سوريا: مجلس الشعب "يشرعن" الذهب المهرّب..للحصول على الدولار

بلقيس أبو راشد
الأربعاء   2014/12/24
هل يجرؤ التجار على التصريح عن كميات الذهب لديهم؟ (ا ف ب)


يسعى النظام السوري لتأمين مصادر دخل جديدة لتعويض استنزاف احتياطي القطع الأجنبي، ولهذا الغرض أقر مجلس الشعب مؤخراً قانوناً يسمح بتسوية أوضاع سبائك الذهب غير الشرعية، مقابل 100 دولار عن كل كيلوغرام. القرار الجديد الذي لا يخضع صاحبه لأي مساءلة قانونية، يهدف من ورائه النظام إلى تحصيل قطع أجنبي إضافي للخزينة، حيث من المفترض أن يتم دفع 100 دولار لكل كيلوغرام من الذهب تتم تسوية وضعه، أي ما قيمته 20 ألف ليرة لكل كيلوغرام (استناداً الى سعر صرف 200 ليرة للدولار الواحد).
قرار النظام هذا أشبه بـ "التاجر المفلس الذي يعود لدفاتره القديمة"، على ان مجلس الشعب علّل قراره بأنه يهدف إلى "تسوية وضع الذهب الخام الموجود في سوريا بشكل نظامي، وبالتالي منح رخصة حيازة للمالكين، إضافةً إلى أن القانون سيمكن الجهات المعنية من ضبط العمليات المشتبه بها حول تجارة الذهب". غير أن تبريرات مجلس الشعب لم ترق للكثير من المتعاطين في الشأن الإقتصادي والمالي السوري، حيث رأى أحد الخبراء الإقتصاديين السوريين (فضّل عدم الكشف عن اسمه)، أنّ "نظام الأسد يهدف بالدرجة الأولى لإضفاء الصفة القانونية على كميات كبيرة من الذهب، حصل عليها أتباعه من الضباط والمقربين منه بطرق غير قانونية ومن دون أي مساءلة قانونية عن مصدرها، مستغلين الظروف التي تمر بها البلد، خاصة أنه أصبح من المخاطرة نقل تلك الكميات والتصرف بها". وشكك في إقدام الأشخاص غير المقربين من السلطة على التصريح عما يملكون. وأضاف أن "عمليات تهريب الذهب مستمرة، لاسيما بوجود فرق في الأسعار محلياً وعالمياً، سببه ارتفاع سعر صرف الدولار مقابل الليرة السورية".


القانون الذي يهدف في ظاهره الى تسوية أوضاع آلاف الأطنان من الذهب التي دخلت إلى سوريا طيلة عقود، من دون وجود رقم دقيق حول حجمها، يحمل في باطنه نوايا مغايرة لتلك المعلنة، لأن المستفيد منه هو كبار المسيطرين على البلاد، والذين لم يوفّروا فرصة للإستفادة من قرارات النظام، خاصة في مسألة الذهب، الذي يبلغ إحتياطي المصرف المركزي منه حوالي 26 طنا، وفق تقديرات مجلس الذهب العالمي، لكن الرقم الحقيقي والدقيق يبقى بعهدة المصرف المركزي. لكن سواء كشف المركزي عن حجم احتياطه من الذهب أم لا، يؤشر حجم التهريب الى ضخامة سوق التعامل في الذهب في سوريا، حيث "يتم تهريب طن من الذهب يومياً من وإلى سوريا، أي 360 طناً سنوياً"، في حين أن الذهب الموجود في السوق والمصرح عنه "هو 300 طن"، وفق ما صرح به رئيس جمعية الصاغة السابق جورج صارجي. غير أنّ الخبير الإقتصادي المذكور أعلاه لم ينفِ وجود التهريب بشكل كبير، إلا أنه يشكك في حجم الذهب المهرّب، الذي أعلنه صارجي.


القرار يأتي ليعترف ضمناً بوجود كمياتٍ من الذهب غير مصرح عنها، لكن هل فعلاً هناك من سيتجه لتسوية وضع ما يملكه من ذهب مخالف؟ يبدو أن الإجابة تميل الى النفي، استناداً الى واقع معاش، يعبر عنه "أبو ضياء" صاحب إحدى ورشات الذهب في دمشق، حيث يقول: "جميع الجهات المعنية في سوريا تعلم بأن الصاغة يعيشون من تهريب الذهب، لاسيما في ظل ما تعيشه البلاد، وعرقلة قوانين استيراد الذهب الخام وتصدير المشغول منه، ومن لديه سبائك خام، لن يقدم على التصريح عنها، لعدة أسباب أهمها أن الصاغة يعتبرونها مخزوناً لهم في أوقات الشدة، ومن ناحية ثانية، لا أحد يرشد الحرامي إلى خزنته، فالظرف الأمني لا يساعد، فكل كيلوغرام من الذهب يساوي ثمانية ملايين ليرة، أي حوالي 40 ألف دولار".