افتتاح مهرجان المسرح الجامعي... كارل ماركس راجع

ربيع شامي
الأربعاء   2024/07/10
جيني كانت معترضة على كتاب "رأس المال" لأن العمال لن يفهموه
تستضيف الجامعة اللبنانية الأميركية (LAU)، مهرجان المسرح الجامعي في دورته الـ19 التي ستنعقد في حرم بيروت، من 8 تموز الحالي إلى 11 منه. يتضمن المهرجان عروضاً مسرحية من مختلف الجامعات اللبنانية لتقديم العروض وتبادل الأفكار والخبرات والتواصل وإقامة الورش الفنية. 

تتخلل المهرجان عروض من الجامعة اللبنانية (كارل ماركس المجيء الثاني – الخادمتان – تك تك بوم)، وجامعة بيروت العربية (بقلوايا)، وجامعة الروح القدس في الكسليك (اهل الكهف – الاغتصاب)، والجامعة اللبنانية الأميركية (عائلة بلا رب – هيدا اسمي – مشاعر مقيدة) وستكون هناك أيضًا ورش عمل ومحاضرات لرائدة طه، وخالد العبد الله، وحسن صادق، بالإضافة إلى حفلات موسيقية لكورال الجامعة اللبنانية الأميركية وكورال قاديشا ونادي الموسيقى في الجامعة اللبنانية الأميركية. 

جيني لم يعجبها "رأس المال"
يعود كارل ماركس من الموت، ساعة واحدة فقط، لزيارة بيروت ومناقشة الأحوال الاقتصادية، الدينية، الاجتماعية والسياسية في إطار كوميدي ساخر، إذ يقوم بنقد ما يحدث في لبنان والعالم عن طريق نقده لنفسه أولاً. يغتنم ماركس هذه الفرصة ليتحدث عن صفحات غير معروفة من حياته وعائلته ومشاكله الشخصية وصداقاته وأفكاره، وذلك عن نص "ماركس في سوهو" للكاتب المسرحي والناقد الاجتماعي السياسي الأميركي هوارد زين، اقتبسه وأخرجه في بيروت رالف العسراوي، وقم بتمثيله عامر فياض.

تبدأ المسرحية عندما يهبط "شبح ماركس" على خشبة المسرح ويبدأ بالحديث مع المشاهدين.

يشكو من فكرة أن "ماركس مات". يعارض بشدة فكرة الليبراليين هذه ويطالب الجمهور بأن ينشر عبارة "لقد عاد ماركس". ثم يستذكر الوقت الذي قضاه في سوهو الإنكليزية، ويخبرنا كيف تمكن من إدارة أسرته بعدما رهن كل قطعة ثمينة تقريبًا من أجل بقائهم على قيد الحياة، حتى ملابسه وأحذيته. يتحدث ماركس عن زوجته جيني طوال المسرحية التي كان لها التأثير الكبير في حياته، هي التي نسخت مخطوطاته لأنها الوحيدة التي تستطيع فهم خط يده الفظيع. عندما عانى ماركس من الدمامل المؤلمة، كانت جيني قرب سريره في منتصف الليل تعتني به. يذكرنا بأنها كانت أيضاً من أشد منتقديه في كل شيء، كانت تعتقد أن كتاب "رأس المال" ثقيل جداً على القراءة وطلبت من ماركس ان يحلل نظرية القيمة الزائدة بطريقة واضحة للغاية حتى يمكن العمال من فهمها.



من خلال المسرحية، نتعرف على "إليانور" الطفلة النابغة ابنة ماركس، التي كتبت إلى إنجلز نيابة عن المتمردين البولنديين ضد روسيا. إليانور ناشطة نسوية، عاشقة شغوفة للأدب، ومترجمة في سن مبكرة لمسرحية مدام بوفاري وغيرها لفلوبير ومسرحيات إبسن.

في هذه المسرحية، يتحدث ماركس أيضًا عن ميخائيل باكونين، الفوضوي الروسي الذي تشاجر كثيرًا مع ماركس. ومن هذه الصفحات الشخصية التاريخية، يعود ماركس الى يومنا ليتحدث بسخرية عن كل ما يحدث في الاقتصاد العالمي الجديد، ينتقد حقبة "ما بعد ماركس". ينتقد بشدة النظام السوفياتي السابق ويصرخ بغضب: "هل يمكن أن تطلق النار على أولئك الذين يختلفون معك؟".

نحو ساعة من الزمن، عاد خلالها كارل ماركس إلى الأرض، كان ساخراً من كل شيء، من نفسه أولاً، ومن ظروف العالم وما يفعله قادته. حاكَم نفسه أولاً، دعا لإعادة النظر في كل شيء، والانحياز الى الأخلاقيات الإنسانية، اختتم زيارته بعبارات مثل: "أعطوا الناس ما هم بحاجة إليه، الطعام والدواء والهواء النظيف والماء النقي، أعطوهم أشجاراً وعشباً، أعطوهم بيوتاً تُسرّ نفوسهم بالعيش فيها، أعطوهم بضع ساعات للعمل وساعات أكثر للفراغ، لا تسألوا عمن يستحق ذلك. كل كائن بشري يستحق هذا الأمر. هل كرهتم عودتي وإزعاجي لكم؟".

نحو ساعة من الزمن، حضر الممثل عامر فياض بشكل آسر في دراما مكتوبة بحرفة مبسطة وساخرة، لكنها مكثفة في لغة النقد والتأريخ لصفحات مجهولة من حياة كارل ماركس الشخصية. عاد ماركس من دون الدخول في جدال مع الرأسمالية، كان المونولوغ الطويل عبارة عن اعترافات شخصية وعائلية وإنسانية، اختتمه بالدعوة للحديث عن ثروات الأرض المذهلة من أجل البشر: "أعطوا الناس ما يريدون وحاجتهم... لا تسألوا مَن يستحقها".