إيران:منافع الحرب السورية

جهاد اليازجي
الجمعة   2015/05/22
كان متوقعاً أن يتم خلال زيارة ولايتي لسوريا توقيع اتفاق بمنح خط اعتماد لسوريا (ا ف ب)


لمناسبة زيارة مستشار المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية في إيران على أكبر ولايتي إلى دمشق، وقّعت إيران وسوريا في 19 أيار الجاري عدداً من الاتفاقيات الاقتصادية. وزيارة ولايتي، هي واحدة من سلسلة زيارات قام بها العديد من المسؤولين الإيرانيين إلى دمشق في الآونة الأخيرة، وترسل طهران عبر هذه الزيارات إشارات دعم إلى حليفها في دمشق.
اما الاتفاقيات الموقعة فقد شملت قطاعات الصحة، النفط، الكهرباء، الصناعة، والاستثمار. وقد وافقت إيران، بشكل خاص، على متابعة تزويد سوريا بمشتقات النفط، الأدوية، وتوريد المعدات والقطع التبديلية اللازمة لشبكة الكهرباء السورية. واتفق الطرفان أيضا على مناقشة خطوات تطوير العلاقات التجارية بهدف إقامة منطقة تجارة حرة بينهما. ومع ذلك، فان إحدى الاتفاقيات التي كان ينتظر توقيعها ولم توقّع، تتعلق بمنح إيران خطاً اعتمادياً لسوريا.


في عام 2013 قدمت إيران 4.6 مليار دولار لمساعدة سوريا في تغطية نفقات مستورداتها من النفط وغيره من البضائع. أنفقت هذه الأموال، ولكن دمشق التي تعوزها الأموال، تحاول الآن الحصول على مساعدة جديدة. ولهذا الغرض طلبت دمشق في خريف عام 2014 من موسكو قرضاً بمليار دولار، الا أن الحكومة الروسية رفضت الطلب.
وكان من المتوقع هذه المرة التوقيع على اتفاقية كهذه، إذ سبق لحاكم مصرف سوريا المركزي أديب ميالة، أن قال في السادس من أيار الجاري إن إيران ستقدم لسوريا في وقت قريب خطاً اعتمادياً جديداً بقيمة مليار دولار. في حين قالت الصحافة السورية، يوم الثلاثاء الماضي، إن التوقيع على اتفاقية للحصول على هذا المليار سيتم خلال زيارة ولايتي. لكن ذلك لم يحصل، ولم يتضح السبب حتى الآن. ربما يتعلق الأمر بالصعوبات المالية التي تعاني منها طهران في الوقت الراهن، حيث ما زالت العقوبات الدولية المفروضة عليها سارية المفعول، وربما يكون الامر ايضا اشارة الى عدم توصل الطرفين بعد الى اتفاق حول شروط المساعدة الجديدة.
بالطبع، ظهرت في الآونة الأخيرة تقارير تفيد برغبة إيران في الحصول على ضمانات من الحكومة السورية على شكل أملاك عقارية أو غيرها من الموجودات الحكومية مقابل المساعدات التي قدمتها. يبدو أن القلق يساور الإيرانيين بأنهم لن يتكمنوا ابداً من استرداد الأموال التي سبق وقدموها للحكومة السورية، كما أنهم يريدون أيضا على الأرجح الاستفادة من اعتماد الحكومة السورية عليهم لتوسيع نفوذهم في سورية. إذ يرى العديد من المحللين أن المرسوم الذي يسمح بإنشاء شركات قابضة تتولى ادارة أملاك المدن السورية، يمكن أن يكون وسيلة تتيح للإيرانيين السيطرة على أملاك عامة سورية.
وحتى لو لم تحصل إيران على كل ما تريد من خلال مفاوضاتها في دمشق، فانه ليس من المرجح ان تقوم، في المدى المنظور، بوقف تمويل حليفها في دمشق، أقله ضمن الحدود الدنيا اللازمة لابقائه واقفاً على قدميه، فقد سبق لها أن أنفقت الكثير في الحرب السورية ولا يمكنها الاستسلام الآن.


لكن، إذا كانت دمشق تتطلع إلى مبالغ أكبر، فإنّ إيران ستستغّل ضعف النظام، المعتمد عليها أصلاً من ناحية الدعم العسكري والسياسي، للحصول على منافع أكبر. وإذا كانت إيران تسعى للحصول على ضمانات مقابل المساعدة التي تقدمها لسوريا، وبالتالي الاستحواذ على أملاك سورية مهمة، فإنها ستضمن عندئذ لنفسها تأثيراً سياسياً كبيراً في دمشق، يستمر لما بعد سقوط النظام.