظمة من قبل المؤسسات المعنية في لبنان، والنظر فيما يمكن أن تقدمه وزارة الصحة من مساعدة في هذا الإطار".
وكدليل على توسيع رقعة النشاط السياحي العلاجي، طرح مصرف "فيرست ناسيونال بنك" بين العامين 2006-2007، قروضاً تجميلية ميسرة للراغبين بإجراء عمليات تجميل، تحت عنوان "الجمال لم يعد رفاهية"، وقد أدرج هذا القرض لاحقاً ضمن "القرض الشخصي"، وفق ما يوضح مدير التسويق في المصرف عادل نصرالله، في حديث لـ "المدن".
يبقى أن تطوير "السياحة العلاجية" في لبنان يتطلب تضافر كل الجهود للارتقاء به، إذ أنه يساهم في تحريك العجلة الإقتصادية. وعلى الرغم من أن السياحة الطبية في لبنان تسير على الخط الصحيح، إلاّ أنها لا تزال الى حد ما، كبقية القطاعات السياحية، غير منظمة وتفتقر إلى البنية التحتية الضرورية لقيام مشاريع جديدة ولتعزيز المشاريع القائمة بعيداً من الإفادة الشخصية ومراكمة الأرباح.